وافق ذلك يوم نوبتها (لتسع وعشرين) من يوم إيلائه (فقيل) أي قالت عائشة: (يا رسول الله إنك آليت شهرًا) وللمستملي والكشميهني على شهر (قال) عليه الصلاة والسلام:
(إن الشهر) الذي آليت فيه (تسع وعشرون) ومناسبة الآية في قوله تعالى: {فعظوهن واهجروهن في المضاجع} [النساء: ٣٤] ومن الحديث قوله آلى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من نسائه شهرًا إذ مقتضاه أنه هجرهن، واختلف في المراد بالهجران فقيل لا يدخل عليهن، وقيل: لا يضاجعهن أو يضاجعهن ويوليهن ظهره أو يمتنع من جماعهن أو يجامعهن ولا يكلمهن.
٩٢ - باب هِجْرَةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نِسَاءَهُ فِي غَيْرِ بُيُوتِهِنَّ.
وَيُذْكَرُ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ حَيْدَةَ رَفْعُهُ «غَيْرَ أَنْ لَا تُهْجَرَ إِلَاّ فِي الْبَيْتِ» وَالأَوَّلُ أَصَحُّ
(باب هجرة النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نساءه) شهرًا وسكناه (في غير بيوتهن) فلا مفهوم لقوله تعالى: {واهجروهن في المضاجع}.
(ويذكر عن معاوية بن حيدة) بفتح الحاء المهملة وسكون التحتية وفتح الدال المهملة الصحابي مما أخرجه أحمد وأبو داود والخرائطي في مكارم الأخلاق وابن منده في غرائب شعبة مطوّلًا كلهم من رواية أبي قزعة سويد عن حكيم بن معاوية عن أبيه (رفعه) إلى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بسكون الفاء وضم العين في اليونينية (غير أن لا تهجر) وللمستملي: ولا تهجر.
(إلا في البيت. و) حديث أنس (الأول) المروي في الباب السابق المذكور فيه هجره -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نساءه في غير بيوتهن (أصح) من حديث معاوية بن حيدة هذا ولفظ رواية أبي داود عن حكيم بن معاوية القشيري عن أبيه قال: قلت يا رسول الله ما حق زوجة أحدنا عليه؟ قال: "أن تطعمها إذا طعمت وتكسوها إذا اكتسيت ولا تضرب الوجه ولا تقبح ولا تهجر إلا في البيت". قال أبو داود ولا تقبح أي لا تقول قبحك الله انتهى.
وعبّر المؤلّف بيذكر التي للتمريض إشارة إلى انحطاط رتبته بالنسبة لغيرها مع الصلاحية للاحتجاج بذلك، وللكرماني والعيني هنا كلام أضربت عنه لطوله، والذي تقرر هنا من معنى الحديث المعلق مع الاستشهاد له بلفظ أبي داود هو الظاهر فليتأمل مع ما أبداه العيني في شرحه
متعقبًا لما في الفتح مما ذكرته هنا منتصرًا للكرماني والله الموفق والمعين.
والحاصل أن الهجران يجوز أن يكون في البيوت وغيرها وأن الحصر المذكور في حديث معاوية المعلق هنا غير معمول به، بل يجوز في غير البيوت كما فعله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وقول المهلب أن الهجران في غير البيوت فيه رفق بالنساء إذ هو معهن في البيوت آلم لقلوبهن ليس على إطلاقه بل يختلف باختلاف الأحوال على أن الغالب أن الهجران في غير البيوت أشق.
وهذا الحديث المعلق سقط للحموي.
٥٢٠٢ - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ح. وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَيْفِيٍّ أَنَّ عِكْرِمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ أَخْبَرَهُ أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ أَخْبَرَتْهُ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَلَفَ لَا يَدْخُلُ عَلَى بَعْضِ أَهْلِهِ شَهْرًا، فَلَمَّا مَضَى تِسْعَةٌ وَعِشْرُونَ يَوْمًا غَدَا عَلَيْهِنَّ أَوْ رَاحَ فَقِيلَ لَهُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ حَلَفْتَ أَنْ لَا تَدْخُلَ عَلَيْهِنَّ شَهْرًا، قَالَ: «إِنَّ الشَّهْرَ يَكُونُ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ يَوْمًا».
وبه قال: (حدّثنا أبو عاصم) الضحاك النبيل (عن ابن جريج) عبد الملك بن عبد العزيز قال المؤلّف: (وحدّثني) بالإفراد (محمد بن مقاتل) المروزي قال: (أخبرنا عبد الله) بن المبارك قال: (أخبرنا ابن جريج قال: أخبرني) بالإفراد (يحيى بن عبد الله بن صيفي) بالصاد المهملة وسكون التحتية الأولى وتشديد الأخيرة (أن عكرمة بن عبد الرحمن بن الحارث) بن هشام بن المغيرة وهو أخو أبي بكر بن عبد الرحمن أحد الفقهاء السبعة، وليس لعكرمة هذا في البخاري إلا هذا الحديث (أخبره أن أم سلمة) زوج النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (أخبرته أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حلف لا يدخل على بعض أهله) ولأبي ذر نساءه بدل أهله (شهرًا).
قال في الفتح: كذا في هذه الرواية أي بلفظ بعض نسائه وهو يشعر بأن اللاتي أقسم أن لا يدخل عليهن هن من وقع منهن ما وقع من سبب القسم لا جميع النسوة، لكن اتفق أنه في تلك الحالة انفكت رجله كما في حديث أنس السابق في أوائل الصيام فاستمر مقيمًا في المشربة ذلك الشهر كله قال: وهو يؤيد أن سبب القسم قصة مارية فإنها تقتضي اختصاص بعض النسوة دون بعض بخلاف قصة العسل فإنهن اشتركن فيها إلا صاحبة العسل وإن كانت إحداهن بدأت بذلك وكذلك قصة طلب النفقة فإنهن اجتمعن فيها انتهى.
(فلما مضى تسعة وعشرون يومًا) من حلفه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (غدا عليهن) أتاهن غدوة (أو راح فقيل له) القائل عائشة (يا نبي الله