يعتقد أن إمامه زاد في صلاته جاهلاً، وإن سجود السهو توجه عليهما. فإذا لم يسجد الإمام سجد المأموم. ذكره في المجموع وغيره:
ووقع عند المؤلّف في تفسير سورة: ص، من طريق مجاهد، قال: سألت ابن عباس: من أين
سجدت؟ فقال: أو ما تقرأ ﴿وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ﴾ [الأنعام: ٨٤] … ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ﴾ [الأنعام: ٩٠] ففي هذا أنه استنبط مشروعية السجود فيها من الآية.
وفي حديث الباب: أنه أخذه عن النبي ﷺ، ولا تعارض بينهما لاحتمال أن يكون استفاد من الطريقين. وزاد في أحاديث الأنبياء، من طريق مجاهد أيضًا، فقال ابن عباس: نبيكم ممن أمر أن يقتدى بهم، فاستنبط منه وجه سجود النبي ﷺ-فيها، من الآية.
والمعنى: إذا كان نبيكم مأمورًا بالاقتداء بهم، فأنت أولى. وإنما أمره بالاقتداء بهم ليستكمل بجميع فضائلهم الجميلة، وخصائلهم الحميدة، وهي نعمة ليس وراءها نعمة. فيجب عليه الشكر لذلك.
وفي الحديث: التحديث والعنعنة والقول، وأخرجه أيضًا في: أحاديث الأنبياء، وأبو داود والترمذي في: الصلاة، والنسائي في: التفسير.
٤ - باب سَجْدَةِ النَّجْمِ
قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ ﵄ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ:
(باب سجدة) سورة (النجم).
(قاله) أي: روى السجود في سورة النجم (ابن عباس ﵄، عن النبي، ﷺ) كما سيأتي في الباب التالي لهذا الباب.
١٠٧٠ - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الأَسْوَدِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ﵁ "أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَرَأَ سُورَةَ النَّجْمِ فَسَجَدَ بِهَا، فَمَا بَقِيَ أَحَدٌ مِنَ الْقَوْمِ إِلاَّ سَجَدَ، فَأَخَذَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ كَفًّا مِنْ حَصًى أَوْ تُرَابٍ فَرَفَعَهُ إِلَى وَجْهِهِ وَقَالَ: يَكْفِينِي هَذَا. فَلَقَدْ رَأَيْتُهُ بَعْدُ قُتِلَ كَافِرًا".
وبه قال: (حدّثنا حفص بن عمر) بضم العين، الحوضي الأزدي البصري (قال: حدّثنا شعبة) بن الحجاج (عن أبي إسحاق) عمرو بن عبد الله السبيعي (عن الأسود) بن يزيد النخعي (عن عبد الله) بن مسعود (﵁):
(أن النبي، ﷺ قرأ سورة النجم، فسجد بها) ولأبي الوقت في نسخة: فسجد فيها، أي: لما
فرغ من قراءتها (فما بقي أحد من القوم) الذين اطلع عليهم عبد الله بن مسعود (إلا سجد) معه ﵊. (فأخذ رجل من القوم) الحاضرين: أمية بن خلف، أو غيره (كفًّا من حصى أو تراب) شك الراوي (فرفعه إلى وجهه، وقال: يكفيني هذا) بفتح أول يكفيني.
(فلقد) زاد أبو ذر، والوقت، والأصيلي: قال عبد الله، أي: ابن مسعود: فلقد (رأيته) أي: الرجل (بعد قتل كافرًا).
فيه أن من سجد معه من المشركين أسلم.
٥ - باب سُجُودِ الْمُسْلِمِينَ مَعَ الْمُشْرِكِينَ، وَالْمُشْرِكُ نَجَسٌ لَيْسَ لَهُ وُضُوءٌ
وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ ﵄ يَسْجُدُ عَلَى غير وُضُوءٍ.
(باب سجود المسلمين مع المشركين، والمشرك نجس) بفتح الجيم (ليس له وضوء) صحيح لأنه ليس أهلاً للعبادة.
(وكان ابن عمر) بن الخطاب (﵄، يسجد) في غير الصلاة (على غير وضوء).
لم يوافقه أحد عليه، لأن السجود في معنى الصلاة، فلا يصح إلا بالوضوء، أو: بدله بشروطه.
نعم، وافق ابن عمر الشعبي فيما رواه ابن أبي شيبة عنه بسند صحيح.
واعترض على الترجمة بأنه: إن أراد المؤلّف الاحتجاج لابن عمر بسجود المشركين، فلا حجة فيه، لأن سجودهم لم يكن للعبادة. وإن أراد الرد على ابن عمر بقوله: والمشرك نجس، فهو أشبه بالصواب.
وفي رواية الأصيلي: يسجد على وضوء، فأسقط لفظ: غير، والأولى ثبوتها لانطباق تبويب المصنف، واستدلاله عليه.
ويؤيده ما عند ابن أبي شيبة، أن ابن عمر كان ينزل عن راحلته فيريق الماء، ثم يركب، فيقرأ السجدة، فيسجد وما يتوضأ.
١٠٧١ - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ: حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄ "أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ سَجَدَ بِالنَّجْمِ، وَسَجَدَ مَعَهُ الْمُسْلِمُونَ وَالْمُشْرِكُونَ، وَالْجِنُّ وَالإِنْسُ".
وَرَوَاهُ ابْنُ طَهْمَانَ عَنْ أَيُّوبَ.
[الحديث ١٠٧١ - طرفه في: ٤٨٦٢].
وبالسند إلى المؤلّف قال: (حدّثنا مسدد) أي: ابن مسرهد (حدّثنا عبد الوارث) بن سعيد (قال: حدّثنا أيوب) هو السختياني (عن عكرمة) مولى ابن عباس (عن ابن عباس ﵄):
(أن النبي ﷺ سجد بالنجم) زاد الطبراني في معجمه الصغير: بمكة.
وفيه تنبيه على اتحاد قصة ابن مسعود السابقة، وابن عباس هذه. قيل: وإنما سجد، ﵊ لما وصفه الله تعالى في مفتتح السورة من أنه ﴿وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى﴾ [النجم: ٣] وذكر بيان قربه منه تعالى وأنه ﴿رَأَى مِنْ آَيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى﴾ [النجم: ١٨] وأنه ﴿مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى﴾ [النجم: ١٧] شكرًا لله تعالى على هذه النعمة العظمى.
(وسجد معه المسلمون والمشركون) أي: الحاضر منهم، أي: لما سمعوا ذكر طواغيتهم ﴿اللَّاتَ وَالْعُزَّى (١٩) وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى﴾ [النجم: ١٩ - ٢٠] لا لما قيل، مما لا يصح: أنه أثنى على آلهتهم.
وكيف يتصوّر ذلك، وقد أدخل همزة الإنكار على الاستخبار، بعد الفاء في قوله في السورة