بن عبد الله الأنصاري) قال:(حدّثني) بالإفراد (أبي) هو عبد الله بن المثنى (عن ثمامة) بضم المثلثة وتخفيف الميم ابن عبد الله بن أنس قاضي البصرة (عن) جدّه (أنس) هو ابن مالك (-رضي الله عنه- قال: فجعلها) أي بيرحا أبو طلحة (لحسان) بن ثابت (وأبيّ) هو ابن كعب (وأنا أقرب إليه) منهما (ولم يجعل لي منها شيئًا). وهذا طرف من حديث ساقه بتمامه من هذا الوجه في الوقف وسقط هنا في رواية أبي ذر وثبت لغيره.
٦ - باب {قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}
هذا (باب) بالتنوين في قوله تعالى: ({قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ})[آل عمران: ٩٣] لما قال عليه الصلاة والسلام: "أنا على ملة إبراهيم" قالت اليهود: كيف وأنت تأكل لحوم الإبل وألبانها؟ فقال عليه الصلاة والسلام:"كان حلالًا لإبراهيم فنحن نحله" فقالت اليهود: كل شيء أصبحنا اليوم نحرمه كان محرمًا على نوح وإبراهيم حتى انتهى إلينا فأنزل الله تعالى تكذيبًا لهم وردًّا عليهم حيث أرادوا براءة ساحتهم مما نعى عليهم من البغي والظلم والصد عن سبيل الله وما عدد من مساويهم التي كلما ارتكبوا منها كبيرة حرم الله عليهم نوعًا من الطيبات عقوبة لهم في قوله تعالى: {فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم} إلى قوله: {عذابًا أليمًا}[النساء: ١٦٠] وفي قوله تعالى: {وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذي ظفر} إلى قوله: {ذلك جزيناهم ببغيهم}[الأنعام: ١٤٧]. كل الطعام أي المطعومات كان حلاًّ أي حلالًا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل وهو يعقوب عليه السلام على نفسه من قبل أن تنزل التوراة وهو لحوم الإبل وألبانها وكان ذلك سائغًا في شرعهم، قيل كان به عرق النسا فندر إن شفي لم يأكل أحب الطعام إليه وكان ذلك أحب إليه، وقيل فعل ذلك للتداوي بإشارة الأطباء، واحتج به من جوّز للنبي أن يجتهد وللمانع أن يقول ذلك بإذن من الله فهو كتحريمه ابتداء، ثم أمر الله تعالى نبيه محمدًا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن يحاج اليهود بكتابهم فقال:{قل} أي لليهود {فأتوا بالتوراة فاتلوها} أي فاقرؤوها فإنها ناطقة بما قلناه إذ فيها أن يعقوب حرم ذلك على نفسه قبل أن تنزل وأن تحريم ما حرم عليهم حادث بظلمهم فلم يحضروها فثبت صدق النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فيه وجواز النسخ الذي ينكرونه هذا ما يقتضيه سياق هذه الآية التي أوردها البخاري في هذا الباب وعليه المفسرون.
وبه قال:(حدّثني) بالإفراد (إبراهيم بن المنذر) أبو إسحاق الحزامي قال: (حدّثنا أبو ضمرة) بفتح الضاد المعجمة وسكون الميم أنس بن عياض الليثي قال: (حدّثنا موسى بن عقبة) الإمام في المغازي (عن نافع) مولى ابن عمر (عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-) سقط لأبي ذر لفظ عبد الله (أن اليهود) يهود خيبر (جاؤوا إلى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) في ذي القعدة من السنة الرابعة (برجل منهم) لم يسم (وامرأة) اسمها بسرة (قد زنيا) قال النووي: وكانا من أهل العهد (فقال لهم) عليه الصلاة والسلام:
(كيف تفعلون) ولأبي ذر عن الكشميهني كيف تعملون (بمن زنى منكم؟ قالوا: نحممهما) بضم النون وفتح الحاء المهملة وكسر الميم الأولى مشددة من التحميم يعني نسوّد وجوههما بالحمم وهو الفحم (ونضربهما فقال) عليه الصلاة والسلام لهم: (لا تجدون في التوراة الرجم؟) على من زنى إذا أحصن (فقالوا: لا نجد فيها شيئًا) وإنما سألهم عليه الصلاة والسلام ليلزمهم بما يعتقدونه في كتابهم الموافق لحكم الإسلام إقامة للحجة عليهم لا لتقليدهم ومعرفة الحكم منهم.
(فقال لهم عبد الله بن سلام) -رضي الله عنه- (كذبتم فأتوا بالتوراة فاتلوها إن كتم صادقين) فإن ذلك موجود فيها لم يغير، واستدلّ به ابن عبد البر على أن التوراة صحيحة بأيديهم ولولا ذلك ما سألهم رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عنها ولا دعا بها. وأجيب: بأن سؤاله عنها يدل على صحة جميع ما فيها وإنما يدل على صحة المسؤول عنه منها، وقد علم -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذلك بوحي أو إخبار من أسلم منهم فأراد بذلك تبكيتهم وإقامة الحجة عليهم في مخالفتهم كتابهم وكذبهم عليه وإخبارهم بما ليس فيه وإنكارهم ما هو فيه فأتوا بالتوراة فنشروها (فوضع) عبد الله بن صوريا (مدراسها) بكسر الميم