للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رحمه الله بنهيه عن بيع الطعام فدلّ على أن غير الطعام مما فيه حق توفية بخلاف الطعام إذ لو منع من

الجميع لم يكن لذكر الطعام فائدة ودليل الخطاب كالنص عند الأصوليين وفي صفة القبض عند الشافعي تفصيل فما يتناول باليد كالثوب فقبضه بالتناول وما لا ينقل كالعقار فبالتخلية وما ينقل في العادة كالحبوب فبالنقل إلى مكان لا اختصاص للبائع به، والعلة في النهي ضعف الملك فإنه معرّض للسقوط بالتلف.

٢١٣٦ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ -رضي الله عنهما- أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «مَنِ ابْتَاعَ طَعَامًا فَلَا يَبِعْهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ». زَادَ إِسْمَاعِيلُ «مَنِ ابْتَاعَ طَعَامًا فَلَا يَبِعْهُ حَتَّى يَقْبِضَهُ».

وبه قال: (حدّثنا عبد الله بن مسلمة) القعنبي قال: (حدّثنا مالك) الإمام (عن نافع عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال):

(من ابتاع طعامًا فلا يبيعه) ولأبي ذر: فلا يبعه بالجزم (حتى يستوفيه زاد إسماعيل) بن أبي أويس في روايته عن مالك عن نافع عن ابن عمر أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: (من ابتاع طعامًا فلا يبيعه) ولأبي ذر: فلا يبعه بالجزم (حتى يقبضه) وجه ابن حجر الزيادة بأن في قوله: "حتى يقبضه" زيادة في المعنى على قوله: "حتى يستوفيه" لأنه قد يستوفيه بالكيل بأن يكيله البائع ولا يقبضه للمشتري بل يحبسه عنده لينقده الثمن مثلاً وتعقبه العيني بأن الأمر بالعكس لأن لفظ الاستيفاء يشعر بأن له زيادة في المعنى على لفظ الإقباض من حيث أنه إذا أقبض بعضه وحبس بعضه لأجل الثمن يطلق عليه معنى الإقباض في الجملة ولا يقال له استوفاه حتى يقبض الكل. وقال البرماوي كالكرماني: معناه زاد رواية أخرى وهي يقبضه إذ الرواية الأخرى يستوفيه وإلاّ فهو عين السابق إذ معنى الاستيفاء القبض والرجال أربعة وهذه الطريق قد وصلها البيهقي، ولم يذكر في حديثي الباب بيع ما ليس عندك وكأنه لم يثبت على شرطه فاستنبط من النهي عن البيع قبل القبض، ووجه الاستدلال منه بطريق الأولى وحديث النهي عن بيع ما ليس عندك أخرجه أصحاب السُّنن من حديث حكيم بن حزام بلفظ قلت: يا رسول الله يأتيني الرجل فيسألني من المبيع ما ليس عندي أبتاع له من السوق ثم أبيعه منه فقال لا تبع ما ليس عندك.

٥٦ - باب مَنْ رَأَى إِذَا اشْتَرَى طَعَامًا جِزَافًا أَنْ لَا يَبِيعَهُ حَتَّى يُئْوِيَهُ إِلَى رَحْلِهِ، وَالأَدَبِ فِي ذَلِكَ

(باب من رأى إذا اشترى طعامًا جزافًا) بتثليث الجيم وهو البيع بلا كيل ونحوه (أن لا يبيعه حتى يؤويه) أي ينقله (إلى رحله) منزله، وفي نسخة: رحاله بلفظ الجمع (و) بيان (الأدب في ذلك).

٢١٣٧ - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ -رضي الله عنهما- قَالَ: "لَقَدْ رَأَيْتُ النَّاسَ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَبْتَاعُونَ جِزَافًا -يَعْنِي الطَّعَامَ- يُضْرَبُونَ أَنْ يَبِيعُوهُ فِي مَكَانِهِمْ حَتَّى يُؤْوُوهُ إِلَى رِحَالِهِمْ".

وبه قال: (حدّثنا يحيى بن بكير) المصري قال: (حدّثنا الليث) بن سعد الإمام (عن يونس) بن يزيد الأيلي (عن ابن شهاب) الزهري أنه (قال: أخبرني) بالإفراد (سالم بن عبد الله أن) أباه (ابن عمر) وفي نسخة: أن عبد الله بن عمر (-رضي الله عنهما- قال: لقد رأيت الناس في عهد رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يبتاعون) بموحدة ساكنة قبل المثناة الفوقية، ولابن عساكر: يتبايعون بتأخير الموحدة وبعد الألف تحتية (جزافًا) بكسر الجيم وتفتح وتضم (يعني الطعام يضربون) بضم أوّله وفتح ثالثه (أن يبيعوه) أي كراهية أن يبيعوه أو فيه لا مقدرة كما في قوله تعالى: {يبين الله لكم أن تضلوا} [النساء: ١٧٦] (في مكانهم حتى يؤووه إلى رحالهم) منازلهم وهذا قد خرج مخرج الغالب والمراد القبض. وفي بعض طرق مسلم عن ابن عمر: كنا نبتاع الطعام فيبعث علينا رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من يأمر بانتقاله من المكان الذي ابتعناه فيه إلى مكان سواه قبل أن نبيعه. وفرق مالك في المشهور عنه بين الجزاف والمكيل فأجاز بيع الجزاف قبل قبضه لأنه مرئي فيكفي فيه التخلية والاستيفاء إنما يكون في مكيل أو موزون، وقد روى أحمد من حديث ابن عمر مرفوعًا من اشترى بكيل أو وزن فلا يبيعه حتى يقبضه.

وفي الحديث مشروعية تأديب من يتعاطى العقود الفاسدة.

٥٧ - باب إِذَا اشْتَرَى مَتَاعًا أَوْ دَابَّةً فَوَضَعَهُ عِنْدَ الْبَائِعِ، أَوْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يُقْبَضَ

وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ -رضي الله عنهما-: مَا أَدْرَكَتِ الصَّفْقَةُ حَيًّا مَجْمُوعًا فَهُوَ مِنَ الْمُبْتَاعِ.

هذا (باب) بالتنوين (إذا اشترى) شخص (متاعًا أو دابةً فوضعه) أي ترك المبيع (عند البائع) فتلف أو تعيب (أو مات) الحيوان (قبل أن يقبض) بضم أوّله مبنيًّا للمفعول بآفة سماوية انفسخ البيع في التالف والميت وسقط الثمن عن المشتري لتعذر القبض المستحق سواء عرضه البائع عليه فلم يقبله أو لا قاله الشيخ أبو حامد وغيره.

قال السبكي

<<  <  ج: ص:  >  >>