من الأسد"، وإن كنا نعتقد أن الجذام لا يعدي لكنا نجد في أنفسنا نفرة وكراهية لمخالطته ولأبي ذر والأصيلي وابن عساكر: لا يورد بالمثناة التحتية وكسر الراء في الفرع وفي غيره لا يورد بفتحها مبنيًّا للمفعول. الممرض رفع نائب عن الفاعل.
٥٧٧٥ - وَعَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ: أَخْبَرَنِى سِنَانُ بْنُ أَبِى سِنَانٍ الدُّؤَلِىُّ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ ﵁ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «لَا عَدْوَى» فَقَامَ أَعْرَابِىٌّ فَقَالَ: أَرَأَيْتَ الإِبِلَ تَكُونُ فِى الرِّمَالِ أَمْثَالَ الظِّبَاءِ فَيَأْتِيهِ الْبَعِيرُ الأَجْرَبُ فَتَجْرَبُ؟ قَالَ النَّبِىُّ ﷺ: «فَمَنْ أَعْدَى الأَوَّلَ».
(وعن الزهري) بالسند السابق أنه (قال: أخبرني) بالإفراد (سنان بن أبي سنان) بكسر السين المهملة وتخفيف النون فيهما واسم أبي سنان يزيد بن أمية (الدؤلي) بضم الدال المهملة بعدها همزة مفتوحة نسبة إلى الدؤل بن بكر بن عبد مناة بن كنانة (أن أبا هريرة ﵁ قال: إن رسول الله قال):
(لا عدوى) يعني أن المرض لا يتعدّى من صاحبه إلى من يقاربه من الأصحاء فيمرض لذلك ودخول النسخ في هذا كما تخيله بعضهم لا معنى له فإن قوله: لا عدوى خبر محض لا يمكن
نسخه إلا بأن يقال هو نهي عن اعتقاده العدوى لا نفي لها (فقام أعرابي) لم أعرف اسمه (فقال) يا رسول الله (أرأيت) أخبرني (الإبل تكون في الرمال أمثال الظباء) في الصحة والحسن والقوّة (فيأتيه) بضمير المذكر ولأبي ذر عن الكشميهني فيأتيها (البعير الأجرب) فيخالطها (فتجرب) لذلك (قال النبي ﷺ: فمن أعدى) البعير (الأول) مراده ﷺ أن الأول لم يجرب بالعدوى بل بقضاء الله وقدره فكذلك الثاني وما بعده، وزاد في حديث ابن مسعود عند الإمام أحمد بعد قوله: فمن أجرب الأول؟ إن الله خلق كل نفس وكتب حالها ومصابها ورزقها. الحديث، فأخبر ﷺ أن ذلك كله بقضاء الله وقدره كما دل عليه قوله تعالى: ﴿ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب﴾ [الحديد: ٢٢] الآية. وأما النهي عن إيراد الممرض فمن باب اجتناب الأسباب التي خلقها الله تعالى وجعلها أسبابًا للهلاك أو الأذى والعبد مأمور باتقاء أسباب البلاء إذا كان في عافية منها، وفي حديث مرسل عند أبي داود أن النبي ﷺ مرّ بحائط مائل فقال: أخاف موت الفوات.
٥٧٧٦ - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا ابْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ: سَمِعْتُ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ﵁ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «لَا عَدْوَى، وَلَا طِيَرَةَ، وَيُعْجِبُنِى الْفَأْلُ». قَالُوا: وَمَا الْفَأْلُ؟ قَالَ: «كَلِمَةٌ طَيِّبَةٌ».
وبه قال: (حدّثني) بالإفراد (محمد بن بشار) المعروف ببندار قال: (حدّثنا محمد بن جعفر) المعروف بغندر قال: (حدّثنا شعبة) بن الحجاج (قال: سمعت قتادة) بن دعامة (عن أنس بن مالك ﵁ عن النبي ﷺ) أنه (قال):
(لا عدوى) نهي لما يعتقده أهل الجاهلية من أن هذه الأمراض تعدي بطبعها من غير اعتقاد تقدير الله لذلك (ولا طيرة) وهي من أعمال أهل الشرك والكفر فقد حكاه الله تعالى عن قوم فرعون وقوم صالح وأصحاب القرية التي جاءها المرسلون وورد من ردته الطيرة عن أمر يريده فقد قارف الشرك، وفي حديث ابن مسعود مرفوعًا: "الطيرة من الشرك وما منا إلا من تطير ولكن الله يذهبه بالتوكل" والمشروع اجتناب ما ظهر منها واتقاؤه بقدر ما وردت به الشريعة كاتقاء المجذوم وأما ما خفي منها فلا يشرع اتقاؤه واجتنابه فإنه من الطيرة المنهي عنها. وفي حديث مرسل عند أبي داود أن النبي ﷺ قال: "ليس عبدًا لا يدخل قلبه طيرة فإذا أحس بذلك فليقل أنا عبد الله ما شاء الله لا قوة إلا باله لا يأتي بالحسنات إلا الله ولا يذهب بالسيئات إلا الله أشهد أن الله على كل شيء قدير" ثم يمضي لوجهه.
(ويعجبني الفأل) بهمزة ساكنة كاللاحقة (قالوا: وما الفأل)؟ يا رسول الله (قال: كلمة طيبة) يسمعها أحدكم إذا خرج لحاجته كيًا نجيح وما أشبه ذلك.
وهذا الحديث قد سبق قريبًا في باب الفأل.
٥٥ - باب مَا يُذْكَرُ فِى سَمِّ النَّبِيِّ ﷺ رَوَاهُ عُرْوَةُ عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ-
(باب ما يذكر في سمّ النبي ﷺ) قال في القاموس: السم القاتل المعروف ويثلث الجمع سموم وسمام انتهى. وهو هنا من إضافة المصدر لمفعوله، وقول الكرماني سم بالحركات الثلاث تعقبه العيني بأنه مصدر فلا تكون فيه السين مفتوحة جزمًا والحركات الثلاث إنما تكون في كونه اسمًا (رواه) أي سم النبي ﷺ (عروة) بن الزبير (عن عائشة) ﵂ (عن النبي ﷺ) وصله البزار وغيره وساقه المؤلّف معلمًا أيضًا في الوفاة النبوية بلفظ