للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وجعه) الذي توفي فيه يوم الخميس قبل موته بأربعة أيام (قال: ائتوني بكتاب) أي بأدوات الكتاب كالدواة والقلم أو أراد بالكتاب ما من شأنه أن يكتب فيه كالكاغد وعظم الكتف كما صرح به في رواية مسلم (كتب لكم) بالجزم جوابًا للأمر ويجوز الرفع على الاستئناف أي آمر من يكتب لكم (كتابًا) فيه النص على الأئمة بعدي أو أبين فيه مهمات الأحكام (لا تضلوا بعده) بالنصب على الظرفية، وتضلوا بفتح أوّله وكسر ثانيه مجزوم بحذف النون بدلاً من جواب الأمر. (قال عمر) بن الخطاب لمن حضره من الصحابة: (إن النبي غلبه الوجع و) الحال (عندنا كتاب الله) هو (حسبنا) أي كافينا، فلا نكلف رسول الله ما يشق عليه في هذه الحالة من إملاء الكتاب ولم يكن الأمر في ائتوني للوجوب، وإنما هو من باب الإرشاد للأصلح للقرينة الصارفة للأمر عن الإيجاب إلى الندب، وإلا فما كان يسوغ لعمر الاعتراض على أمر الرسول على أنّ في تركه الإنكار على عمر دليلاً على استصوابه، فكان توقف عمر صوابًا، لا سيما والقرآن فيه تبيان لكل شيء، ومن ثم قال عمر: حسبنا كتاب (فاختلفوا) أي الصحابة عند ذلك فقالت طائفة: بل نكتب لما فيه من امتثال أمره وزيادة الإيضاح، (وكثر) بضم المثلثة (اللغط) بتحريك اللام والغين المعجمة أي الصوت والجلبة بسبب ذلك، فلما رأى ذلك (قال) وفي رواية فقال بفاء العطف وفي أخرى وقال بواوه (قوموا عني) أي عن جهتي (ولا ينبغي عندي التنازع) بالضم فاعل ينبغي، (فخرج ابن عباس) من المكان الذي كان به عندما تحدث بهذا الحديث وهو (يقول: إن الرزيئة) بفتح الراء وكسر الزاي بعدها ياء ساكنة ثم همزة وقد تسهل وتشدد الياء (كل الرزيئة) بالنصب على التوكيد (ما حال) أي الذي حجز (بين رسول الله وبين كتابه) وقد كان عمر أفقه من ابن عباس حيث اكتفى بالقرآن على أنه يحتمل أن يكون كان ظهر له حين همّ بالكتاب أنه مصلحة، ثم ظهر له أو أُوحي إليه بعد أنّ المصلحة في تركه ولو كان واجبًا لم يتركه عليه

الصلاة والسلام لاختلافهم لأنه لم يترك التكليف لمخالفة من خالف، وقد عاش بعد ذلك أيامًا ولم يعاود أمرهم بذلك. ويستفاد من هذا الحديث جواز كتابة الحديث الذي عقد المؤلف الباب له، وكذا من حديث علي وقصة أبي شاه الإذن فيها، لكن يعارض ذلك حديث أبي سعيد الخدري المروي في مسلم مرفوعًا "لا تكتبوا عني شيئًا غير القرآن" وأجيب: بأن النهي خاص بوقت نزول القرآن خشية التباسه بغيره، والإذن في غير ذلك أو الإذن ناسخ للنهي عند الأمن من الالتباس، أو النهي خاص بمن خشي منه الاتّكال على الكتاب دون الحفظ والإذن لمن أمن منه ذلك. وقد كره جماعة من الصحابة والتابعين كتابة الحديث واستحبوا أن يؤخذ عنهم حفظًا كما أخذوا حفظًا، لكن لما قصرت الهمم وخشي الأئمة ضياع العلم دوّنوه وأوّل من دوّن الحديث ابن شهاب الزهري على رأس المائة بأمر عمر بن عبد العزيز، ثم كثر التدوين ثم التصنيف وحصل بذلك خير كثير ولله الحمد والمنّة.

٤٠ - باب الْعِلْمِ وَالْعِظَةِ بِاللَّيْلِ

(باب) تعليم (العلم والعظة) بكسر العين أي الوعظ، وفي بعض النسخ واليقظة (بالليل).

١١٥ - حَدَّثَنَا صَدَقَةُ أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ هِنْدٍ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ. وَعَمْرٌو وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ هِنْدٍ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتِ: اسْتَيْقَظَ النَّبِيُّ ذَاتَ لَيْلَةٍ فَقَالَ: «سُبْحَانَ اللَّهِ مَاذَا أُنْزِلَ اللَّيْلَةَ مِنَ الْفِتَنِ، وَمَاذَا فُتِحَ مِنَ الْخَزَائِنِ. أَيْقِظُوا صَوَاحِبَاتِ الْحُجَرِ، فَرُبَّ كَاسِيَةٍ فِي الدُّنْيَا عَارِيَةٍ فِي الآخِرَةِ».

[الحديث ١١٥ - أطرافه في: ١١٢٦، ٣٥٩٩، ٥٨٤٤، ٦٢١٨، ٧٠٦٩].

وبالسند إلى المؤلف قال: (حدّثنا صدقة) بن الفضيل المروزي، المتوفى سنة ثلاث أو ست وعشرين ومائتين وانفرد المؤلف به عن الستة (قال: أخبرنا ابن عيبنة) سفيان (عن معمر) بفتح الميمين وسكون العين بينهما ابن راشد (عن الزهري) محمد بن مسلم (عن هند) بنت الحرث الفراسية بكسر الفاء وبالسين المهملة، وللكشميهني عن امرأة بدلها (عن أم سلمة) هند وقيل: رملة أم المؤمنين بنت سهل بن المغيرة بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم ورثت عن النبي علمًا كثيرًا، لها في البخاري أربعة أحاديث، وتوفيت سنة تسع وخمسين . (وعمرو) بالرفع على الاستئناف والمعنى أن ابن عيينة حدّث عن معمر عن الزهري، ثم قال: وعمرو وكأنه حدّث

<<  <  ج: ص:  >  >>