للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بكر رضي الله عنه) لقتالهم (فعرفت أنه الحق) بما ظهر من الدليل الذي أقامه الصديق نصًّا وإقامة الحجة لا أنه قلده في ذلك لأن المجتهد لا يقلد مجتهد.

وذكر البغوي والطبري وابن شاهين والحاكم في الإكليل من رواية حكيم بن حكيم بن حكيم بن عباد بن حنيف عن فاطمة بنت خشاف السلمية عن عبد الرحمن الظفري وكانت له صحبة قال: بعث رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إلى رجل من أشجع أن تؤخذ منه صدقته فأبى أن يعطيها فرده إليه الثانية فأبى ثم ردّه إليه الثالثة وقال: إن أبى فاضرب عنقه اللفظ للطبراني ومداره عندهم على الواقدي عن عبد الرحمن بن

عبد العزيز الإمامي عن حكيم، وذكره الواقدي في أوّل كتاب الردة وقال في آخره قال عبد الرحمن بن عبد العزيز فقلت لحكيم بن حكيم: ما أرى أبا بكر الصديق قاتل أهل الردة إلا على هذا الحديث. قال: أجل. وخشاف: ضبطه ابن الأثير بفتح المعجمة وتشديد الشين المعجمة وآخره فاء وفي الحديث: أن حول النتاج حول الأمهات وإلا لم يجز أخذ العناق. وهذا مذهب الشافعية، وبه قال أبو يوسف. وقال أبو حنيفة ومحمد: لا تجب الزكاة في المسألة المذكورة وحملا الحديث على المبالغة.

وهذا الحديث أخرجه المؤلّف أيضًا في استتابة المرتدين وفي الاعتصام، ومسلم في الإيمان وكذا الترمذي، وأخرجه النسائي أيضًا فيه وفي المحاربة.

٢ - باب الْبَيْعَةِ عَلَى إِيتَاءِ الزَّكَاةِ

{فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ} [التوبة: ١١].

(باب البيعة على إيتاء الزكاة) بفتح الموحدة ({فإن تابوا}) من الكفر ({وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم}) فهم إخوانكم ({في الدين}) لهم ما لكم وعليهم ما عليكم. وساق المؤلّف هذه الآية الشريفة هنا تأكيدًا لحكم الترجمة أي: فكما لا يدخل الكافر في التوبة من الكفر وينال أخوة المؤمنين في الدين إلا بإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة كذلك بيعة الإسلام لا تتم إلا بإيتاء الزكاة ومانعها ناقض للعهد مبطل لبيعته، لأن كل ما تضمنته بيعته عليه الصلاة والسلام فهو واجب.

١٤٠١ - حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ عَنْ قَيْسٍ قَالَ: "قَالَ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: بَايَعْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى إِقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ وَالنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ".

وبه قال: (حدّثنا ابن نمير) بضم النون وفتح الميم محمد (قال: حدّثني) بالإفراد (أبي) عبد الله بن نمير (قال: حدّثنا إسماعيل) بن أبي خالد الأحمسي البجلي مولاهم الكوفي التابعي (عن قيس) هو ابن أبي حازم واسمه عوف البجلي التابعي المخضرم (قال: قال جرير بن عبد الله) البجلي الأحمسي (رضي الله عنه: بايعت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) من المبايعة وهي عقد العهد (على إقام الصلاة) بحذف التاء من إقامة لأن المضاف إليه عوض عنها (وإيتاء الزكاة) أي إعطائها (والنصح لكل مسلم) وكافر بإرشاده إلى الإسلام فالتخصيص للغالب، وقوله: والنصح بالجر عطفًا على سابقه، والحديث سبق في آخر كتاب الإيمان.

٣ - باب إِثْمِ مَانِعِ الزَّكَاةِ

وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لأِنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ} [التوبة: ٣٤ - ٣٥].

(باب إثم مانع الزكاة، وقول الله تعالى) بالجر عطفًا على سابقه وبالرفع على الاستئناف ({والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها}) الضمير للكنوز الدال عليها يكنزون أو للأموال فإن الحكم عام وتخصيصهما بالذكر لأنهما قانون التموّل أو للفضة لأنها أقرب ويدل على أن حكم الذهب كذلك بطريق الأولى ({في سبيل الله}) المراد به المعنى الأعم لا خصوص أحد السهام الثمانية، وإلا لاختص بالصرف إليه بمقتضى هذه الآية ({فبشرهم بعذاب أليم}) [التوبة: ٣٤] هو الكيّ بهما ({يوم يحمى عليها في نار جهنم}) يوم توقد النار ذات حمى وحر شديد على الكنوز، وأصله: تحمى بالنار فجعل الإحماء للنار مبالغة، ثم طوى ذكر النار وأسند الفعل للجار والمجرور تنبيهًا على المقصود وانتقل من صيغة التأنيث إلى صيغة التذكير وإنما قال: عليها والمذكور شيئان لأن المراد دنانير ودراهم كثيرة، كما قال عليّ رضي الله عنه: فيما قاله الثوري عن أبي حصين عن أبي الضحى عن جعدة بن هبيرة

عنه: أربعة آلاف وما دونها نفقة وما فوقها كنز ({فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم}) لأنها مجوّفة فتسرع الحرارة إليها أو الكي في الوجه أبشع وأشهر وفي الظهر والجنب أوجع وآلم وقيل: لأن جمعهم وإمساكهم كان لطلب الوجاهة بالغنى والتنعم بالمطاعم الشهية والملابس البهية. وقيل: لأن صاحب الكنز إذا رأى الفقير قبض جبهته وولى ظهره

<<  <  ج: ص:  >  >>