خبر مبتدأ محذوف (على راحلته، فلما كانوا) ولأبي ذر عن الكشميهني كان (ببعض الطريق عثرث الناقة) بفتح العين المهملة والمثلثة (فصرع) بضم الصاد المهملة أي سقط (النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- والمرأة) صفية (وأن) بفتح الهمزة (أبا طلحة قال) أنس: (أحسب اقتحم عن بعيره) بالقاف الساكنة والحاء المهملة رمى نفسه من غير روية (فأتى رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال: يا نبي الله جعلني الله فداءك) بكسر الفاء والهمزة (هل أصابك من شيء؟ قال) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:
(لا ولكن عليك بالمرأة) صفية فاحفظها وانظر في أمرها (فألقى أبو طلحة) -رضي الله عنه- (ثوبه على وجهه) حتى لا يرى صفية، ولأبي ذر عن الحموي والمستملي: فألوى بثوبه (فقصد قصدها) أي نحا نحوها ومشى إلى جهتها (فألقى ثوبه عليها) ليسترها به (فقامت المرأة) صفية (فشدّ لهما على راحلتهما فركبا) أي النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وصفية (فساروا) أي النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ومن معه (حتى إذا كانوا بظهر المدينة) أي بظاهرها (أو قال: أشرفوا) بالشين المعجمة والفاء (على المدينة قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-):
(آيبون) جمع آيب راجعون إلى الله (تائبون) راجعون عما هو مذموم شرعًا إلى ما هو محمود قاله تعليمًا لأمته أو تواضعًا (عابدون لربنا حامدون فلم يزل يقولها) أي هذه الكلمات (حتى دخل المدينة).
ومطابقة الحديث للترجمة في قوله: جعلني الله فداءك على ما لا يخفى، وفيه دليل على جواز ذلك إذ لو كان غير سائغ لنهى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قائله ولأعلمه قيل لا يلزم من تسويغ قول ذلك للنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن يسوغ ذلك لغيره لأن نفسه الشريفة أعز من أنفس القائلين وآبائهم. وأجيب: بأن الأصل عدم الخصوصية. وفي حديث ابن عمر أنه قال لفاطمة: (فداك أبوك). وفي حديث ابن مسعود أنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال لأصحابه: (فداكم أبي وأمي). وحديث أنس أنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال مثل ذلك للأنصار رواها ابن أبي عاصم، وأما ما رواه مبارك بن فضالة عن الحسن قال: دخل الزبير على النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهو شاك قال: كيف تجدك جعلني الله فداءك قال ما تركت أعرابيتك بعد؟ فقال الطبري: لا حجة فيه على المنع لأنه لا يقاوم تلك الأحاديث في الصحة وعلى تقدير ثبوت ذلك فليس فيه صريح المنع بل فيه إشارة إلى أنه ترك الأولى في القول للمريض إما بالتأنيس والملاطفة وإما بالدعاء والتوجع.
والحديث سبق في الجهاد.
١٠٥ - باب أَحَبِّ الأَسْمَاءِ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ
(باب) بيان (أحب الأسماء إلى الله عز وجل).
٦١٨٦ - حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ الْفَضْلِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرٍ - رضى الله عنه - قَالَ: وُلِدَ لِرَجُلٍ مِنَّا غُلَامٌ فَسَمَّاهُ الْقَاسِمَ فَقُلْنَا: لَا نَكْنِيكَ أَبَا الْقَاسِمِ، وَلَا كَرَامَةَ فَأَخْبَرَ النَّبِىَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: «سَمِّ ابْنَكَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ».
وبه قال: (حدّثنا صدقة بن الفضل) المروزي الحافظ قال: (أخبرنا ابن عيينة) سفيان قال: (حدّثنا ابن المنكدر) محمد (عن جابر) الأنصاري (-رضي الله عنه-) أنه (قال: ولد) بضم الواو (لرجل) لم أقف على اسمه (منا غلام فسماه القاسم فقلنا لا نكنيك) فتح النون وسكون الكاف (أبا القاسم ولا كرامة) نصب أي لا نكرمك كرامة (فأخبر) بفتح الهمزة والموحدة الرجل (النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) وفي رواية قال في الفتح إنها للأكثر فأخبر بضم الهمزة مبنيًّا للمفعول النبي (فقال) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- له:
(سم ابنك عبد الرحمن). وفي حديث مسلم عن ابن عمر مرفوعًا: "إن أحب الأسماء إلى الله عز وجل عبد الله وعبد الرحمن" وإنما كانا أحب لتضمنهما ما هو واجب لله تعالى ووصف للإنسان وواجب له وهو العبودية ثم أضيف العبد إلى الرب إضافة حقيقية فصدقت أفراد هذين الاسمين وما يلحق بهما كعبد الرحيم وعبد القادر وشرفت بهذا التركيب فحصلت لها هذه الفضيلة.
والحديث أخرجه مسلم في الاستئذان.
١٠٦ - باب قَوْلِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «سَمُّوا بِاسْمِى وَلَا تَكْتَنُوا بِكُنْيَتِى» قَالَهُ أَنَسٌ: عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
(باب قول النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سموا) أبناءكم (باسمي) محمد أو أحمد (ولا تكتنوا) بسكون الكاف وفتح الفوقية وضم النون ولأبي ذر عن الحموي والمستملي ولا تكنوا بفتح الكاف والنون المشدّدة على حذف إحدى التاءين (بكنيتي) بالياء. قال في الفتح: وللأصيلي بكنوتي بالواو بدل التحتية وهي بمعناها