للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

العضو الذي مس رطوبة فرج المرأة من أعضائه وهو من إطلاق اللازم وإرادة الملزوم، ففي مس ضمير وهو فاعله يعود إلى كلمة ما وموضعها نصب مفعولاً ليغسل (ثم يتوضأ) وضوءه للصلاة، كما زاد فيه عبد الرزاق عن الثوري عن هشام، وفيه التصريح بتأخير الوضوء عن غسل ما يصيبه من المرأة (ويصلي) وأصرح في الدلالة على ترك الغسل من الحديث السابق. والحديث سداسي الإسناد وفيه رواية صحابي عن صحابي والتحديث والإخبار بالإفراد والعنعنة.

(قال أبو عبد الله) أي المؤلف وقائل ذلك هو الراوي عنه: (الغسل) بضم الغين أي الاغتسال من الإيلاج وإن لم ينزل، وفي الفرع الغسل بفتح الغين وليس إلا (أحوط) أي أكثر احتياطًا في أمر الدين من الاكتفاء بغسل الفرج، والوضوء المذكور في الحديث السابق وفتوى من ذكر من الصحابة أي على تقدير عدم ثبوت الناسخ وظهور الترجيح، (وذاك الأخير) بالمثناة من غير مد، ولغير أبي ذر الآخر بالمد من غير مثناة أي آخر الأمرين من فعل الشارع، وهو يشير إلى أن حديث الباب غير منسوخ بل ناسخ لما قبله، وضبطه البدر الدماميني كابن التين والآخر بفتح الخاء أي ذاك الوجه الآخر أو الحديث الآخر الدال على عدم الغسل (إنما) ولابن عساكر وإنما بالواو والأليق حذفها وهو يناسب رواية فتح خاء الآخر (بينا) وللأصيلي بيناه (لاختلافهم) أي إنما ذكرناه لأجل بيان اختلاف الصحابة في الوجوب وعدمه ولاختلاف المحدثين في صحته وعدمها، ولكريمة وابن عساكر: وإنما بينا اختلافهم، وفي نسخة الصغاني: إنما بينا الحديث الآخر لاختلافهم والماء أنقى. وقال البدر الدماميني كالسفاقسي: فيه جنوح لمذهب داود، وتعقب هذا القول البرماوي بأنه إنما يكون ميلاً لمذهب داود إذا فتحت خاء آخر أما بالكسر فيكون جزمًا بالنسخ والجمهور على إيجاب الغسل بالتقاء الختانين وهو الصواب. ولما فرغ المؤلف. . . (١).

بسم الله الرحمن الرحيم

[٦ - كتاب الحيض]

وقوله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِين} [البقرة: ٢٢٢].

(بسم الله الرحمن الرحيم) كذا في الفرع بإثباتها مع رقم علامة إسقاطها عند ابن عساكر والأصيلي.

هذا (كتاب) بيان أحكام (الحيض) وما يذكر معه من الاستحاضة والنفاس، ولأبي ذر تقديم كتاب على البسملة، وفي رواية باب بدل كتاب والتعبير بالكتاب أولى كما لا يخفى، وترجم بالحيض لكثرة وقوعه وله أسماء عشرة: الحيض، والطمث، والضحك، والإكبار، والإعصار، والدراس، والعراك، والفرا بالفاء، والطمس والنفاس. ومنه قوله عليه الصلاة والسلام لعائشة: "أنفست".

والحيض في اللغة السيلان يقال: حاض الوادي إذا سال، وحاضت الشجرة إذا سال صمغها.

وفي الشرع دم يخرج من قعر رحم المرأة بعد بلوغها في أوقات معتادة، والاستحاضة الدم الخارج في غير أوقاته ويسيل من عرق فمه في أدنى الرحم اسمه العاذل بالذال المعجمة قاله الأزهري.

وحكى ابن سعيده إهمالها والجوهري بدل اللام راء.

(وقول الله تعالى) وللأصيلي عز وجل بالجر عطفًا على قوله الحيض المجرور بإضافة كتاب إليه، وفي رواية قول الله بالرفع: {ويسألونك عن المحيض} مصدر كالمجيء والمبيت أي الحيض أي عن حكمه. وروى الطبري عن السدي أن الذي سأل أوّلاً عن ذلك أبو الدحداح، وسبب نزول الآية ما روى مسلم عن أنس: أن اليهود كانوا إذا حاضت المرأة فيهم أخرجوها من البيوت، فسأل

الصحابة رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فأنزل الله تعالى {ويسألونك عن المحيض} الآية، وقال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "افعلوا كل شيء إلا النكاح" ("قل هو أذى") أي الحيض مستقذر يؤدي من يقربه لنتنه ونجاسته، (فاعتزلوا النساء في المحيض) فاجتنبوا مجامعتهن في نفس الدم أي حال سيلانه أو زمن الحيض أو الفرج، والأوّل هو الأصح، وهو اقتصاد بين إفراط اليهود الآخذين في ذلك بإخراجهنّ من البيوت، وتفريط النصارى فإنهم كانوا يجامعونهنّ ولا يبالون بالحيض. وإنما وصفه بأنه أذى، ورتب عليه بالفاء إشعارًا بأنه العلة. ({ولا تقربوهن حتى يطهرن}) تأكيد للحكم، وبيان لغايته وهو أن يغتسلن بعد الانقطاع


(١) بياض في الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>