معاذ بن جبل -رضي الله عنه-) أنه (قال: بينا) بغير ميم (أنا رديف النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) الردف والرديف الراكب خلف الراكب بإذنه وردف كل شيء مؤخره، وأصله من الركوب على الردف وهو العجز، ولذا قيل
للراكب الأصلي ركب صدر الدابة وردفت الرجل إذا ركبت وراءه وأردفته إذا أركبته وراءك (ليس بيني وبينه إلا آخرة الرحل) بفتح الهمزة الممدودة وكسر الخاء المعجمة وفتح الراء وهي التي يستند إليها الراكب والرحل بسكون الحاء المهملة أصغر من القتب، ومراده المبالغة في شدة قربه إليه ليكون أوقع في نفس السامع فيضبط (فقال) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:
(يا معاذ) زاد أبو ذر عن المستملي ابن جبل (قلت: لبيك رسول الله) وللكشميهني: يا رسول الله (وسعديك، ثم سار ساعة ثم قال: يا معاذ، قلت: لبيك رسول الله) وللكشميهني: يا رسول الله (وسعديك ثم سار ساعة ثم قال: يا معاذ، قلت: لبيك رسول الله) وللكشميهني يا رسول الله (وسعديك) التكرير لتأكيد الاهتمام بما يخبره به (قال: "هل تدري ما حق الله على عباده؟ قلت: الله ورسوله أعلم. قال: حق الله على عباده أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئًا. ثم سار ساعة ثم قال: يا معاذ بن جبل) سقط ابن جبل لأبي ذر (قلت: لبيك يا رسول الله) وللكشميهني يا رسول الله (وسعديك. قال: هل تدري ما حق العباد على الله إذا فعلوه) أي حق الله تعالى وقوله حق العباد على الله هو من باب المشاكلة وهو نوع من أنواع البديع الذي يحسن به الكلام، أو المراد به أنه حق شرعي لا واجب بالعقل كما تقول المعتزلة وكأنه لما وعد به ووعده الصدق صار حقًّا من هذه الجهة (قلت: الله ورسوله أعلم. قال: حق العباد على الله) المفسر بما مر (أن لا يعذبهم).
وهذا الحديث أخرجه المؤلّف أيضًا في الرقاق والاستئذان، ومسلم في الإيمان، والنسائي في اليوم والليلة.
١٠٢ - باب إِرْدَافِ الْمَرْأَةِ خَلْفَ الرَّجُلِ
(باب) جواز (إرداف المرأة خلف الرجل) على الدابة.
٥٩٦٨ - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ صَبَّاحٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبَّادٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: أَخْبَرَنِى يَحْيَى بْنُ أَبِى إِسْحَاقَ قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ - رضى الله عنه -، قَالَ: أَقْبَلْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ خَيْبَرَ وَإِنِّى لَرَدِيفُ أَبِى طَلْحَةَ وَهْوَ يَسِيرُ، وَبَعْضُ نِسَاءِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَدِيفُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذْ عَثَرَتِ النَّاقَةُ فَقُلْتُ الْمَرْأَةَ، فَنَزَلْتُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «إِنَّهَا أُمُّكُمْ» فَشَدَدْتُ الرَّحْلَ وَرَكِبَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَلَمَّا دَنَا أَوْ رَأَى الْمَدِينَةَ قَالَ: «آيِبُونَ تَائِبُونَ عَابِدُونَ لِرَبِّنَا حَامِدُونَ».
وبه قال: (حدّثنا الحسن بن محمد بن صباح) بالصاد المهملة المفتوحة والموحدة المشدّدة آخرها حاء مهملة ولأبي ذر الصباح بالتعريف البغدادي (قال: حدّثنا يحيى بن عباد) بفتح العين المهملة وتشديد الموحدة الضبعي (قال: حدّثنا شعبة) بن الحجاج (قال: أخبرني يحيى بن أبي إسحاق)
النحوي الحضرمي (قال: سمعت أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: قبلنا مع رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من خيبر وإني لرديف أبي طلحة) زيد بن سهل الأنصاري (وهو يسير وبعض نساء رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) وهي صفية بنت حيي أم المؤمنين (رديف رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إذ عثرت الناقة) التي عليها النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وصفية (فقلت: المرأة) بالنصب أي احفظ المرأة ويجوز الرفع أي فقلت وقعت المرأة (فنزلت) بسكون اللام وضم الفوقية بلفظ المتكلم (فقال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-):
(إنها) أي صفية (أمكم) ليذكرهم أنها واجبة التعظيم (فشددت الرحل) وظاهره أن الذي قال ذلك وفعله أنس، لكن مرّ في أواخر الجهاد من وجه آخر عن يحيى بن أبي إسحاق أن الذي فعل ذلك أبو طلحة وأن الذي قال المرأة رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وفي رواية أخرى عن يحيى بن أبي إسحاق نحو ذلك. قال في الفتح: وهو المعتمد فإن القصة واحدة. ومخرج الحديث واحد واتفاق اثنين أولى من انفراد واحد، لا سيما أن أنسًا كان إذ ذاك يصغر عن تعاطي ذلك الأمر، ولكن لا يمتنع أن يساعد أبا طلحة أنس على ذلك فيمتنع الإشكال (وركب رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فلما دنا) أي قرب (أو رأى) بالشك ولأبي ذر عن الحموي والمستملي: ورأى (المدينة قال: آيبون) أي راجعون (تائبون عابدون لربنا حامدون) يحتمل أن يتعلق قوله لربنا بسابقه ولاحقه.
١٠٣ - باب الاِسْتِلْقَاءِ، وَوَضْعِ الرِّجْلِ عَلَى الأُخْرَى
(باب الاستلقاء) على القفا (ووضع الرِّجل على الأخرى).
٥٩٦٩ - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ، عَنْ عَمِّهِ أَنَّهُ أَبْصَرَ النَّبِىَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَضْطَجِعُ فِى الْمَسْجِدِ رَافِعًا إِحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الأُخْرَى.
وبه قال: (حدّثنا أحمد بن يونس) نسبة إلى جده وإلاّ فاسم أبيه عبد الله الكوفي (قال: حدّثنا إبراهيم بن سعد) بسكون العين ابن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف قال: (حدّثنا ابن شهاب) محمد بن مسلم الزهري (عن عباد