التنبسي قال: (أخبرنا مالك) الإمام (عن محمد بن عبد الرحمن بن نوفل) يتيم عروة (عن عروة) بن الزبير (عن زينب ابنة) ولأبي ذر بنت (أبي سلمة عن أم سلمة) أم المؤمنين أنها (قالت: شكوت إلى رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أني أشتكي) أي أني كنت مريضة لا أقدر على الطواف ماشية (فقال) لي عليه الصلاة والسلام:
(طوفي من وراء الناس وأنت راكبة، فطفت ورسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يصلّي) الصبح (إلى جنب البيت) الحرام (يقرأ بالطور وكتاب مسطور).
وهذا الحديث سبق في الحج.
٤٨٥٤ - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ: حَدَّثُونِي عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ أَبِيهِ -رضي الله عنه- قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقْرَأُ فِي الْمَغْرِبِ بِالطُّورِ، فَلَمَّا بَلَغَ هَذِهِ الآيَةَ {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ * أَمْ خَلَقُوا السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ بَلْ لَا يُوقِنُونَ * أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُسَيْطِرُونَ} [الطور ٣٥ - ٣٧] كَادَ قَلْبِي أَنْ يَطِيرَ. قَالَ سُفْيَانُ: فَأَمَّا أَنَا فَإِنَّمَا سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ يُحَدِّثُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ عَنْ أَبِيهِ سَمِعْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقْرَأُ: فِي الْمَغْرِبِ بِالطُّورِ، لَمْ أَسْمَعْهُ زَادَ الَّذِي قَالُوا لِي.
وبه قال: (حدّثنا الحميدي) عبد الله بن الزبير قال: (حدّثنا سفيان) بن عيينة (قال: حدّثوني) أصحابي (عن الزهري) محمد بن مسلم (عن محمد بن جبير بن مطعم) القرشي النوفلي (عن أبيه -رضي الله عنه-) أنه (قال: سمعت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقرأ في المغرب بالطور فلما بلغ هذه الآية {أم خلقوا من غير شيء}) خلقهم فوجدوا بلا خالق ({أم هم الخالقون})؟ [الطور: ٣٥] لأنفسهم وهذا باطل ({أم خلقوا السماوات والأرض بل لا يوقنون}) [الطور: ٣٦] بأنهم خلقوا أي هم معترفون وهو معنى قوله: {ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله} [لقمان: ٢٥] أو لا يوقنون بأن الله خالق واحد ({أم عندهم خزائن ربك}) خزائن رزق ربك ({أم هم المسيطرون}) [الطور: ٣٧] المتسلطون على الأشياء يدبرونها كيف شاؤوا (كاد قلبي أن يطير) مما تضمنته من بليغ الحجة وفيه وقوع خبر كاد مقرونًا بأن في غير الضرورة قال ابن مالك وقد خفي ذلك على بعض النحويين والصحيح جوازه إلا أن وقوعه غير مقرون بأن أكثر وأشهر من وقوعه بها. اهـ.
ولأبي ذر قال: كاد قلبي يطير فزاد قال وأسقط أن.
(قال سفيان) بن عيينة (فأما أنا فإنما سمعت الزهري يحدّث عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه) أنه قال: (سمعت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقرأ في المغرب بالطور لم) ولأبي ذر ولم (أسمعه) أي ولم أسمع الزهري (زاد الذي قالوا لي) يعني قوله: فلما بلغ إلى آخره، وقد كان جبير بن مطعم قدم على النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بعد وقعة بدر في فداء الأسارى، وكان إذ ذاك مشركًا وكان سماعه هذه الآية من هذه السورة من جملة ما حمله على الدخول في الإسلام بعد.
[٥٣] سورة وَالنَّجْمِ
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ). وَقَالَ مُجَاهِدٌ {ذُو مِرَّةٍ}: ذُو قُوَّةٍ. {قَابَ قَوْسَيْنِ}: حَيْثُ الْوَتَرُ مِنَ الْقَوْسِ. {ضِيزَى}: عَوْجَاءُ. {وَأَكْدَى}: قَطَعَ عَطَاءَهُ. {رَبُّ الشِّعْرَى}: هُوَ مِرْزَمُ الْجَوْزَاءِ. {الَّذِي وَفَّى}: وَفَّى مَا فُرِضَ عَلَيْهِ. {أَزِفَتِ الآزِفَةُ}: اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ. {سَامِدُونَ}: الْبَرْطَمَةُ، وَقَالَ عِكْرِمَةُ يَتَغَنَّوْنَ بِالْحِمْيَرِيَّةِ. وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ {أَفَتُمَارُونَهُ}: أَفَتُجَادِلُونَهُ، وَمَنْ قَرَأَ أَفَتَمْرُونَهُ يَعْنِي أَفَتَجْحَدُونَهُ. {مَا زَاغَ الْبَصَرُ}: بَصَرُ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-. {وَمَا طَغَى}: وَلَا جَاوَزَ مَا رَأَى. {فَتَمَارَوْا}: كَذَّبُوا. وَقَالَ الْحَسَنُ {إِذَا هَوَى}: غَابَ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ {أَغْنَى وَأَقْنَى}: أَعْطَى فَأَرْضَى.
([٥٣] سورة وَالنَّجْمِ)
مكية وآيها إحدى أو اثنتان وستون.
(بسم الله الرحمن الرحيم) سقط لفظ سورة والبسملة لغير أبي ذر.
وقال مجاهد: ({ذو مرة}) [النجم: ٦] أي (ذو قوّة) في خلقه وزاد الفريابي عنه جبريل وقال ابن عباس منظر حسن فإن قلت قد علم كونه ذا قوّة بقوله شديد القوى فكيف يفسر ذو مرة بقوّة؟ أجيب: بأن ذو مرة بدل من شديد القوى لا وصف له أو المراد بالأول قوته في العلم، وبالثاني قوّة جسده فقدم العلمية على الجسدية ({قاب قوسين}) [النجم: ٩] أي (حيث الوتر من القوس) قاله مجاهد فيما وصله الفريابي أيضًا وفيه مضافان محذوفان أي فكان مقدار مسافة قربه عليه الصلاة والسلام منه تعالى مثل مقدار مسافة قاب وهذا ساقط لأبي ذر.
({ضيزى}) [النجم: ٢٢] قال مجاهد فيما وصله الفريابي أيضًا (عوجاء) وقال الحسن غير معتدلة وقيل جائزة حيث جعلتم له البنات التي تستنكفون عنهن وهي فعلى بضم الفاء من الضيز وهو الجور لأنه ليس في كلام العرب فعلى بكسر الفاء صفة وإنما كسرت محافظة على تصحيح الياء كبيض وإلاّ فلو بقيت الضمة انقلبت الياء واوًا وفي نسخة حدباء.
({وأكدى}) [النجم: ٣٤] أي (قطع عطاءه) قال:
فأعطى قليلًا ثم أكدى عطاءه ... ومن يبذل المعروف في الناس يحمد
وهو من قولهم: أكدى الحافر إذا بلغ الكدية وهي الصخرة الصلبة فترك الحفر.
({رب الشعرى}) [النجم: ٤٩] قال مجاهد فيما وصله الفريابي (هو) أي الشعرى (مرزم الجوزاء) بكسر الميم الأولى وهي العبور وقال السفاقسي وهي الهنعة عبدها أبو كبشة وخالف قريشًا في عبادة الأوثان.
({الذي وفى}) أي