خزيمة، في رواية وكيع، عن ابن أبي ذئب: فأمر عثمان بالأذان الأول. ولا منافاة بينهما، لأنه أول باعتبار الوجود، ثالث باعتبار مشروعية عثمان له باجتهاده، وموافقة سائر الصحابة له بالسكوت وعدم الإنكار، فصار إجماعًا سكوتيًّا.
وأطلق الأذان على الإقامة، تغليبًا بجامع الإعلام فيهما ومنه قوله عليه الصلاة والسلام "بين كل أذانين صلاة لمن شاء".
وزاد أبو ذر في روايته: (قال أبو عبد الله) أي البخاري: (الزوار موضع بالسوق بالمدينة) قيل إنه مرتفع كالمنارة، وقيل حجر كبير عند باب المسجد.
ورواة هذا الحديث أربعة، وفيه التحديث والإخبار والعنعنة والقول، وأخرجه المؤلّف أيضًا في الجمعة، وأبو داود في الصلاة، وكذا الترمذي وابن ماجة.
٢٢ - باب الْمُؤَذِّنِ الْوَاحِدِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ
(باب المؤذن الواحد يوم الجمعة).
٩١٣ - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ الْمَاجِشُونُ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ: "أَنَّ الَّذِي زَادَ التَّأْذِينَ الثَّالِثَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ -رضي الله عنه-حِينَ كَثُرَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ- وَلَمْ يَكُنْ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُؤَذِّنٌ غَيْرَ وَاحِدٍ، وَكَانَ التَّأْذِينُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ حِينَ يَجْلِسُ الإِمَامُ" يَعْنِي عَلَى الْمِنْبَرِ.
وبالسند قال: (حدّثنا أبو نعيم) الفضل بن دكين (قال: حدّثنا عبد العزيز بن أبي سلمة) بفتح اللام، هو ابن عبد الله بن أبي سلمة (الماجشون) بكسر الجيم وفتحها، بعدها معجمة مضمومة، المدني، نزيل بغداد، (عن) ابن شهاب (الزهري عن السائب بن يزيد) الكندي: (أن الذي زاد التأذين الثالث) الذي هو الأول وجودًا كما مر قريبًا (يوم الجمعة: عثمان بن عفان، رضي الله عنه) أثناء
خلافته (حين كثر أهل المدينة -ولم يكن للنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مؤذن غير واحد) أي: يؤذن يوم الجمعة وإلا فله بلال، وابن أم مكتوم، وسعد القرظ.
وغير: بالنصب: خبر كان، ولأبي ذر: غير واحد، بالرفع، وهو الظاهر في إرادة نفي تأذين اثنين معًا. أو المراد: أن الذي كان يؤذن هو الذي كان يقيم. وقد نص الشافعي رحمه الله على كراهة التأذين جماعة.
(وكان التأذين يوم الجمعة حين يجلس الإمام، يعني على المنبر) قبل الخطبة، وفي نسخة لأبوي ذر والوقت: حين يجلس الإمام على المنبر، فأسقط لفظ: يعني.
٢٣ - باب يُجِيبُ الإِمَامُ عَلَى الْمِنْبَرِ إِذَا سَمِعَ النِّدَاءَ
هذا (باب) بالتنوين (يجيب الإمام) المؤذن هو (على المنبر إذا سمع النداء) أي الأذان، ولكريمة: يؤذن الإمام، بدل: يجيب، وكأنه سماه: أذانًا لكونه بلفظه.
٩١٤ - حَدَّثَنَا ابْنُ مُقَاتِلٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ قَالَ: سَمِعْتُ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ وَهُوَ جَالِسٌ عَلَى الْمِنْبَرِ أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ قَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، قَالَ مُعَاوِيَةُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ. قَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَاّ اللَّهُ، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: وَأَنَا. فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: وَأَنَا. فَلَمَّا أَنْ قَضَى التَّأْذِينَ قَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، "إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى هَذَا الْمَجْلِسِ -حِينَ أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ- يَقُولُ مَا سَمِعْتُمْ مِنِّي مِنْ مَقَالَتِي".
وبالسند قال: (حدّثنا ابن مقاتل) المروزي، ولابن عساكر: أخبرنا محمد بن مقاتل (قال: أخبرنا عبد الله) بن المبارك، المروزي (قال: أخبرنا أبو بكر بن عثمان بن سهل بن حنيف) بفتح السين وسكون الهاء وضم الحاء المهملة، من حنيف مصغرًا (عن) عمه (أبي أمامة) بضم الهمزة، أسعد (بن سهل بن حنيف، قال: سمعت معاوية بن أبي سفيان) صخر بن حرب بن أمية، (وهو جالس على المنبر) جملة اسمية حالية (أذن المؤذن. قال): ولأبوي ذر والوقت والأصيلي: فقال: (الله أكبر الله أكبر، قال) وللثلاثة: فقال (معاوية: الله أكبر الله أكبر، قال) المؤذن، ولأبي ذر: فقال (أشهد أن لا إله إلاّ الله. فقال) وفي نسخة لأبي ذر: قال: (معاوية: وأنا) أي: أشهد به، وأقول مثله، (فلما قال) أي: المؤذن، ولكريمهّ: فقال (أشهد أن محمدًا رسول الله. فقال) ولأبوي ذر والوقت والأصيلي: قال (معاوية: وأنا) أي: أشهد، وأقول مثله، (فلما أن قضى) المؤذن (التأذين) أي: فرغ منه، وللأصيلي وابن عساكر: فلما قضى، فأسقطا كلمة: أن، الزائدة ولأبي ذر عن الكشميهني: فلما أن انقضى التأذين. بالرفع على أنه فاعل، أي: انتهى (قال) معاوية:
(يا أيها الناس إني سمعت رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، على هذا المجلس، -حين أذن المؤذن- يقول ما سمعتم مني من مقالتي) أي التي أوجبت بها المؤذن.
وفيه: أن قول المجيب: وأنا كذلك، أو نحوه، يكون إجابة للمؤذن.
ورواته ما بين: مروزي ومدني وفيه: التحديث والإخبار والعنعنة والقول، وشيخ المؤلّف من أفراده، ورواية الرجل عن عمه، والصحابي عن الصحابي، وأخرجه النسائي في الصلاة، وفي اليوم والليلة.
٢٤ - باب الْجُلُوسِ عَلَى الْمِنْبَرِ عِنْدَ التَّأْذِينِ
(باب) سنة (الجلوس) للخطيب (على المنبر) قبل الخطبة (عند التأذين) بقدر الأذان.
٩١٥ - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ السَّائِبَ بْنَ يَزِيدَ أَخْبَرَهُ "أَنَّ التَّأْذِينَ الثَّانِيَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَمَرَ بِهِ عُثْمَانُ -حِينَ كَثُرَ أَهْلُ الْمَسْجِدِ- وَكَانَ التَّأْذِينُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ حِينَ يَجْلِسُ الإِمَامُ".
وبالسند: قال: (حدّثنا يحيى بن بكير) بضم الموحدة (قال: حدّثنا الليث) بن سعد، إمام المصريين، رحمه الله (عن عقيل) بضم العين، ابن خالد (عن ابن شهاب) الزهري (أن السائب بن يزيد) بن سعيد الكندي حج به في حجة الوداع، وهو ابن سبع سنين، وهو آخر من مات بالمدينة من الصحابة، وكان في سنة إحدى وتسعين أو قبلها: (أخبره