للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يفقهه استعدادًا لدرك المعاني على ما قدره ثم يلهمني بإلقاء ما هو اللائق باستعداد كل واحد وعليه كلام القاضي

فإذا كان الأول فالمعنى أني ألقى ما يسنح لي وأسوّي فيه ولا أرجح واحدًا على واحد فالله تعالى يوفق كلاًّ منهم على ما أراد وشاء من العطاء وعليه كلام التوربشتي اهـ.

(ولن يزال أمر هذه الأمة مستقيمًا) على الدين الحق (حتى تقوم الساعة أو) قال (حتى يأتي أمر الله) تعالى بالشك من الراوي.

ومطابقة الحديث للترجمة في قوله: ولن يزال أمر هذه الأمة مستقيمًا لأن من جملة الاستقامة أن يكون فيهم التفقه والمتفقه، ولا بد منه لترتبط الأخبار المذكورة بعضها ببعض وتحصل جهة جامعة بينهما معنى.

والحديث سبق في العلم، وأخرجه مسلم في الزكاة والله سبحانه وتعالى أعلم.

١١ - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا} [الأنعام: ٦٥]

(باب قول الله) ولأبي ذر باب بالتنوين في قول الله (تعالى: {أو يلبسكم شيعًا} [الأنعام: ٦٥]) أي متفرقين.

٧٣١٣ - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ عَمْرٌو: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - يَقُولُ: لَمَّا نَزَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- {قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ} [الأنعام: ٦٥] قَالَ: أَعُوذُ بِوَجْهِكَ {أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ} [الأنعام: ٦٥] قَالَ: أَعُوذُ بِوَجْهِكَ فَلَمَّا نَزَلَتْ: {أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ} قَالَ هَاتَانِ أَهْوَنُ أَوْ أَيْسَرُ.

وبه قال: (حدّثنا علي بن عبد الله) المديني قال: (حدّثنا سفيان) بن عيينة (قال عمرو): بفتح العين المهملة ابن دينار (سمعت جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- يقول: لما نزل على رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- {قل هو القادر}) الكامل القدرة ({على أن يبعث عليكم عذابًا من فوقكم} [الأنعام: ٦٥]) كالمطر النازل على قوم نوح حجارة (قال) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:

(أعوذ بوجهك) أي بذاتك من عذابك ({أو من تحت أرجلكم} [الأنعام: ٦٥]) كالرجفة والخسفة ويجوز أن يكون الظرف متعلقًا بيبعث وأن يكون متعلقًا بمحذوف على أنه صفة لعذابًا أي عذابًا كائنًا من هاتين الجهتين (قال) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (أعوذ بوجهك) من عذابك (فلما نزلت: {أو يلبسكم شيعًا}) أي يخلطكم فرقًا مختلفين على أهواء شتى كل فرقة مشايعة لإمام ومعنى خلطهم إنشاء القتال بينهم فيختلطون في ملاحم القتال. وشيعًا نصب على الحال وهي جمع شيعة كسدة وسدر، وقيل المعنى يجعلكم فرقًا ويثبت فيكم الأهواء المختلفة ({ويذيق بعضكم بأس بعض}) بقتل بعضكم بعضًا والبأس السيف والإذاقة استعارة وهي فاشية كقوله تعالى: {ذوقوا مسّ سقر} [القمر: ٤٨]. {ذق إنك أنت العزيز} [الدخان: ٤٩]. {فذوقوا العذاب} [آل عمران: ١٠٦].

وقال:

أذقناهم كؤوس الموت صرفًا ... وذاقوا من أسنتنا كؤوسا

(قال) صلوات الله وسلامه عليه: (هاتان) المحنتان اللبس والإذاقة (أهون أو) قال (أيسر) لأن الفتن بين المخلوقين وعذابهم أهون وأيسر من عذاب الله على الكفر.

والحديث سبق في تفسير سورة الأنعام وأخرجه الترمذي في التفسير.

١٢ - باب مَنْ شَبَّهَ أَصْلاً مَعْلُومًا بِأَصْلٍ مُبَيَّنٍ

قَدْ بَيَّنَ اللَّهُ حُكْمَهُمَا لِيُفْهِمَ السَّائِلَ.

(باب من شبه أصلاً معلومًا بأصل مبين) بفتح التحتية (قد بين الله) ولأبي ذر عن الكشميهني بين رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (حكمهما) بلفظ التثنية ولأبي الوقت حكمهما. قال في الفتح: وفي رواية غير الكشميهني والجرجاني من شبه أصلاً معلومًا بأصل مبين وقد بيّن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حكمهما بإثبات الواو في قوله وقد بيّن (ليفهم السائل) المراد.

٧٣١٤ - حَدَّثَنَا أَصْبَغُ بْنُ الْفَرَجِ، حَدَّثَنِى ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِى سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ أَعْرَابِيًّا أَتَى رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: إِنَّ امْرَأَتِى وَلَدَتْ غُلَامًا أَسْوَدَ وَإِنِّى أَنْكَرْتُهُ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «هَلْ لَكَ مِنْ إِبِلٍ»؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: «فَمَا أَلْوَانُهَا»؟ قَالَ: حُمْرٌ. قَالَ: «هَلْ فِيهَا مِنْ أَوْرَقَ»؟ قَالَ: إِنَّ فِيهَا لَوُرْقًا. قَالَ: «فَأَنَّى تُرَى ذَلِكَ جَاءَهَا»؟ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ عِرْقٌ نَزَعَهَا. قَالَ: «وَلَعَلَّ هَذَا عِرْقٌ نَزَعَهُ، وَلَمْ يُرَخِّصْ لَهُ فِى الاِنْتِفَاءِ مِنْهُ».

وبه قال: (حدّثنا أصبغ بن الفرج) بالمهملة والموحدة والمعجمة في الأول والجيم في الثاني أبو عبد الله المصري قال: (حدّثني) ولأبوي ذر والوقت أخبرني والإفراد في الروايتين (ابن وهب) عبد الله المصري (عن يونس) بن يزيد الأيلي (عن ابن شهاب) محمد بن مسلم الزهري (عن أبي سلمة بن عبد الرحمن) بن عوف (عن أبي هريرة) -رضي الله عنه- (أن أعرابيًّا) اسمه ضمضم بن قتادة كما في المبهمات لعبد الغني بن سعيد وعند مسلم وأصحاب السنن أن أعرابيًّا من فزارة بفتح الفاء وتخفيف الزاي هو فزارة بن ذبيان بن بغيض (أتى رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال): يا رسول الله (إن امرأتي ولدت غلامًا أسود) أي: وإني أنا أبيض ولم أعرف اسم المرأة ولا الغلام، وأسود صفة لغلام وهو لا ينصرف للوزن والصفة (وإني أنكرته) أي استنكرته بقلبي ولا يرد إنه أنكره بلسانه (فقال له رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-):

(هل لك من إبل؟ قال) الأعرابي: (نعم. قال) عليه الصلاة والسلام له: (فما ألوانها)؟ ما مبتدأ من أسماء الاستفهام وألوانها خبره (قال) ألوانها (حمر) رفع خبر المبتدأ المقدر

<<  <  ج: ص:  >  >>