ويدخل الجنة؟ فقام رجل منهم فألقى الله عليه شبهه فقتل وصلب، وقيل كان رجلاً ينافقه فخرج ليدل عليه فدخل بيت عيسى ورفع عيسى وألقي شبهه على المنافق فدخلوا عليه فقتلوه وهم يظنون إنه عيسى، ثم اختلفوا فقال بعضهم: إنه إله لا يصح قتله، وقال بعضهم: إنه قد قتل وصلب، وقال بعضهم: إن كان هذا عيسى فأين صاحبنا وإن كان صاحبنا فأين عيسى؟ وقال بعضهم: رفع إلى السماء، وقال بعضهم: الوجه وجه عيسى والبدن بدن صاحبنا ثم تسلطوا على أصحاب عيسى عليه السلام بالقتل والصلب والحبس حتى بلغ أمرهم إلى صاحب الروم فقيل له إن اليهود قد تسلطوا على أصحاب رجل كان يذكر لهم أنه رسول الله وكان يحيي الموتى ويبرئ الأكمه والأبرص ويفعل العجائب فعدوا عليه فقتلوه وصلبوه، فأرسل إلى المصلوب فوضع عن جذعه وجيء بالجذع الذي صلب عليه فعظمه صاحب الروم وجعلوا منه صلبانًا، فمن ثم عظم النصارى الصلبان فكسر عيسى عليه الصلاة والسلام الصليب إذ نزل فيه تكذيبهم وإبطال لما يدعونه من تعظيمه وإبطال دين النصارى والفاء في فيكسر تفصيلية لقوله حكمًا والراء نصب عطفًا على الفعل المنصوب قبله وكذا قوله:
(ويقتل الخنزير) أي يأمر بإعدامه مبالغة في تحريم أكله وفيه بيان أنه نجس لأن عيسى عليه السلام إنما يقتله بحكم هذه الشريعة المحمدية، والشيء الطاهر المنتفع به لا يباح إتلافه، وهذا موضع الترجمة على ما لا يخفى (ويضع الجزية) عن ذمتهم أي يرفعها وذلك بأن يحمل الناس على دين الإسلام فيسلمون وتسقط عنهم الجزية، وقيل يضعها يضربها عليهم ويلومهم إياها من غير محاباة وهذا قاله عياض احتمالاً، وتعقبه النووي بأن الصواب أن عيسى عليه السلام لا يقبل إلا الإسلام، والجزية وإن كانت مشروعة في هذه الشريعة إلا أن مشروعيتها تنقطع بزمن عيسى عليه السلام وليس عيسى بناسخ حكمها بل نبيّنا هو المبين للنسخ بقوله هذا والفعل بالنصب عطفًا على المنصوب السابق وكذا قوله:(ويفيض) بفتح التحتية وكسر الفاء وبالضاد المعجمة أي يكثر (المال حتى لا يقبله أحد) لكثرته واستغناء كل أحد بما في يديه بسبب نزول البركات وتوالي الخيرات بسبب العدل وعدم الظلم، وتخرج الأرض كنوزها وتقلّ الرغبات في اقتناء المال لعلمهم بقرب الساعة. وقوله: ويفيض ضبطه الدمياطي بالنصب كما مرّ، وضبطه ابن التين السفاقسي بالرفع على الاستئناف قال لأنه ليس من فعل عيسى عليه الصلاة والسلام.
وهذا الحديث أخرجه في أحاديث الأنبياء، ومسلم في الإيمان، والترمذي في الفتن وقال: حسن صحيح.
هذا (باب) بالتنوين (لا يذاب شحم الميتة ولا يباع ودكه) بفتح الواو والمهملة دسم اللحم ودهنه الذي يخرج منه (رواه) بمعناه (جابر) فيما رواه المؤلّف في باب بيع الميتة والأصنام (عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-).
وبه قال:(حدّثنا الحميدي) عبد الله بن الزبير المكي قال: (حدّثنا سفيان) بن عيينة قال: (حدّثنا عمرو بن دينار قال: أخبرني) بالإفراد (طاوس) اليماني (أنه سمع ابن عباس -رضي الله عنهما- يقول: بلغ عمر) زاد أبو ذر ابن الخطاب -رضي الله عنه- (أن فلانًا) في مسلم وابن ماجة عن أبي بكر بن أبي شيبة عن ابن عيينة بهذا الإسناد أنه سمرة، وزاد البيهقي من طريق الزعفراني عن سفيان بن جندب (باع خمرًا) أخذها من أهل الكتاب عن قيمة الجزية فباعها منهم معتقدًا جواز ذلك أو باع العصير ممن يتخذه خمرًا والعصير يسمى خمرًا باعتبار ما يؤول إليه أو يكون خلل الخمر ثم باعها ولا يظن بسمرة أنه باع الخمر بعد أن شاع تحريمها قاله القرطبي. وقال الإسماعيلي: يحتمل أن سمرة علم تحريمها ولم يعلم تحريم بيعها ولذلك اقتصر عمر -رضي الله عنه- على ذمه دون عقوبته.
(فقال: قاتل الله فلانًا) يحتمل أنه لم يرد به الدعاء وإنما هي كلمة تقولها العرب عند إرادة الزجر فقالها عمر تغليظًا، والظاهر أن الراوي لم يصرح بسمرة تأدبًا من أن ينسب لأحد من الصحابة ما في ظاهره بشاعة، ومن ثم لم يفسره صاحب المصابيح الشيخ بدر الدين الدماميني