وضوئه عليه الصلاة والسلام (يأخذون منه) للتبرك لكونه مسّ جسده الشريف (ثم دخل) بلال (فأخرج العنزة) بفتح العين المهملة والنون والزاي عصا طويلة فيها زج (وخرج رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) من القبة (كأني أنظر إلى وبيص ساقيه) بفتح الواو وكسر الموحدة وبعد التحتية الساكنة صاد مهملة أي بريقهما وهذا هو المراد من هذا الحديث هنا (فركز العنزة) قدامه بالأرض (ثم صلّى الظهر ركعتين والعصر ركعتين) قصرًا للسفر (يمر بين يديه) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (الحمار والمرأة).
وسبق الحديث في باب استعمال فضل وضوء الناس من كتاب الوضوء.
٣٥٦٧ - حَدَّثَنا الْحَسَنُ بْنُ صَبَّاحٍ الْبَزَّارُ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- "أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يُحَدِّثُ حَدِيثًا لَوْ عَدَّهُ الْعَادُّ لأَحْصَاهُ". [الحديث ٣٥٦٧ - طرفه في: ٣٥٦٨].
وبه قال: (حدّثني) بالإفراد، ولأبي ذر كما في اليونينية لا في فرعها حدّثنا (الحسن بن الصباح) بالتعريف في الفرع وبالتنكير في أصله وهو بالصاد المهملة والموحدة المشدّدة. قال العيني: وهو السابق أو السابق الحسن بن محمد بن الصباح الزعفراني ونسبه إلى جده (البزار) بتقديم الزاي قال: (حدّثنا سفيان) بن عيينة (عن الزهري) محمد بن مسلم (عن عروة) بن الزبير (عن عائشة -رضي الله عنها-: أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان يحدث حديثًا لو عدّه العادّ لأحصاه) لمبالغته -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في الترتيل والتفخيم بحيث لو أراد المستمع عدّ كلماته أو حروفه لأمكنه ذلك لوضوحه وبيانه لا يقال فيه اتحاد الشرط والجزاء لأنه كقوله تعالى: {وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها} [النحل: ١٨]. وقد فسر بلا تطيقوا عدها وبلوغ آخرها.
وهذا الحديث أخرجه أبو داود.
٣٥٦٨ - وَقَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِي يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: "أَلَا يُعْجِبُكَ أَبُو فُلَانٍ جَاءَ فَجَلَسَ إِلَى جَانِبِ حُجْرَتِي يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُسْمِعُنِي ذَلِكَ، وَكُنْتُ أُسَبِّحُ، فَقَامَ قَبْلَ أَنْ أَقْضِيَ سُبْحَتِي، وَلَوْ أَدْرَكْتُهُ لَرَدَدْتُ عَلَيْهِ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمْ يَكُنْ يَسْرُدُ الْحَدِيثَ كَسَرْدِكُمْ".
(وقال الليث) بن سعد الإمام فيما وصله الذهلي في الزهريات عن أبي صالح عن الليث (حدّثني) بالإفراد (يونس) بن يزيد الأيلي (عن ابن شهاب) الزهري (أنه قال: أخبرني) بالإفراد (عروة بن الزبير عن عائشة) -رضي الله عنه- (أنها قالت) لعروة (ألا) بالتخفيف وفتح الهمزة (يعجبك) بضم التحتية وإسكان العين المهملة من الإعجاب (أبو فلان) بالرفع فاعل وهو أبو هريرة كما في مسلم وغيره ولأبي ذر: أبا فلان. قال القاضي عياض: هو منادى بكنيته، ورواه الحافظ
ابن حجر بأن عائشة إنما خاطبت عروة بقولها: ألا يعجبك ثم ذكرت له المتعجب منه وقالت أبا فلان، ولكنه جاء أبا بالألف على اللغة القليلة نحو: ولو ضربه بأبا قيس ثم حكت وجه التعجب فقالت: (جاء) أي أبو هريرة (فجلس إلى جانب حجرتي) حال كونه (يحدث عن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) يسرد حديثه حال كونه (يسمعني ذلك وكنت أسبح) أصلي نافلة أو على ظاهره أي أذكر الله والأول أوجه كما لا يخفى (فقام قبل أن أقضي سبحتي ولو أدركته لرددت عليه) أي لأنكرت عليه سرده وبينت له أن الترتيل في الحديث أولى من السرد (إن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لم يكن يسرد الحديث كسردكم) أي لم يكن يتابع الحديث بحديث استعجالاً بل كان يتكلم بكلام واضح مفهوم على سبيل التأني خوف التباسه على المستمع كان يعيد الكلمة ثلاثًا لتفهم عنه.
٢٤ - باب كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تَنَامُ عَيْنُهُ وَلَا يَنَامُ قَلْبُهُ رَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ مِينَاءَ عَنْ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
هذا (باب) بالتنوين (كان النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تنام عينه) بالإفراد، ولأبي ذر عن الكشميهني: عيناه بالتثنية (ولا ينام قلبه) ليعي الوحي إذا أوحي إليه في منامه. قال عبيد بن عمير رؤيا الأنبياء وحي ثم قرأ: {إني أرى في المنام أني أذبحك} [الصافات: ١٠٢]. (رواه) أي حديث تنام عينه ولا ينام قلبه (سعيد بن ميناء) بكسر الميم وسكون التحتية ممدودًا (عن جابر عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) فيما وصله في كتاب الاعتصام مطولاً.
٣٥٦٩ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ «أَنَّهُ سَأَلَ عَائِشَةَ -رضي الله عنها-: كَيْفَ كَانَتْ صَلَاةُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي رَمَضَانَ؟ قَالَتْ: مَا كَانَ يَزِيدُ فِي رَمَضَانَ وَلَا غَيْرِهِ عَلَى إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً: يُصَلِّي أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ فَلَا تَسْأَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ، ثُمَّ أَرْبَعًا فَلَا تَسْأَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّي ثَلَاثًا. فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ تَنَامُ قَبْلَ أَنْ تُوتِرَ؟ قَالَ: تَنَامُ عَيْنِي وَلَا يَنَامُ قَلْبِي».
وبه قال: (حدّثنا عبد الله بن مسلمة) القعنبي (عن مالك) الإمام (عن سعيد المقبري) بضم الموحدة (عن أبي سلمة بن عبد الرحمن) بن عوف (أنه سأل عائشة -رضي الله عنها- كيف كانت صلاة رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في) ليالي (رمضان؟ قالت: ما كان يزيد في) ليالي (رمضان ولا في) ليالي (غيره على إحدى عشرة ركعة) أي غير ركعتي الفجر، وثبت في من قوله ولا في غيره لأبي ذر وسقطت لغيره (يصلّي أربع ركعات فلا تسأل عن حسنهن وطولهن) أي هن مستغنيات لظهور حسنهن وطولهن عن السؤال عنه