(عن عطاء بن أبي ميمونة) البصري التابعي (قال) وفي رواية يقول: (سمع أنس بن مالك) ﵁ (قال):
(كان النبى ﷺ إذا خرج لحاجته) للتخلّي (تبعته أنا وغلام) بضمير الفصل ليصح العطف (ومعنا عكازة) بضم العين وتشديد الكاف عصا ذات زج (و) قال (عصا أو عنزة) وهي أطول من العصا وأقصر من الرمح، ولأبي الهيثم أو غيره بالغين المعجمة والمثناة التحتية والراء أي غير كل واحد من العكازة والعصا، وصوّب الأولى عياض لموافقتها لسائر الأمهات، وحمل ابن حجر الثانية على التصحيف ونازعه العيني في ذلك. (ومعنا إداوة) بكسر الهمزة (فإذا فرغ من حاجته ناولناه الإداوة) فيستنجي بالماء أو بالحجر ويتوضأ بالماء وينبش بالعنزة الأرض الصلبة عند قضاء الحاجة خوف الرشاش ويصلّي عليها.
٩٤ - باب السُّتْرَةِ بِمَكَّةَ وَغَيْرِهَا
(باب) استحباب (السترة) لدفع المارّ (بمكة وغيرها).
٥٠١ - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِالْهَاجِرَةِ فَصَلَّى بِالْبَطْحَاءِ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ رَكْعَتَيْنِ وَنَصَبَ بَيْنَ يَدَيْهِ عَنَزَةً وَتَوَضَّأَ فَجَعَلَ النَّاسُ يَتَمَسَّحُونَ بِوَضُوئِهِ.
وبالسند قال: (حدّثنا سلمان بن حرب) بفتح الحاء المهملة وسكون الراء آخره موحدة (قال: حدّثنا شعبة) بن الحجاج (عن الحكم) بفتح الحاء والكاف ابن عتيبة بضم العين وفتح المثناة الفوقية الكوفي (عن أبي جحيفة) وهب بن عبد الله ﵁ (قال):
(خرج رسول الله ﷺ بالهاجرة فصلّى بالبطحاء) أي بطحاء مكة (الظهر والعصر) كل واحدة
منهما (ركعتين) جمع بينهما (ونصب بين يديه عنزة وتوضأ) الواو لمطلق الجمع لا للترتيب وحينئذ فلا إشكال هنا في سياق نصب العنزة والوضوء بعد الصلاة، (فجعل الناس يتمسحون بوضوئه) ﵊ بقتح الواو بالماء الذي فضل منه أو بالماء المتقاطر من أعضائه حال التوضؤ، واستنبط منه التبرك بما يلامس أجساد الصالحين وطهارة الماء المستعمل، وحكمة السترة درء المارّ بين يديه، ويستحب بمكة وغيرها كما هو معروف عند الشافعية، ولا فرق في منع المرور بين يدي المصلي بين مكة وغيرها. نعم اغتفر بعضهم ذلك للطائفين دون غيرهم للضرورة.
٩٥ - باب الصَّلَاةِ إِلَى الأُسْطُوَانَةِ
وَقَالَ عُمَرُ: الْمُصَلُّونَ أَحَقُّ بِالسَّوَارِي مِنَ الْمُتَحَدِّثِينَ إِلَيْهَا.
وَرَأَى عُمَرُ رَجُلاً يُصَلِّي بَيْنَ أُسْطُوَانَتَيْنِ فَأَدْنَاهُ إِلَى سَارِيَةٍ فَقَالَ: صَلِّ إِلَيْهَا.
(باب) استحباب (الصلاة إلى) جهة (الاسطوانة) بهمزة قطع مضمومة. (وقال عمر) بن الخطاب ﵁ مما وصله ابن أبي شيبة: (المصلّون أحق بالسواري) في التستر بها (من المتحدثين) المستندين (إليها) لأنهما وإن اشتركا في الحاجة إليها فالمصلّي أحق إذ هو في عبادة محققة، (ورأى عمر) مما هو موصول عند ابن أبي شيبة أيضًا، ولأبوي ذر والوقت والأصيلي وابن عساكر في نسخة: رأى ابن عمر (رجلاً يصلّي بين أسطوانتين) بضم الهمزة (فأدناه) أي قربه (إلى سارية فقال: صل إليها).
٥٠٢ - حَدَّثَنَا الْمَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ قَالَ: كُنْتُ آتِي مَعَ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ فَيُصَلِّي عِنْدَ الأُسْطُوَانَةِ الَّتِي عِنْدَ الْمُصْحَفِ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا مُسْلِمٍ أَرَاكَ تَتَحَرَّى الصَّلَاةَ عِنْدَ هَذِهِ الأُسْطُوَانَةِ، قَالَ: فَإِنِّي رَأَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَتَحَرَّى الصَّلَاةَ عِنْدَهَا.
وبه قال: (حدّثنا المكي بن إبراهيم) البلخي (قال: حدّثنا يزيد بن أبي عبيد) بضم العين الأسلمي (قال):
(كنت آتي مع سلمة بن الأكوع) الأسلمي (فيصلّي عند الأسطوانة) بقطع الهمزة المضمومة المتوسطة في الروضة المعروفة بالمهاجرين (التي عند المصحف) الذي كان في المسجد من عهد عثمان بن عفان ﵁. قال يزيد: (فقلت) لابن الأكوع؛ (يا أبا مسلم أراك) بفتح الهمزة أي أبصرك (تتحرى) تجتهد وتختار وتقصد (الصلاة عند هذه الأسطوانة قال: فإني رأيت النبي) وللأصيلي: رأيت رسول الله (ﷺ يتحرى الصلاة عندها) لأنها أولى أن تكون سترة من العنزة.
ورواته ثلاثة، وفيه التحديث والقول، وأخرجه مسلم وابن ماجة في الصلاة.
٥٠٣ - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرِو بْنِ عَامِرٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: لَقَدْ رَأَيْتُ كِبَارَ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ﷺ يَبْتَدِرُونَ السَّوَارِيَ عِنْدَ الْمَغْرِبِ. وَزَادَ شُعْبَةُ عَنْ عَمْرٍو عَنْ أَنَسٍ: حَتَّى يَخْرُجَ النَّبِيُّ ﷺ.
[الحديث ٥٠٣ - طرفه في: ٦٢٥].
وبه قال: (حدّثنا قبيصة) بفتح القاف وكسر الموحدة وبالصاد المهملة ابن عقبة الكوفي (قال: حدّثنا سفيان) الثوري (عن عمرو بن عامر) بفتح العين وسكون الميم الكوفي الأنصاري (عن أنس) وللأصيلي أنس بن مالك (قال):
(لقد رأيت) وللحموي والمستملي لقد أدركت (كبار أصحاب النبي ﷺ يبتدرون) بالدال المهملة (السواري) يتسارعون إليها (عند) أذان (المغرب). (وزاد شعبة) مما هو موصول في كتاب الأذان (عن عمرو) أي عامر الأنصاري (عن أنس) (حتى) وفي رواية حين (يخرج النبي ﷺ) ورواة هذا الحديث الأربعة كوفيون، وفيه التحديث والعنعنة.
٩٦ - باب الصَّلَاةِ بَيْنَ السَّوَارِي فِي غَيْرِ جَمَاعَةٍ
(باب) حكم (الصلاة بين السواري في غير جماعة) أما فيها فكره قوم الصلاة بينها