للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بإسقاط الباب فما بعده مرفوع وكذا قوله وقول الله تعالى: ({ونقلب أفئدتهم وأبصارهم} [الأنعام: ١١٠]) فأما مقلب فخبر مبتدأ محذوف أي الله مقلب القلوب وما بعده معطوف عليه، والمعنى أنه تعالى مبدل الخواطر وناقض العزائم فإن قلوب العباد بيد قدرته يقلبها كيف يشاء، والأفئدة جمع فؤاد وهو القلب.

وقال الراغب: الفؤاد كالقلب لكن يقال له فؤاد إذا اعتبر فيه معنى التفاؤد أي التوقد يقال: فأدت اللحم شويته ومنه لحم فئيد أي مشوي وظاهر هذا أن الفؤاد غير القلب، ويقال فيه فواد بالواو بدلاً عن الهمزة، وقدم ذكر تقليب الأفئدة على الأبصار لأن موضع الدواعي والصوارف هو القلب فإذا حصلت الداعية في القلب انصرف البصر إليه شاء أم أبى، وإذا حصلت الصوارف في القلب انصرف عنه وهو وإن كان يبصره بحسب الظاهر إلا أنه لا يصير ذلك الإبصار سببًا للوقوف على الفوائد المطلوبة فلما كان المعدول هو القلب، وأما السمع والبصر فهما آلتان للقلب كانا لا محالة تابعين للقلب فلذا وقع الابتداء بذكر تقليب القلوب ثم أتبعه بذكر البصر.

٧٣٩١ - حَدَّثَنِى سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: أَكْثَرُ مَا كَانَ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَحْلِفُ «لَا وَمُقَلِّبِ الْقُلُوبِ».

وبه قال: (حدّثني) ولأبي ذر بالجمع (سعيد بن سليمان) اللقب بسعدويه الواسطى نزيل

بغداد (عن ابن المبارك) عبد الله (عن موسى بن عقبة) صاحب المغازي (عن سالم عن) أبيه (عبد الله) بن عمر بن الخطاب -رضي الله عنهما- أنه (قال: أكثر ما كان النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يحلف لا ومقلب القلوب) أي لا أفعل أو لا أقول وحق مقلب القلوب، وفي نسبة مقلب القلوب إلى الله تعالى إشعار بأنه يتولى قلوب عباده ولا يكلها إلى أحد من خلقه، وفي دعائه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك" إشارة إلى شمول ذلك للعباد حتى الأنبياء ودفع توهم من يتوهم أنهم يستثنون من ذلك قاله البيضاوي.

وفي الحديث أن أعراض القلوب من إرادة وغيرها تقع بخلق الله وجواز تسمية الله بما ثبت في الحديث وإن لم يتواتر وجواز اشتقاق الاسم له من الفعل الثابت، والحديث مرّ في القدر.

١٢ - باب إِنَّ لِلَّهِ مِائَةَ اسْمٍ إِلَاّ وَاحِدًا

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ ذُو الْجَلَالِ: الْعَظَمَةِ الْبَرُّ اللَّطِيفُ

(باب) بالتنوين يذكر فيه (إن لله مائة اسم إلا واحدًا) ولفظ الباب ثابت لأبي ذر وفي روايته عن الحموي والمستملي إلا واحدة بلفظ التأنيث باعتبار معنى التسمية.

(قال ابن عباس) -رضي الله عنهما-: (ذو الجلال) أي (العظمة) وعند ابن كثير في تفسيره. وقال ابن عباس ذو الجلال والإكرام ذو العظمة والكبرياء اهـ. فهو تعالى ذو الجلال الذي لا جلال ولا كمال إلا وهما له مطلقان عم جلاله جميع الأكوان فلم تطق الأكوان رؤيته في الدنيا لهيبة الجلال، فإذا كان في اليوم الموعود فإنه تعالى يبرز لعباده المؤمنين في الجمال والجلال والأنس فينظرون إليه فتعود أنوار النظر عليهم فيتجدد لهم قوّة يقدرون بها على النظر إليه لا أحرمنا الله ذلك بمنّه وفضله ولأبي ذر عن الكشميهني العظيم.

وقال ابن عباس أيضًا فيما وصله الطبري: (البر) معناه (اللطيف). وقال غيره البر المحسن فما من برٍّ وإحسان إلا وهو موليه قال القشيري من كان الله تعالى بارًّا به عصم عن المخالفات نفسه وأدام بفنون اللطائف أنسه وطيب فؤاده وحصل مراده وجعل التقوى زاده. قال: ومن آداب من عرف أنه تعالى البر أن يكون بارًّا بكل أحد لا سيما بأبويه.

٧٣٩٢ - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا مِائَةً إِلَاّ وَاحِدًا، مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ». أَحْصَيْنَاهُ: حَفِظْنَاهُ.

وبه قال: (حدّثنا أبو اليمان) الحكم بن نافع قال: (أخبرنا شعيب) هو ابن أبي حمزة قال: (حدّثنا أبو الزناد) عبد الله بن ذكوان (عن الأعرج) عبد الرحمن بن هرمز (عن أبي هريرة) -رضي الله عنه- (أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال):

(إن لله تسعة وتسعين اسمًا مائة إلا واحدًا) ولأبي ذر: إلا واحدة بالتأنيث، وفائدة قوله مائة إلا واحدًا التأكيد والفذلكة لئلا يزاد على ما ورد كقوله: {تلك عشرة كاملة} [البقرة: ١٩٦] ورفع التصحيف فإن تسعة تصحف بسبعة وتسعين بسبعين بالموحدة فيهما. وفي الاستثناء إشارة إلى أن الوتر أفضل من الشفع إن الله وتر يحب الوتر.

فإن قيل: إذا قلنا بأن الاسم عين المسمى على ما هو الصحيح لزم من قوله إن لله تسعة وتسعين اسمًا الحكم بتعدد الإله؟ والجواب: من وجهين

<<  <  ج: ص:  >  >>