عن أبيه) عبد العزيز بن عبد الله بن أبي بكرة وليس له ولا لابنه بكار في البخاري إلا هذا الحديث (عن أبي بكرة) نفيع ووصله الطبراني بلفظ سمعت رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن فتنة كائنة القاتل والمقتول في النار إن المقتول قد أراد قتل القاتل.
(وقال غندر): محمد بن جعفر (حدّثنا شعبة) بن الحجاج (عن منصور) هو ابن المعتمر (عن ربعي بن حراش) بكسر الحاء المهملة آخره شين معجمة والراء مخففة الأعور الغطفاني التابعي المشهور وسقط ابن حراش لابن عساكر (عن أبي بكرة) نفيع (عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) ووصله الإمام أحمد مرفوعًا بلفظ: "إذا التقى المسلمان حمل أحدهما على صاحبه السلاح فهما على جرف جهنم فإذا قتله وقعا فيها جميعًا". (ولم يرفعه سفيان) الثوري (عن منصور) أي ابن المعتمر بالسند المذكور إلى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، ووصله النسائي بلفظ قال: إذا حمل الرجلان المسلمان السلاح أحدهما على الآخر فهما على جرف جهنم فإذا قتل أحدهما الآخر فهما في النار، ولا يلزم من ذلك استمرار البقاء في النار.
وهذا الوعيد المذكور محمول على من قاتل بغير تأويل سائغ بل لمجرد طلب الملك، وعند البزار في حديث: القاتل والمقتول في النار زيادة وهي إذا اقتتلتم على الدنيا فالقاتل والمقتول في النار.
١١ - باب كَيْفَ الأَمْرُ إِذَا لَمْ تَكُنْ جَمَاعَةٌ
هذا (باب) بالتنوين يذكر فيه (كيف الأمر إذا لم تكن) توجد (جماعة) مجتمعون على خليفة.
٧٠٨٤ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ جَابِرٍ، حَدَّثَنِى
بُسْرُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْحَضْرَمِىُّ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِىَّ أَنَّهُ سَمِعَ حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ يَقُولُ: كَانَ النَّاسُ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنِ الْخَيْرِ وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنِ الشَّرِّ مَخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِى فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا كُنَّا فِى جَاهِلِيَّةٍ وَشَرٍّ، فَجَاءَنَا اللَّهُ بِهَذَا الْخَيْرِ فَهَلْ بَعْدَ هَذَا الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ؟ قَالَ: «نَعَمْ». قُلْتُ: وَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الشَّرِّ مِنْ خَيْرٍ؟ قَالَ: «نَعَمْ وَفِيهِ دَخَنٌ». قُلْتُ: وَمَا دَخَنُهُ؟ قَالَ: «قَوْمٌ يَهْدُونَ بِغَيْرِ هَدْىٍ، تَعْرِفُ مِنْهُمْ وَتُنْكِرُ». قُلْتُ: فَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ؟ قَالَ: «نَعَمْ دُعَاةٌ عَلَى أَبْوَابِ جَهَنَّمَ مَنْ أَجَابَهُمْ إِلَيْهَا قَذَفُوهُ فِيهَا». قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ صِفْهُمْ لَنَا؟ قَالَ: «هُمْ مِنْ جِلْدَتِنَا، وَيَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَتِنَا». قُلْتُ: فَمَا تَأْمُرُنِى إِنْ أَدْرَكَنِى ذَلِكَ؟ قَالَ: «تَلْزَمُ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَإِمَامَهُمْ». قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ جَمَاعَةٌ وَلَا إِمَامٌ» قَالَ: «فَاعْتَزِلْ تِلْكَ الْفِرَقَ كُلَّهَا، وَلَوْ أَنْ تَعَضَّ بِأَصْلِ شَجَرَةٍ حَتَّى يُدْرِكَكَ الْمَوْتُ وَأَنْتَ عَلَى ذَلِكَ».
وبه قال: (حدّثنا محمد بن المثنى) أبو موسى العنزي قال: (حدّثنا الوليد بن مسلم) الحافظ أبو العباس عالم أهل الشام قال: (حدّثنا ابن جابر) عبد الرحمن بن يزيد قال: (حدّثني) بالإفراد (بسر بن عبيد الله) بضم الموحدة وسكون السين المهملة وضم العين (الحضرمي) بفتح الحاء المهملة وسكون الضاد المعجمة (أنه سمع أبا إدريس) عائذ الله (الخولاني) بفتح الخاء المعجمة وسكون الواو (أنه سمع حذيفة بن اليمان يقول: كان الناس يسألون رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عن الخير وكنت أسأله من الشر) قال في شرح المشكاة أي الفتنة ووهن عُرا الإسلام واستيلاء الضلال وفشو البدعة (مخافة) أي لأجل مخافة (أن يدركني) وكلمة أن مصدرية (فقلت: يا رسول الله إنا كنا في جاهلية وشر) من كفر وقتل ونهب وإتيان فواحش (فجاءنا الله بهذا الخير) ببعثك وتشييد مباني الإسلام وهدم قواعد الكفر والضلال (فهل بعد هذا الخير) الذي نحن فيه (من شر؟ قال) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:
(نعم) قال حذيفة (قلت: وهل بعد ذلك الشر من خير؟ قال) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (نعم وفيه دخن) بفتح المهملة والمعجمة بعدها نون مصدر دخنت النار تدخن إذا ألقي عليها حطب رطب فإنه يكثر دخانها وتفسد أي فساد واختلاف وفيه إشارة إلى كدر الحال وأن الخير الذي يكون بعد الشر ليس خالصًا بل فيه كدر قال حذيفة (قلت) يا رسول الله (وما دخنه؟ قال: قوم يهدون) بفتح أوله (بغير هدي) بتحتية واحدة منونة ولأبي ذر عن الحموي والمستملي هديي بزيادة الإضافة بعد الأخرى أي بغير سنتي وطريقتي (تعرت منهم) الخير فتقبل والشر (وتنكر) وهو من المقابلة المعنوية. قال القاضي عياض: المراد بالشر الأول الفتن التي وقعت بعد عثمان وبالخير الذي بعده ما وقع في خلافة عمر بن عبد العزيز وبالذين تعرف منهم وتنكر الأمراء بعده فكان فيهم من يتمسك بالسُّنّة والعدل وفيهم من يدعو إلى البدعة ويعمل بالجور، ويحتمل أن يراد بالشر زمان قتل عثمان وبالخير بعده زمان خلافة علي -رضي الله عنه- والدخن: الخوارج ونحوهم، والشر بعده زمان الذين يلعنونه على المنابر وقيل: وتنكر خبر بمعنى الأمر أي أنكروا عليهم صدور المنكر عنهم قال حذيفة:
(قلت) يا رسول الله (فهل بعد ذلك الخير من شر؟ قال: نعم دعاة على أبواب جهنم) بضم الدال من دعاة أي جماعة يدعون الناس إلى الضلالة ويصدّونهم عن الهدي بأنواع من التلبيس وأطلق عليهم ذلك باعتبار ما يؤول إليه حالهم كما يقال لمن أمر بفعل محرم وقف على شفير جهنم (من أجابهم إليها قذفوه) بالذال المعجمة (فيها) في النار. قال حذيفة