سنده، ولو صح لاشتهر ونقل، وإنما وضع هذا البناء حول البيت ليقيه السيول كما قاله ابن عبد ربه في كتاب العقد في صفة الكعبة.
وقال ابن تيمية أنه جعل عماد البيت وأيّده بأن داخل الحجر تحت حائط الكعبة الشاذروان فيكون هذا الشاذروان نظير الشاذروان الذي هو خارج البيت ولم يقل أحد أن هذا في الحجر له حكم الشاذروان الخارج ولا أنه عماد وأن الخارج شاذروان فكون هذا الشاذروان مراعى في الطواف لا دليل عليه، ومثل هذا لا يثبت إلا بالإجماع الصحيح المتواتر النقل اهـ.
وأقول قول ابن رشيد: إنه لم يوجد لفظ الشاذروان عن أحد من السلف، ونسبه ابن الصلاح إلى السهو والغلط فيما نقله من ذلك يقال عليه هذا الإمام الأعظم الشافعي قد قال ذلك فيما نقله عنه البيهقي في كتابه معرفة السنن والأخبار، وعبارته قال الشافعي: فكل طواف طافه على شاذروان الكعبة أو في الحجر أو على جداره فكما لم يطف. قال الشافعي: أما الشاذروان فأحسبه مبنيًا على أساس الكعبة ثم يقتصر بالبنيان عن استيطافه، ولا ريب أن الشافعي من أجل السلف ثم إنه لا يلزم من كونه ﵊ كان يستلم الركنين اليمانيين عدم وجود الشاذروان ووجوده ليس مانعًا من استلامهما لصدق القول بأنهما على القواعد، وليس فيما نقله ابن رشيد تصريح بأن ابن الزبير وضع البناء على أساس إبراهيم ﵇ بحيث لم يبق شيئًا مما يسمى شاذرون، ولا وقفت على ذلك في شيء من الروايات، فيحتمل أن يكون الأمر كذلك وأن يكون على حد بناء قريش فأبقي ما قيل أنهم أبقوه، وإذا احتمل الأمر واحتمل سقط الاستدلال به. نعم هدم ابن الزبير لجميع البيت الظاهر منه أنه كان ليعيده على القواعد بحيث لم يترك شيئًا منها خارجًا عن الجدار من جميع جوانبه وإلا فلو كان
غرضه إعادة ما نقصته قريش من جهة الحجر فقط لاكتفى بهدم ذلك فهدمه لجميعه وإعادته لا بد وأن يكون لغرض صحيح، وليس ثم سوى إعادته على بناء الخليل من غير أن يترك منه شيئًا، لكن روى مسلم في صحيحه عن عطاء قال: احترق البيت زمن يزيد بن معاوية قال ابن الزبير: يا أيها الناس أشيروا عليّ في الكعبة أنقضها ثم أبني بناءها أو أصلح ما وهى منها. قال ابن عباس: إني أرى أن تصلح ما وهى منها وتدع بيتًا أسلم الناس عليه وأحجارًا أسلم الناس عليها وبعث عليها النبي ﷺ، فقال ابن الزبير: لو أن أحدكم احترق بيته ما رضي حتى يجدده فكيف ببيت ربكم إني مستخير ربي ثلاثًا ثم عازم على أمر، فلما مضى الثلاث أجمع رأيه على أن ينقضها الحديث. فلم يقل أني أريد إعادته على قواعد إبراهيم بل قال جوابًا لابن عباس حيث قال: إني أرى أن تصلح ما وهى لو أن أحدكم احترق بيته ما رضي حتى يجدده ففيه مع ما قبله إشعار بأن الداعي له على الهدم والبناء زيادة ما نقصته قريش من البيت من جهة الحجر وما وهى بسبب الحريق فلم يتعين أن الهدم كان متمحضًا لإعادتها كلها على القواعد بحيث لا يترك منها شيئًا، ولم أر في شيء من الأحاديث التصريح بأن قريشًا أبقت من الأساس ما يسمى شاذروان، بل السياق مشعر بالتخصيص بالحجر فليتأمل.
وهذا الحديث من علامات النبوة حيث أعلم النبي ﷺ عائشة بذلك فكان الذي تولى نقضها وبناءها ابن اختها ابن الزبير ولم ينقل أنه قال ذلك لغيرها من الرجال والنساء، ويؤيد ذلك قوله ﵊ لها: فإن بدا لقومك أن يبنوه فهلمي لأريك ما تركوا منه فأراها قريبًا من سبعة أذرع رواه مسلم في صحيحه.
٤٣ - باب فَضْلِ الْحَرَمِ، وَقَوْلِهِ تَعَالَى [النمل: ٩١]
(باب فضل الحرم) المكي وهو ما أحاط بمكة وأطاف بها من جوانبها جعل الله تعالى له حكمها في الحرمة تشريفًا لها، وسمي حرمًا لتحريم الله تعالى فيه كثيرًا مما ليس بمحرم في غيره من المواضع، وحده من طريق المدينة عند التنعيم على ثلاثة أميال من مكة، وقيل أربعة ومن طريق اليمن طرف أضاة لبن بفتح الهمزة والضاد المعجمة. ولبن: بكسر اللام وسكون الموحدة على ستة أميال من مكة، وقيل سبعة ومن طريق الجعرانة على تسعة أميال بتقديم المثناة الفوقية على السين ومن طريق الطائف على عرفات من