للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وغيره لكن فرق البيضاوي بينهما بأن الهم إنما يكون هي الأمر المتوقع والحزن فيما قد وقع أو الهم هو الحزن الذي يذيب الإنسان يقال: همني المرض بمعنى أذابني وسمى به ما يعتري الإنسان من شدائد الغم لأنه يذيبه أبلغ وأشدّ من الحزن (والعجز) وهو ذهاب القدرة وأصله التأخر عن الشيء مأخوذ من العجز وهو مؤخر الشيء وللزومه الضعف والقصور عن الإتيان بالشيء استعمل في مقابله (والكسل) التثاقل عن الأمر والفتور فيه مع وجود القدرة والداعية إليه (والبخل) ضدّ الكرم (والجبن) بضم الجيم وسكون الموحدة أي الخور من تعاطي الحرب ونحوها خوفًا على المهجة (وضلع الدين) بفتح الضاد المعجمة واللام يعني ثقله حتى يميل بصاحبه عن الاستواء والاعتدال (وغلبة الرجال) بفتح الغين المعجمة واللام والموحدة، وفي الرواية الأخرى: وقهر الرجال، قال التوربشتي: ويراد به الغلبة. وقال الطيبي: قهر الرجال إما أن تكون إضافته إلى الفاعل أي قهر المدائن إياه وغلبته عليه بالتقاضي، وليس له ما يفضي دينه أو إلى المفعول بأن لا يكون له أحد يعاونه على قضاء ديونه من رجاله وأصحابه.

قال أنس: (فلم أزل أخدمه) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (حتى أقبلنا من خيبر) قافلين (وأقبل بصفية بنت حيي قد حازها) بالحاء المهملة والزاي اختارها من غنيمة خيبر (فكنت أراه) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (يحوّي) بضم التحتية وفتح المهملة وكسر الواو مشددة أي يجعل (لها) حوية كساء محشوًّا يدار حول سنام الراحلة يحفظ راكبها من السقوط ويستريح بالاستناد إليه (وراءه بعباءة أو بكساء) والشك من الراوي وثبت قوله لها لأبي ذر وسقط لغيره (ثم يرفها وراءه) على الراحلة (حتى إذا كنا بالصهباء) موضع بين خيبر والمدينة (صنع حيسًا في نطع) بكسر النون وفتح الطاء كعنب وبفتح النون والمراد السفرة (ثم أرسلني فدعوت رجالًا فأكلوا) من الحيس (وكان ذلك بناءه بها) أي دخوله بصفيه (ثم أقبل) قافلًا إلى المدينة (حتى إذا بدا) ظهر (له أحد) الجبل المكرّم المعروف (قال) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:

(هذا) أُحُد (جبل يحبنا) حقيقة بخلق الله تعالى فيه الإدراك كحنين الجذع أو مجازًا أو بتقدير أهل كاسأل القرية (ونحبه) لأنه في أرض من نحب وهم الأنصار (فلما أشرف) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (على المدينة قال: اللهمّ إني أحرم ما بين جبليها مثل ما حرم به إبراهيم) الخليل -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (مكة) وجبلا المدينة هما عير وأحد، وأما رواية ثور فاستشكلت من حيث إنه بمكة وفيه الغار الذي بات فيه النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لما هاجر والقول بأن المدينة أيضًا جبلًا اسمه ثور أولى لما فيه من عدم توهيم الثقات والمراد تحريم التعظيم دون ما عداه من الأحكام المتعلقة بحرم مكة نعم مشهور مذهب المالكية والشافعية حرمة صيد المدينة وقطع شجرها لكن من غير ضمان.

ومباحث ذلك سبقت أواخر الحج.

(اللهم بارك لهم) لأهل المدينة (في مدّهم) بضم الميم وتشديد الدال المهملة وهو ما يسع رطلًا وثلث رطل أو رطلين (وصاعهم) وهو ما يسع أربعة أمداد وفي حديث آخر وبارك لنا في مدينتنا ولقد استجاب الله دعاء حبيبه وجلب إليها في زمن الخلفاء الراشدين من مشارق الأرض

ومغاربها من كنوز كسرى وقيصر وخاقان ما لا يحصى، وبارك الله تعالى في مكيالها بحيث يكفي المد فيها من لا يكفيه في غيرها، ولقد رأيت من ذلك الأمر الكبير فاسأل الله تعالى بوجهه الكريم، ونبيّه العظيم، عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم أن يمنّ عليّ وأحبابي والمسلمين بالمقام بها على أحسن حال مع الإقبال والقبول، وبلوغ المأمول، والوفاة بها على الإسلام، والقرب منه عليه الصلاة والسلام، في دار السلام بمنّه وكرمه.

٢٩ - باب الأَكْلِ فِي إِنَاءٍ مُفَضَّضٍ

(باب) حكم (الأكل في إناء مفضض) أي جعل فيه الفضه بالتضبيب أو بالخلط أو بالطلاء.

٥٤٢٦ - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سَيْفُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ قَالَ: سَمِعْتُ مُجَاهِدًا يَقُولُ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي لَيْلَى أَنَّهُمْ كَانُوا عِنْدَ حُذَيْفَةَ، فَاسْتَسْقَى فَسَقَاهُ مَجُوسِيٌّ، فَلَمَّا وَضَعَ الْقَدَحَ فِي يَدِهِ رَمَاهُ بِهِ وَقَالَ: لَوْلَا أَنِّي نَهَيْتُهُ غَيْرَ مَرَّةٍ وَلَا مَرَّتَيْنِ، كَأَنَّهُ يَقُولُ: لَمْ أَفْعَلْ هَذَا، وَلَكِنِّي سَمِعْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: «لَا تَلْبَسُوا الْحَرِيرَ وَلَا الدِّيبَاجَ، وَلَا تَشْرَبُوا فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَلَا تَأْكُلُوا فِي صِحَافِهَا، فَإِنَّهَا لَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَلَنَا فِي الآخِرَةِ».

وبه قال: (حدّثنا أبو نعيم) الفضل بن دكين قال: (حدّثنا سيف بن أبي سليمان) المخزومي (قال: سمعت مجاهدًا)

<<  <  ج: ص:  >  >>