للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أبو المؤمنين مع أن الله تعالى يقول: {ما كان محمد أبا أحد من رجالكم} [الأحزاب: ٤٠] وقال عليه الصلاة والسلام: "إنما أنا لكم بمنزلة الوالد" ولم يقل أنا لكم أب ولم يأت في ذلك حديث صحيح ولا غيره مما يصلح للدلالة اهـ.

وأجيب: بأن معنى الآية أي لم يكن أب رجل منكم حقيقة حتى يثبت بينه وبينه ما يثبت بين الأب وولده من حرمة المصاهرة وغيرها، ولكن كان رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أبا أمته فيما يرجع إلى وجوب التوقير والتعظيم له عليهم ووجوب الشفقة والنصيحة لهم عليه لا في سائر الأحكام الثابتة بين الآباء والأبناء اهـ من الكشاف ولا يثبت له عليه إلا الأبوّة المجازية. وقال في الروضة، قال بعض أصحابنا: لا يجوز أن يقال هو أبو المؤمنين لهذه الآية. قال: ونص الشافعي على أنه يجوز أن يقال أبو المؤمنين أي في الحرمة اهـ. وقال البغوي من أصحابنا: كان النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أبا الرجال والنساء جميعًا.

(قال أبو هريرة) -رضي الله عنه- بالسند السابق (فبكى عمر بن الخطاب) لما سمع ذلك سرورًا أو تشوقًا إليه (ثم قال: أعليك) بهمزة الاستفهام وسقطت لأبي ذر عن الكشميهني أفديك (بأبي أنت وأمي يا رسول الله أغار؟) قيل: هذا من القلب والأصل أعليها أغار منك.

قال في الكواكب: لفظ عليك ليس متعلقًا بأغار بل التقدير مستعليًا عليك أغار منها قال فدعوى القلب المذكور ممنوعة إذ لا يجوز ارتكاب القلب مع وضوح المعنى بدونه، ويحتمل أن يكون أطلق على وأراد من كما قيل إن حروف الجر تتناوب اهـ.

وقد جاء (على) بمعنى (من) كقوله تعالى: {إذا اكتالوا على الناس يستوفون} [المطففين: ٢] وفي وضوء المرأة المذكورة إلى جانب قصر عمر إشارة إلى أنها تدرك خلافته وكان كذلك.

٧٠٢٤ - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِىٍّ، حَدَّثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «دَخَلْتُ الْجَنَّةَ فَإِذَا أَنَا بِقَصْرٍ مِنْ ذَهَبٍ، فَقُلْتُ: لِمَنْ هَذَا؟ فَقَالُوا: لِرَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ، فَمَا مَنَعَنِى أَنْ أَدْخُلَهُ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ إِلَاّ مَا أَعْلَمُ مِنْ غَيْرَتِكَ» قَالَ: وَعَلَيْكَ أَغَارُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟.

وبه قال: (حدّثنا عمرو بن علي) بفتح العين وسكون الميم ابن بحر بن كثير أبو حفص الباهلي الصيرفي البصري قال: (حدّثنا معتمر بن سليمان) بن طرخان البصري قال: (حدّثنا عبيد الله) بضم العين (ابن عمر) بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب (عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله) الأنصاري -رضي الله عنه- أنه (قال: قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-):

(دخلت الجنة) في المنام (فإذا أنا بقصر من ذهب فقلت) لجبريل ومن معه (لمن هذا؟) القصر (فقالوا: لرجل من قريش) وفي الرواية السابقة قالوا لعمر بن الخطاب (فما منعني أن أدخله يا ابن الخطاب إلا ما أعلم من غيرتك) قال صاحب الكواكب: علم النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنه عمر بن الخطاب بالوحي أو بالقرائن (قال) عمر (وعليك أغار يا رسول الله) بواو العطف وهمزة الاستفهام مقدرة قال المعبرون القصر في المنام عمل صالح لأهل الدين ولغيرهم حبس وضيق وقد يعبر دخول القصر بالتزوّج.

٣٢ - باب الْوُضُوءِ فِى الْمَنَامِ

(باب) رؤية (الوضوء في المنام).

٧٠٢٥ - حَدَّثَنِى يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِى سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُنِى فِى الْجَنَّةِ، فَإِذَا امْرَأَةٌ تَتَوَضَّأُ إِلَى جَانِبِ قَصْرٍ، فَقُلْتُ: لِمَنْ هَذَا الْقَصْرُ؟ فَقَالُوا: لِعُمَرَ فَذَكَرْتُ غَيْرَتَهُ فَوَلَّيْتُ مُدْبِرًا» فَبَكَى عُمَرُ وَقَالَ: عَلَيْكَ بِأَبِى أَنْتَ وَأُمِّى يَا رَسُولَ اللَّهِ أَغَارُ؟.

وبه قال: (حدّثني) بالإفراد (يحيى بن بكير) هو يحيى بن عبد الله بن بكير القرشي المخزومي مولاهم المصري قال: (حدّثنا الليث) بن سعد الإمام (عن عقيل) بضم العين وفتح القاف ابن خالد (عن ابن شهاب) محمد بن مسلم الزهري أنه قال: (أخبرني) بالإفراد (سعيد بن المسيب) بفتح التحتية المشدّدة أو كسرها لقوله سيب الله من سيبني (أن أبا هريرة) رضي الذي عنه (قال: بينما) بالميم (نحن جلوس عند رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال):

(بينا) بغير ميم (أنا نائم رأيتني) أي رأيت نفسي (في الجنة فإذا امرأة) هي أم سليم وكان هذا في حال حياتها (تتوضأ إلى جانب قصر فقلت) للملائكة (لمن هذا القصر فقالوا لعمر) فأردت أن أدخله (فذكرت غيرته) بضمير الغائب وفي النكاح وهو في المجلس (فوليت مدبرًا فبكى عمر) سرورًا لما منحه الله أو تشوقًا إليه (وقال عليك) بإسقاط الاستفهام (بأبي أنت وأمي يا رسول الله أغار) جملة معترضة أي أنت مفدى بأبي وأمي وسقط لفظ أنت لأبي ذر.

ومطابقة الحديث للترجمة في قوله: "فإذا امرأة تتوضأ" وقد قيل إنه إنما ذكر الوضوء إشارة إلى أن الوضوء يوصل إلى الجنة وإلى ذلك النعيم المقيم، وقال أهل التعبير: الوضوء في المنام وسيلة أو عمل فإن أتمه في النوم حصل مراده في اليقظة وإن تعذر لعزة الماء مثلاً أو توضأ بماء لا يجوز فلا، والوضوء

<<  <  ج: ص:  >  >>