عليه فسألته (من أين يجوز أن أعتمر: قال).
(فرضها رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أي قدرها وبينها أو أوجبها والضمير المنصوب للمواقيت للقرينة
الحالية "لأهل نجد" ساكنيها ومن سلك طريق سفرهم فمر على ميقاتهم، ونجد: بفتح النون وسكون الجيم آخره دال مهملة ما ارتفع من تهامة إلى أرض العراق قاله في الصحاح، وقال في المشارق: ما بين جرش إلى سواد الكوفة وحده مما يلي المغرب الحجاز وعن يسار الكعبة اليمن قال: ونجد كلها من عمل اليمامة. وقال في النهاية: ما ارتفع من الأرض وهو اسم خاص لما دون الحجاز مما يلي العراق. قال في القاموس: النجد ما أشرف من الأرض وما خالف الغور أي تهامة وتضم جيمه مذكر أعلاه تهامة واليمن وأسفله العراق والشام وأوله من جهة الحجاز ذات عرق (قرنًا)، قال النووي على نحو مرحلتين من مكة. قال: في القاموس: قرية عند الطائف أو اسم الوادي كله، وغلط الجوهري في تحريكه وفي نسبة أويس القرني إليه لأنه منسوب إلى قرر بن ردمان بن ناحية بن مراد أحد أجداده انتهى، وثبت في مسلم نحوه، لكن قال القابسي: من سكن أراد الجبل، ومن فتح أراد الطريق الذي يقرب منه. ولأبي ذر: من قرن.
(ولأهل المدينة) يثرب سكانها ومن سلك طريقهم فمر على ميقاتهم "ذا الحليفة" بضم الحاء المهملة وفتح اللام مصغرًا موضع بعده من المدينة ميل كما عند الرافعي، لكن في البسيط: إنها على ستة أميال وصححه في المجموع وهو الذي قاله في القاموس. وقيل سبعة وفي المهمات الصواب المعروف بالمشاهدة أنها على ثلاثة أميال أو تزيد قليلاً.
(ولأهل الشام) من العريش إلى بالس وقيل إلى الفرات قاله النووي ومن سلك طريقهم (الجحفة) بضم الجيم وإسكان الحاء المهملة وفتح الفاء قرية على ستة أميال من البحر وثمان مراحل من المدينة ومن مكة خمس مراحل أو ستة أو ثلاثة. قال ابن الكلبي: كان العماليق يسكنون يثرب فوقع بينهم وبين بني عبيل بفتح المهملة وكسر الموحدة وهم أخوة عاد حرب فأخرجوهم من يثرب فنزلوا مهيعة فجاء سيل فاجتحفهم أي استأصلهم فسميت الجحفة وهي الآن خربة لا يصل إليها أحد لوخمها، وإنما يحرم الناس الآن من رابغ لكونها محاذية لها. وفي حديث عائشة عند النسائي مرفوعًا: "ولأهل الشام ومصر الجحفة". قال الولي ابن العراقي: وهذه زيادة يجب الأخذ بها وعليها العمل وزاد نافع في الباب الآتي بعد بابين إن شاء الله تعالى. قال عبد الله: وبلغني أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: "ويهل أهل اليمن من يلملم" وبقية مباحث الحديث تأتي إن شاء الله تعالى في محالها.
٦ - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى [البقرة: ١٩٧]: {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى}
(باب قول الله تعالى: {وتزودوا}) أي ما يكف وجوهكم عن الناس ولما أمرهم بزاد الدنيا أرشدني إلى الآخرة فقال: ({فإن خير الزاد التقوى}) [البقرة: ١٩٧].
١٥٢٣ - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بِشْرٍ حَدَّثَنَا شَبَابَةُ عَنْ وَرْقَاءَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ
عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- قَالَ: كَانَ أَهْلُ الْيَمَنِ يَحُجُّونَ وَلَا يَتَزَوَّدُونَ، وَيَقُولُونَ: نَحْنُ الْمُتَوَكِّلُونَ، فَإِذَا قَدِمُوا مَكَّةَ سَأَلُوا النَّاسَ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى} رَوَاهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرٍو عَنْ عِكْرِمَةَ مُرْسَلاً.
وبالسند قال: (حدّثنا يحيى بن بشر) بكسر الموحدة وسكون الشين المعجمة. قال ابن خلفون: هو الحريري بفتح الحاء المهملة البلخي الزاهد روى عنه البخاري في: الحج وهجرة النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وروى عنه مسلم مات لخمس خلون من المحرم سنة اثنتين وثلاثين ومائتين. قال: وقد فرق بعض ْالناس بين يحيى بن بشر البلخي وبين يحيى بن بشر الحريري فجعلهما رجلين يروي البخاري عن البلخي ويروي مسلم عن الحريري انتهى. وكذا جعلهما ابن طاهر وأبو علي الجياني واحدًا والصواب التفرقة قال: (حدثنا شبابة) بفتح الشين المعجمة وتخفيف الموحدة الأولى ابن سوار (عن ورقاء) بفتح الواو وسكون الراء ممدودًا ابن عمرو بن كليب اليشكري (عن عمرو بن دينار) بفتح العين وسكون الميم (عن عكرمة) مولى ابن عباس (عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال):
(كان أهل اليمن يحجون ولا يتزودون) زاد ابن أبي حاتم عن ابن عباس من وجه آخر يقولون نحج بيت الله أفلا يطعمنا (ويقولون نحن المتوكلون) على الله تعالى (فإذا قدموا مكة) ولغير الكشميهني: المدينة والأول أصوب لكنه ضبب في اليونينية عليه (سألوا الناس) الزاد فأنزل الله تعالى: {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى} [البقرة: ١٩٧] وليس فيه ذم التوكل لأن ما فعلوه تأكل لأن التوكل قطع النظر عن الأسباب مع تهيئتها لا ترك