للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

باب: إن أحال دين الميت على رجل جاز قال: (ثم أُتي بجنازة أخرى فقال: هل عليه من دين؟ قالوا نعم) عليه دين زاد في الرواية السابقة ثلاثة دنانير (قال: صلوا) ولأبي ذر: فصلوا (على صاحبكم. قال أبو قتادة) الحرث بن ربعي الأنصاري (عليّ دينه) ولابن ماجة: أنا أتكفل به (يا رسول

الله فصلّى عليه) صلوات الله وسلامه عليه واقتصر في هذه الطريق على اثنين من الأموات الثلاثة المذكورة في الرواية السابقة.

ووجه المطابقة هنا أنه لو كان لأبي قتادة أن يرجع لما صلّى عليه النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حتى يوفي أبو قتادة الدين لاحتمال أن يرجع فيكون قد صلّى على مديان دينه باقٍ عليه فدلّ على أنه ليس له أن يرجع.

٢٢٩٦ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا عَمْرٌو سَمِعَ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ -رضي الله عنهم- قَالَ: "قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: لَوْ قَدْ جَاءَ مَالُ الْبَحْرَيْنِ قَدْ أَعْطَيْتُكَ هَكَذَا وَهَكَذَا، فَلَمْ يَجِئْ مَالُ الْبَحْرَيْنِ حَتَّى قُبِضَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَلَمَّا جَاءَ مَالُ الْبَحْرَيْنِ أَمَرَ أَبُو بَكْرٍ فَنَادَى: مَنْ كَانَ لَهُ عِنْدَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عِدَةٌ أَوْ دَيْنٌ فَلْيَأْتِنَا، فَأَتَيْتُهُ فَقُلْتُ: إِنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ لِي كَذَا وَكَذَا، فَحَثَى لِي حَثْيَةً، فَعَدَدْتُهَا، فَإِذَا هِيَ خَمْسُمِائَةٍ وَقَالَ: خُذْ مِثْلَيْهَا". [الحديث ٢٢٩٦ - أطرافه في: ٢٥٩٨، ٢٦٨٣، ٣١٣٧، ٣١٦٤، ٤٣٨٣].

وبه قال: (حدّثنا علي بن عبد الله) المديني قال: (حدّثنا سفيان) بن عيينة قال: (حدّثنا عمرو) هو ابن دينار أنه (سمع محمد بن علي) أي ابن الحسين بن علي بن أبي طالب (عن جابر بن عبد الله) الأنصارى (رضي الله عنهم) أنه (قال: قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: لو قد جاء مال البحرين) موضع بين البصرة وعمان أي لو تحقق المجيء (قد أعطيتك هكذا وهكذا) زاد في غير رواية أبي الوقت وهكذا زاد في الشهادات فبسط يديه ثلاث مرات فيه اقتران الماضي الوافع جوابًا "للو" بقد. قال ابن هشام وهو غريب كقول جرير:

لو شئت قد نقع الفؤاد بشربة ... تدع الصوادي لا يجدن غليلا

يقال: نقع الماء العطش سكنه والذي وقع هنا يؤيده كحديث ابن عباس عند البخاري في باب: رجم الحبلى من الزنا الذي فيه ذكر البيعة بعد وفاة النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-. قال عبد الرحمن بن عوف: لو رأيت رجلاً أتى أمير المؤمنين فقال: يا أمير المؤمنين هل لك في فلان يقول لو قد مات عمر لقد بايعت فلانًا ففيه كالذي قبله ورود جواب لو وشرطها جميعًا مقترنين بقد، وفلان المشار إليه بالبيعة هو طلحة بن عبيد كما في فوائد البغوي (فلم يجيء مال البحرين حتى قبض النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فلما جاء مال البحرين أمر أبو بكر) الصديق -رضي الله عنه- رجلاً (فنادى من كان له عند النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عدة) أي وعد (أو دين فليأتنا) قال جابر: (فأتيته فقلت) له: (إن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال لي كذا وكذا فحثا لي) أبو بكر رضي الله عنه (حثية) بفتح الحاء المهملة وبالثاء المثلثة فيهما. قال ابن قتيبة: هي الحفنة. وقد ابن فارس ملء الكفّين (فعددتها فإذا هي خمسمائة وقال: خذ مثليها) أي مثلي خمسمائة فالجملة ألف وخمسمائة وذلك لأن جابرًا لما قال: إن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال لي كذا وكذا ثلاث مرات حثا له أبو بكر حثية

فجاءت خمسمائة فقال خذ مثليها لتصير ثلاث مرات كما وعده -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وكان من خلقه الوفاء بالوعد، فنفذه أبو بكر بعد وفاته عليه الصلاة والسلام.

ومطابقته للترجمة من جهة أن أبا بكر -رضي الله عنه- لما قام مقام النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تكفل بما كان عليه من واجب أو تطوع، فلما التزم لزمه أن يوفي جميع ما عليه من دين أو عدّة.

وهذا الحديث أخرجه أيضًا في الخمس والمغازي والشهادات ومسلم في فضائل النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

٤ - باب جِوَارِ أَبِي بَكْرٍ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَعَقْدِهِ

(باب جوار أبي بكر) الصديق -رضي الله عنه- أي أمانه قال تعالى: {وإن أحد من المشركين استجارك فأجره} [التوبة: ٦] أي أمنه وجيم جوار بالكسر ويجوز الضم (في عهد النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أي في زمنه (وعقده) أي وعقد أبي بكر.

٢٢٩٧ - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ فَأَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- زَوْجَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَتْ: "لَمْ أَعْقِلْ أَبَوَىَّ إِلَاّ وَهُمَا يَدِينَانِ الدِّينَ". وَقَالَ أَبُو صَالِحٍ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ عَنْ يُونُسَ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- قَالَتْ: "لَمْ أَعْقِلْ أَبَوَىَّ قَطُّ إِلَاّ وَهُمَا يَدِينَانِ الدِّينَ، وَلَمْ يَمُرَّ عَلَيْنَا يَوْمٌ إِلَاّ يَأْتِينَا فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- طَرَفَىِ النَّهَارِ بُكْرَةً وَعَشِيَّةً. فَلَمَّا ابْتُلِيَ الْمُسْلِمُونَ خَرَجَ أَبُو بَكْرٍ مُهَاجِرًا قِبَلَ الْحَبَشَةِ حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَرْكَ الْغِمَادِ لَقِيَهُ ابْنُ الدَّغِنَةِ، وَهْوَ سَيِّدُ الْقَارَةِ فَقَالَ: أَيْنَ تُرِيدُ يَا أَبَا بَكْرٍ؟ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَخْرَجَنِي قَوْمِي، فَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أَسِيحَ فِي الأَرْضِ فَأَعْبُدَ رَبِّي. قَالَ ابْنُ الدَّغِنَةِ: إِنَّ مِثْلَكَ لَا يَخْرُجُ وَلَا يُخْرَجُ. فَإِنَّكَ تَكْسِبُ الْمَعْدُومَ، وَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَحْمِلُ الْكَلَّ، وَتَقْرِي الضَّيْفَ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ، وَأَنَا لَكَ جَارٌ. فَارْجِعْ فَاعْبُدْ رَبَّكَ بِبِلَادِكَ، فَارْتَحَلَ ابْنُ الدَّغِنَةِ فَرَجَعَ مَعَ أَبِي بَكْرٍ فَطَافَ فِي أَشْرَافِ كُفَّارِ قُرَيْشٍ فَقَالَ لَهُمْ: إِنَّ أَبَا بَكْرٍ لَا يَخْرُجُ مِثْلُهُ وَلَا يُخْرَجُ، أَتُخْرِجُونَ رَجُلاً يُكْسِبُ الْمَعْدُومَ، وَيَصِلُ الرَّحِمَ، وَيَحْمِلُ الْكَلَّ، وَيَقْرِي الضَّيْفَ وَيُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ؟ فَأَنْفَذَتْ قُرَيْشٌ جِوَارَ ابْنِ الدَّغِنَةِ، وَآمَنُوا أَبَا بَكْرٍ، وَقَالُوا لاِبْنِ الدَّغِنَةِ: مُرْ أَبَا بَكْرٍ فَلْيَعْبُدْ رَبَّهُ فِي دَارِهِ، فَلْيُصَلِّ وَلْيَقْرَأْ مَا شَاءَ وَلَا يُؤْذِينَا بِذَلِكَ، وَلَا يَسْتَعْلِنْ بِهِ، فَإِنَّا قَدْ خَشِينَا أَنْ يَفْتِنَ أَبْنَاءَنَا وَنِسَاءَنَا. قَالَ ذَلِكَ ابْنُ الدَّغِنَةِ لأَبِي بَكْرٍ، فَطَفِقَ أَبُو بَكْرٍ يَعْبُدُ رَبَّهُ فِي دَارِهِ وَلَا يَسْتَعْلِنُ بِالصَّلَاةِ وَلَا الْقِرَاءَةِ فِي غَيْرِ دَارِهِ. ثُمَّ بَدَا لأَبِي بَكْرٍ فَابْتَنَى مَسْجِدًا بِفِنَاءِ دَارِهِ، وَبَرَزَ، فَكَانَ يُصَلِّي فِيهِ وَيَقْرَأُ الْقُرْآنَ، فَيَتَقَصَّفُ عَلَيْهِ نِسَاءُ الْمُشْرِكِينَ وَأَبْنَاؤُهُمْ يَعْجَبُونَ وَيَنْظُرُونَ إِلَيْهِ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ رَجُلاً بَكَّاءً لَا يَمْلِكُ دَمْعَهُ حِينَ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ، فَأَفْزَعَ ذَلِكَ أَشْرَافَ قُرَيْشٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، فَأَرْسَلُوا إِلَى ابْنِ الدَّغِنَةِ فَقَدِمَ عَلَيْهِمْ فَقَالُوا

لَهُ: إِنَّا كُنَّا أَجَرْنَا أَبَا بَكْرٍ عَلَى أَنْ يَعْبُدَ رَبَّهُ فِي دَارِهِ، وَإِنَّهُ جَاوَزَ ذَلِكَ فَابْتَنَى مَسْجِدًا بِفِنَاءِ دَارِهِ، وَأَعْلَنَ الصَّلَاةَ وَالْقِرَاءَةَ، وَقَدْ خَشِينَا أَنْ يَفْتِنَ أَبْنَاءَنَا وَنِسَاءَنَا، فَأْتِهِ، فَإِنْ أَحَبَّ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى أَنْ يَعْبُدَ رَبَّهُ فِي دَارِهِ فَعَلَ، وَإِنْ أَبَى إِلَاّ أَنْ يُعْلِنَ ذَلِكَ فَسَلْهُ أَنْ يَرُدَّ إِلَيْكَ ذِمَّتَكَ، فَإِنَّا كَرِهْنَا أَنْ نُخْفِرَكَ، وَلَسْنَا مُقِرِّينَ لأَبِي بَكْرٍ الاِسْتِعْلَانَ. قَالَتْ عَائِشَةُ: فَأَتَى ابْنُ الدَّغِنَةِ أَبَا بَكْرٍ فَقَالَ: قَدْ عَلِمْتَ الَّذِي عَقَدْتُ لَكَ عَلَيْهِ، فَإِمَّا أَنْ تَقْتَصِرَ عَلَى ذَلِكَ، وَإِمَّا أَنْ تَرُدَّ إِلَىَّ ذِمَّتِي؛ فَإِنِّي لَا أُحِبُّ أَنْ تَسْمَعَ الْعَرَبُ أَنِّي أُخْفِرْتُ فِي رَجُلٍ عَقَدْتُ لَهُ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِنِّي أَرُدُّ إِلَيْكَ جِوَارَكَ، وَأَرْضَى بِجِوَارِ اللَّهِ - وَرَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَئِذٍ بِمَكَّةَ- فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: قَدْ أُرِيتُ دَارَ هِجْرَتِكُمْ، رَأَيْتُ سَبْخَةً ذَاتَ نَخْلٍ بَيْنَ لَابَتَيْنِ، وَهُمَا الْحَرَّتَانِ. فَهَاجَرَ مَنْ هَاجَرَ قِبَلَ الْمَدِينَةِ حِينَ ذَكَرَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَرَجَعَ إِلَى الْمَدِينَةِ بَعْضُ مَنْ كَانَ هَاجَرَ إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ. وَتَجَهَّزَ أَبُو بَكْرٍ مُهَاجِرًا، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: عَلَى رِسْلِكَ، فَإِنِّي أَرْجُو أَنْ يُؤْذَنَ لِي. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: هَلْ تَرْجُو ذَلِكَ بِأَبِي أَنْتَ؟ قَالَ: نَعَمْ. فَحَبَسَ أَبُو بَكْرٍ نَفْسَهُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِيَصْحَبَهُ، وَعَلَفَ رَاحِلَتَيْنِ كَانَتَا عِنْدَهُ وَرَقَ السَّمُرِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ".

وبه قال: (حدّثنا يحيى بن بكير) نسبه لجده لشهرته به وأبوه عبد الله المخزومي قال: (حدّثنا الليث) بن سعد الإمام (عن عقيل) بضم العين ابن خالد أنه قال: (قال ابن شهاب) محمد بن مسلم (فأخبرني) الفاء عاطفة على محذوف تقديره أخبرني فلان بكذا فأخبرني (عروة بن الزبير) بن العوام (أن عائشة -رضي الله عنها- زوج النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قالت: لم أعقل) بكسر القاف أي لم أعرف (أبوي) أبا بكر وأم رومان، وزاد أبو ذر عن الكشميهني هنا قط بتشديد الطاء المضمومة للنفي في الماضي

<<  <  ج: ص:  >  >>