للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والكسر أفصح

وهو أبرويز بن هرمز بن أنو شروان وليس هو أنو شروان (فلما قرأه)، وللحموي والمستملي قرأ بحذف الهاء أي قرأ كسرى الكتاب (مزقه) أي خرقه. قال ابن شهاب الزهري: (فحسبت أن ابن المسيب) بفتح المثناة التحتية وكسرها. قال السفاقسي: وبالفتح رويناه (قال) ولما مزقه وبلغ النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذلك غضب (فدعا عليهم رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن) أي بأن (يمزقوا) أي بالتمزيق فإن مصدرية (كل ممزق) بفتح الزاي في الكلمتين أي يمزقوا غاية التمزيق، فسلط الله على كسرى ابنه شيرويه فقتله بأن مزق بطنه سنة سبع فتمزق ملكه كل ممزق وزال من جميع الأرض واضمحل بدعوته -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-. ووجه الدلالة من الحديث كما قال ابن المنير: أنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لم يقرأ الكتاب على رسوله، ولكن ناوله إياه وأجاز له أن يسند ما فيه عنه، ويقول: هذا كتاب رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، ويلزم المبعوث إليه العمل بما فيه وهذه ثمرة الإجازة في الحديث. وفي هذا الحديث من اللطائف التحديث بالجمع والإفراد والعنعنة والإخبار، ورجاله كلهم مدنيون وفيه تابعي عن تابعي، وأخرجه المؤلف في المغازي وفي خبر الواحد وفي الجهاد، وهو من أفراده عن مسلم، وأخرجه النسائي في السير.

٦٥ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَبُو الْحَسَنِ قال أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: كَتَبَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كِتَابًا -أَوْ أَرَادَ أَنْ يَكْتُبَ- فَقِيلَ لَهُ: إِنَّهُمْ لَا يَقْرَءُونَ كِتَابًا إِلَاّ مَخْتُومًا، فَاتَّخَذَ خَاتَمًا مِنْ فِضَّةٍ نَقْشُهُ: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ. كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى بَيَاضِهِ فِي يَدِهِ، فَقُلْتُ لِقَتَادَةَ: مَنْ قَالَ نَقْشُهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ؟ قَالَ أَنَسٌ. [الحديث ٦٥ - أطرافه في: ٢٩٣٨، ٥٨٧٠، ٥٨٧٢، ٥٨٧٤، ٥٨٧٥، ٥٨٧٧، ٧١٦٢].

وبه قال (حدّثنا محمد بن مقاتل) بصيغة الفاعل من المقاتلة بالقاف والمثناة الفوقية وكنيته (أبو الحسن) المتوفى آخر سنة ست وعشرين ومائتين ولابن عساكر أبو الحسن المروزي (قال: أخبرنا) وللأصيلي حدّثنا (عبد الله) بن المبارك لأنه إذا أطلق عبد الله فيمن بعد الصحابة فالمراد هو (قال: أخبرنا شعبة) بن الحجاج (عن قتادة) بن دعامة السدوسي (عن أنس بن مالك) وسقط لأبي ذر وابن عساكر ابن مالك رضي الله عنه (قال):

(كتب النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أي كتب الكاتب بأمره (كتابًا) إلى العجم أو إلى الروم كما صرّح بهما في كتاب اللباس عند المؤلف (أو أراد أن يكتب) أي أراد الكتابة فأن مصدرية وهو شك من الراوي أنس (فقيل له) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (إنهم) أي الروم أو العجم (لا يقرؤون كتابًا إلا مختومًا) خوفًا من كشف أسرارهم ومختومًا نصب على الاستثناء لأنه من كلام غير موجب، (فاتخذ) عليه الصلاة والسلام (خاتمًا من فضة نقشه) بسكون القاف مبتدأ (محمد رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) مبتدأ وخبر والجملة خبر عن الأول، والرابط كون الخبر عين المبتدأ كأنه قيل نقشه هذا المذكور (كأني أنظر إلى بياضه) حال كونه (في يده) الكريمة وهو من باب إطلاق الكل وإرادة الجزء وإلا فالخاتم ليس في اليد بل في إصبعها وفيه القلب لأن الأصبع

في الخاتم لا الخاتم في الأصبع ومثله عرضت الناقة على الحوض. قال شعبة: (فقلت لقتادة) ابن دعامة (من قال نقشه محمد رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال أنس) قاله.

٨ - باب مَنْ قَعَدَ حَيْثُ يَنْتَهِي بِهِ الْمَجْلِسُ، وَمَنْ رَأَى فُرْجَةً فِي الْحَلْقَةِ فَجَلَسَ فِيهَا

(باب) حكم (من قعد حيث) بالبناء على الضم وموضعه نصب على الظرفية (ينتهي به المجلس ومن رأى فرجة) بضم الفاء فعلة بمعنى المفعول كالقبضة بمعنى المقبوض (في الحلقة) بإسكان اللام لا بفتحها على المشهور قال العسكري هي كل مستدير خالي الوسط والجمع حلق بفتح الحاء واللام (فجلس فيها) أي في الفرجة وفي رواية إليها، وإنما قال في الحلقة دون أن يقول في المجلس ليطابق لفظ الحديث، وقال في الأوّل به المجلس لأن الحكم فيهما واحد.

٦٦ - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ أَنَّ أَبَا مُرَّةَ مَوْلَى عَقِيلِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَخْبَرَهُ عَنْ أَبِي وَاقِدٍ اللَّيْثِيِّ "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَيْنَمَا هُوَ جَالِسٌ فِي الْمَسْجِدِ وَالنَّاسُ مَعَهُ، إِذْ أَقْبَلَ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ، فَأَقْبَلَ اثْنَانِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَذَهَبَ وَاحِدٌ. قَالَ فَوَقَفَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَأَمَّا أَحَدُهُمَا فَرَأَى فُرْجَةً فِي الْحَلْقَةِ فَجَلَسَ فِيهَا، وَأَمَّا الآخَرُ فَجَلَسَ خَلْفَهُمْ، وَأَمَّا الثَّالِثُ فَأَدْبَرَ ذَاهِبًا. فَلَمَّا فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: أَلَا أُخْبِرُكُمْ عَنِ النَّفَرِ الثَّلَاثَةِ؟ أَمَّا أَحَدُهُمْ فَأَوَى إِلَى اللَّهِ تَعَالى فَآوَاهُ اللَّهُ إلَيْهِ، وَأَمَّا الآخَرُ فَاسْتَحْيَا فَاسْتَحْيَا اللَّهُ مِنْهُ، وَأَمَّا الآخَرُ فَأَعْرَضَ فَأَعْرَضَ اللَّهُ عَنْهُ». [الحديث ٦٦ - طرفه في: ٤٧٤].

وبالسند إلى المؤلف قال: (حدّثنا إسماعيل) بن أبي أويس (قال: حدّثني) بالإفراد (مالك) إمام الأئمة (عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة) الأنصاري البخاري ابن أخي أنس لأمه التابعي المتوفى سنة اثنتين وثلاثين ومائة (أن أبا مرة) بضم الميم وتشديد الراء اسمه يزيد (مولى عقيل بن أبي طالب) بفتح العين (أخبره عن أبي واقد) بالقاف المكسورة والدال المهملة اسمه الحرث بن مالك أو ابن عوف الصحابي (الليثي) بالمثلثة البدري في قول بعضهم المتوفى بمكة سنة ثمان وستين، وليس له في البخاري إلا هذا الحديث، وقد صرح أبو مرة في رواية النسائي من طريق يحيى بن أبي كثير عن إسحاق فقال عن أبي مرة أن أبا واقد حدّثه.

(أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بينما) بزيادة الميم (هو) مبتدأ خبره

<<  <  ج: ص:  >  >>