للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

استحباب فطر يوم عرفة للحاج، وفي سنن أبي داود نهيه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عن صوم يوم عرفة بعرفة وهذا وجه للشافعية، والصحيح أنه خلاف الأولى لا مكروه، وعلى كل حال يستحب فطره للحاج للاتباع كما دل عليه حديث الباب وليقوى على الدعاء. وأما حديث أبي داود فضعف بأن في إسناده

مجهولاً. قال في المجموع قال الجمهور: وسواء أضعفه الصوم عن الدعاء وأعمال الحج أم لا. وقال المتولي: إن كان ممن لا يضعف بالصوم عن ذلك فالصوم أولى له وإلاّ فالفطر.

وهذا الحديث أخرجه المؤلّف أيضًا في الحج وفي الصوم وفي الأشربة، ومسلم في الصوم وكذا أبو داود.

٨٦ - باب التَّلْبِيَةِ وَالتَّكْبِيرِ إِذَا غَدَا مِنْ مِنًى إِلَى عَرَفَةَ

(باب) مشروعية (التلبية والتكبير إذا غدا) ذهب (من منى إلى عرفة).

١٦٥٩ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الثَّقَفِيِّ "أَنَّهُ سَأَلَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ -وَهُمَا غَادِيَانِ مِنْ مِنًى إِلَى عَرَفَةَ- كَيْفَ كُنْتُمْ تَصْنَعُونَ فِي هَذَا الْيَوْمِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؟ فَقَالَ: كَانَ يُهِلُّ مِنَّا الْمُهِلُّ فَلَا يُنْكِرُ عَلَيْهِ، وَيُكَبِّرُ مِنَّا الْمُكَبِّرُ فَلَا يُنْكِرُ عَلَيْهِ".

وبالسند قال: (حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي قال: (أخبرنا مالك) الإمام (عن محمد بن أبي بكر الثقفي) وليس له في الصحيح عن أنس إلا هذا الحديث (إنه سأل أنس بن مالك -رضي الله عنه- وهما غاديان) جملة اسمية حالية أي ذاهبان غدوة (من منى إلى) عرفات يوم (عرفة كيف كنتم تصنعون) أي من الذكر طول الطريق (في هذا اليوم مع رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؟ فقال) أنس: (كان) أي الشأن (يهل منا المهل) يرفع صوته بالتلبية (فلا ينكر عليه) بضم الياء وكسر الكاف مبنيًا للفاعل أي للنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وفي نسخة فلا ينكر بفتح الكاف مبنيًّا للمفعول والفتحة مكشوطة من فرع اليونينية، وفي رواية موسى بن عقبة عن محمد بن أبي بكر عند مسلم عن أنس: لا يعيب أحدنا على صاحبه، (ويكبر منا المكبر فلا ينكر عليه) ومفهومه أنه لا حرج في التكبير ذلك الوقت بل يجوز كسائر الأذكار ولكن ليس التكبير يوم عرفة سنة للحاج. وفي الحديث ردّ على من قال يقطع التلبية صبح يوم عرفة، بل السنة أن لا يقطعها إلا في أوّل حصاة من جمرة العقبة، ويحتمل أن تكبيرهم هذا كان شيئًا من الذكر يتخلل التلبية من غير ترك للتلبية، وهذا مذهب أبي حنيفة والشافعي وقال مالك: يقطع إذا زالت الشمس وراح إلى الصلاة. قال ابن فرحون: وهو المشهور، وفرق ابن الجلاب بين من يأتي عرفة وبين من يحرم بعرفة فيلبي حتى يرمي جمرة العقبة وإذا قطع التلبية بعرفة لم يعاودها.

٨٧ - باب التَّهْجِيرِ بِالرَّوَاحِ يَوْمَ عَرَفَةَ

(باب التهجير بالرواح يوم عرفة) من نمرة إلى موضع الوقوف بعرفة ونمرة هي بفتح النون وكسر الميم وفتح الراء موضع خارج الحرم بين طرف الحرم وطرف عرفات والتهجير السير في الهاجرة وهي عند نصف النهار واشتداد الحرّ.

١٦٦٠ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ قَالَ "كَتَبَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِلَى الْحَجَّاجِ أَنْ لَا يُخَالِفَ ابْنَ عُمَرَ فِي الْحَجِّ. فَجَاءَ ابْنُ عُمَرَ -رضي الله عنه- وَأَنَا مَعَهُ يَوْمَ عَرَفَةَ حِينَ زَالَتِ الشَّمْسُ، فَصَاحَ عِنْدَ سُرَادِقِ الْحَجَّاجِ، فَخَرَجَ وَعَلَيْهِ مِلْحَفَةٌ مُعَصْفَرَةٌ فَقَالَ: مَا لَكَ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ؟ فَقَالَ: الرَّوَاحَ إِنْ كُنْتَ تُرِيدُ السُّنَّةَ، قَالَ: هَذِهِ السَّاعَةَ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: فَأَنْظِرْنِي حَتَّى أُفِيضَ عَلَى رَأْسِي ثُمَّ أَخْرُجَ. فَنَزَلَ حَتَّى خَرَجَ الْحَجَّاجُ، فَسَارَ بَيْنِي وَبَيْنَ أَبِي، فَقُلْتُ إِنْ كُنْتَ تُرِيدُ السُّنَّةَ فَاقْصُرِ الْخُطْبَةَ وَعَجِّلِ الْوُقُوفَ. فَجَعَلَ يَنْظُرُ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ عَبْدُ اللَّهِ قَالَ: صَدَقَ". [الحديث ١٦٦٠ - طرفاه في: ١٦٦٢، ١٦٦٣].

وبالسند قال: (حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي قال: (أخبرنا مالك) إمام دار الهجرة (عن ابن شهاب) محمد بن مسلم الزهري (عن سالم) هو ابن عبد الله بن عمر (قال: كتب عبد الملك) بن مروان الأموي (إلى الحجاج) بن يوسف الثقفي حين أرسله إلى قتال ابن الزبير وجعله واليًا على مكة وأميرًا على الحاج (أن لا تخالف ابن عمر) بن الخطاب -رضي الله عنه- (في) أحكام (الحج) قال سالم (فجاء ابن عمر -رضي الله عنهما- وأنا معه) أي مع ابن عمر والواو للحال (يوم عرفة حين زالت الشمس فصاح عند سراق الحجاج)، بضم السين قال البرماوي: والحافظ ابن حجر وغيرهما كالكرماني: الخيمة. وتعقبه العيني بأنه هو الذي يحيط بالخيمة وله باب يدخل منه إلى الخيمة ولا يعمله غالبًا إلا الملوك الأكابر اهـ.

وفي القاموس: أنه الذي يمدّ فوق صحن البيت والبيت ومن الكرسف زاد الإسماعيلي من هذا الوجه أين هذا يعني الحجاج، (فخرج) من سرادقه (وعليه ملحفة معصفرة) مصبوغة بالعصفر واللحفة بكسر الميم الإزار الكبير (فقال): أي الحجاج (ما لك يا أبا عبد الرحمن!) كنية ابن عمر (فقال) له ابن عمر: عجل أو رح (الرواح) فالنصب بفعل مقدر. قال العيني: والأصوب نصبه على الإغراء (إن كنت تريد) أن تصيب (السنّة) النبوية (قال) الحجاج: (هذه الساعة) وقت الهاجرة (قال) ابن عمر (نعم. قال) الحجاج: (فأنظرني) بهمزة قطع ومعجمة مكسورة من الأنظار وهو المهملة ولأبي ذر عن الكشميهني: فانظرني

<<  <  ج: ص:  >  >>