الفتح ومناسبة الترجمة وحديثها للأبواب السابقة من جهة التفاوت في الكيفية ومن جهة جواز نسبة القراءة للقارئ.
وسبق الحديث في الفضائل والخصومات.
٥٤ - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى:
﴿وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ﴾ [القمر: ١٧] وَقَالَ النَّبِىُّ ﷺ: «كُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ». يُقَالُ مُيَسَّرٌ: مُهَيَّأٌ وَقَالَ مَطَرٌ الْوَرَّاقُ ﴿وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ﴾ قَالَ: هَلْ مِنْ طَالِبِ عِلْمٍ فَيُعَانَ عَلَيْهِ؟.
(باب قول الله تعالى: ﴿ولقد يسرنا القرآن للذكر﴾) أي سهلناه للادّكار والاتعاظ (﴿فهل من مدّكر﴾ [القمر: ١٧]) متعظ يتعظ وقيل ولقد سهلناه للحفظ وأعنّا عليه مَن أراد حفظه فهل من طالب لحفظه ليُعان عليه ويروى أن كتب أهل الأديان كالتوراة والإنجيل لا يتلوها أهلها إلا نظرًا ولا يحفظونها ظاهرًا كالقرآن وثبت قوله: ﴿فهل من مدّكر﴾ لأبي ذر والأصيلي وسقط لغيرها (وقال النبي ﷺ: كل) بالتنوين (ميسر لما خلق له) وصله هنا.
(يقال ميسر) قال المؤلف أي (مهيأ) وزاد هنا أبو ذر والوقت والأصيلي. وقال مجاهد المفسر يسرنا القرآن بلسانك أي هوّنَّا قراءته عليك وهذا وصله الفريابي، وزاد الكشميهني. (وقال مطر الوراق) بن طهمان أبو رجاء الخراساني: (﴿ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدّكر﴾ قال: هل من طالب علم فيعان عليه). وصله الفريابي.
٧٥٥١ - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، قَالَ يَزِيدُ: حَدَّثَنِى مُطَرِّفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عِمْرَانَ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ فِيمَا يَعْمَلُ الْعَامِلُونَ؟ قَالَ: «كُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ».
وبه قال: (حدّثنا أبو معمر) عبد الله بن عمرو المقعد قال: (حدّثنا عبد الوارث) بن سعيد التنوري (قال يزيد): من الزيادة ابن أبي يزيد واسمه سنان المشهور بالرشك الضبعي (حدثني) بالإفراد (مطرف بن عبد الله) بن الشخير العامري (عن عمران) بن الحصين ﵁ أنه (قال: قلت: يا رسول الله فيما يعمل العاملون) سبق في كتاب القدر يا رسول الله أيعرف أهل الجنة من أهل النار قال نعم قال فلم يعمل العاملون أي إذا سبق العلم بذلك فلا يحتاج العامل إلى العمل لأنه سيصير إلى ما قدر له (قال):
(كلٌّ ميسّر) بتشديد السين المفتوحة (لما خلق له) فعلى المكلف أن يدأب في الأعمال الصالحة فإن عمله إمارة إلى ما يؤول إليه أمره غالبًا ومطابقته للترجمة ظاهرة وسبق في القدر.
٧٥٥٢ - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مَنْصُورٍ وَالأَعْمَشِ سَمِعَا سَعْدَ بْنَ عُبَيْدَةَ عَنْ أَبِى عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَلِىٍّ ﵁ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ كَانَ فِى جِنَازَةٍ فَأَخَذَ عُودًا فَجَعَلَ يَنْكُتُ فِى الأَرْضِ فَقَالَ: «مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ كُتِبَ مَقْعَدُهُ مِنَ الْجَنَّةِ أَوْ مِنَ النَّارِ». قَالُوا: أَلَا نَتَّكِلُ؟ قَالَ: «اعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ ﴿فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى﴾» [الليل: ٥] الآيَةَ.
وبه قال: (حدّثني) بالإفراد ولأبي ذر بالجمع (محمد بن بشار) بالموحدة والمعجمة بندار قال: (حدّثنا غندر) محمد بن جعفر قال: (حدّثنا شعبة) بن الحجاج (عن منصور) هو ابن المعتمر (والأعمش) سليمان بن مهران أنهما (سمعا سعد بن عبيدة) بسكون العين في الأول وضمها في الثاني وفتح الموحدة أبا حمزة بالمهملة والزاي السلمي بالضم الكوفي (عن أبي عبد الرحمن) عبد الله بن حبيب الكوفي السلمي (عن علي) أي ابن أبي طالب ﵁ (عن النبي ﷺ أنه كان في جنازة) زاد في الجنائز في بقيع الغرقد (فأخذ عودًا فجعل ينكت) بضم الكاف بعدها مثناة فوقية يضرب به (في الأرض فقال):
(ما منكم من أحد إلا كتب) بضم الكاف أي قدّر في الأزل (مقعده من الجنة أو من النار) من بيانية (قالوا) سبق تعيين القائل في الجنائز وفي الترمذي أنه عمر بن الخطاب (ألا نتّكل) أي نعتمد زاد في الجنائز على كتابنا وندع العمل (قال: اعملوا) صالحًا (فكلٌّ ميسر) أي لما خلق له ثم قرأ ﷺ (﴿فأما من أعطى واتقى﴾ [الليل: ٥] الآية).
ومطابقة الحديث للترجمة في قوله ميسر وسبق في الجنائز.
٥٥ - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى:
﴿بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ * فِى لَوْحٍ مَحْفُوظٍ﴾ [البروج: ٢٢] ﴿وَالطُّورِ * وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ﴾
[الطور: ١] قَالَ قَتَادَةُ: مَكْتُوبٌ يَسْطُرُونَ: يَخُطُّونَ فِى أُمِّ الْكِتَابِ جُمْلَةِ الْكِتَابِ وَأَصْلِهِ ﴿مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ﴾ [ق: ٨] مَا يَتَكَلَّمُ مِنْ شَىْءٍ إِلاَّ كُتِبَ عَلَيْهِ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يُكْتَبُ الْخَيْرُ وَالشَّرُّ ﴿يُحَرِّفُونَ﴾ [المائدة: ١٣]: يُزِيلُونَ، وَلَيْسَ أَحَدٌ يُزِيلُ لَفْظَ كِتَابٍ مِنْ كُتُبِ اللَّهِ ﷿، وَلَكِنَّهُمْ يُحَرِّفُونَهُ يَتَأَوَّلُونَهُ عَلَى غَيْرِ تَأْوِيلِهِ ﴿دِرَاسَتُهُمْ﴾ [الأنعام: ١٥٦] تِلَاوَتُهُمْ ﴿وَاعِيَةٌ﴾ [الحاقة: ١٢]: حَافِظَةٌ ﴿وَتَعِيَهَا﴾ [الحاقة: ١٢]: تَحْفَظُهَا ﴿وَأُوحِىَ إِلَىَّ هَذَا الْقُرْآنُ لأُنْذِرَكُمْ بِهِ﴾ [الأنعام: ١٩] يَعْنِى أَهْلَ مَكَّةَ وَمَنْ بَلَغَ هَذَا الْقُرْآنُ فَهْوَ لَهُ نَذِيرٌ.
وَقَالَ لِى خَلِيفَةُ بْنُ خَيَّاطٍ.
(باب قول الله تعالى: (﴿بل هو قرآن مجيد) أي شريف عالي الطبقة في الكتب وفي نظمه وإعجازه فليس كما تزعمون أنه مفتري وأنه أساطير الأوّلين (﴿في لوح محفوظ﴾ [البروج: ٢٢]) من وصول الشياطين إليه. وقوله تعالى (﴿والطور﴾) الجبل الذي كلم الله عليه موسى وهو بمدين (﴿وكتاب مسطور﴾ [الطور: ١]).
(قال قتادة) فيما وصله المؤلف في كتاب خلق أفعال العباد أي (مكتوب يسطرون) أي (يخطون) رواه عبد بن حميد من طريق شيبان عن قتادة (في أم الكتاب جملة الكتاب وأصله) كذا أخرجه عبد الرزاق في تفسيره عن معمر عن قتادة (﴿ما يلفظ من قول﴾ [ق: ٨]) أي (ما يتكلم من شيء إلا كتب عليه) وصله ابن أبي حاتم من طريق شعيب بن إسحاق عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن الحسن ومن طريق زائدة بن قدامة عن الأعمش عن مجمع قال الملك مداده ريقه وقلمه لسانه.
(وقال ابن عباس) ﵄ في قوله تعالى: ﴿ما يلفظ من قول﴾ (يكتب الخير والشر) وقوله: (﴿يحرفون﴾) في قوله تعالى: (﴿يحرفون الكلم عن مواضعه﴾ [المائدة: ١٣] أي (يزيلون وليس أحد