لكن قال في المواضع الثلاثة لا شخص بدل لا أحد ثم ساقه من طريق زائدة بن قدامة عن عبد الملك كذلك فكان هذه اللفظة لم تقع في رواية البخاري في حديث أبي عوانة عن عبد الملك فلذلك علقها عن عبيد الله بن عمرو اهـ.
وقد أخرجه مسلم عن القواريري وأبي كامل كذلك ومن طريق زائدة أيضًا فكأن الطاعنين لم يستحضروا إذ ذاك صحيح مسلم ولا غيره من الكتب التي وقع فيها هذا اللفظ من غير رواية عبيد الله بن عمرو وورود الروايات الصحيحة والطعن في أئمة الحديث الضابطين مع إمكان توجيه
ما رووا من الأمور التي قدم عليها كثير من غير أهل الحديث وهو يقتضي قصور فهم من فعل ذلك منهم، ومن ثم قال الكرماني: لا حاجة لتخطئة الرواة الثقات بل حكم هذا حكم سائر المتشابهات إما التفويض وإما التأويل اهـ من الفتح.
وقال في المصابيح: هذا ظاهر إذ ليس في هذا اللفظ ما يقتضي إطلاق الشخص على الله وما هو إلا بمثابة قولك لا رجل أشجع من الأسد، وهذا لا يدل على إطلاق الرجل على الأسد بوجه من الوجوه فأي داعٍ بعد ذلك إلى توهيم الراوي في ذكر الشخص أنه تصحيف من قوله لا شيء أغير من الله كما صنعه الخطابي.
٢١ - باب {قُلْ أَىُّ شَىْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً} وَسَمَّى النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْقُرْآنَ شَيْئًا
{قُلِ اللَّهُ}، وَسَمَّى اللَّهُ تَعَالَى نَفْسَهُ شَيْئًا، وَهْوَ صِفَةٌ مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ وَقَالَ: {كُلُّ شَىْءٍ هَالِكٌ إِلَاّ وَجْهَهُ} [القصص: ٨٨].
(باب) بالتنوين يذكر فيه قوله تعالى: ({قل أي شيء أكبر شهادة} [الأنعام: ١٩] وسمى الله تعالى نفسه شيئًا) إثباتًا لوجوده ونفيًا لعدمه وتكذيبًا للزنادقة والدهرية في قول الله عز وجل: ({قل الله}) ولأبي ذر {قل أي شيء أكبر شهادة قل الله} فسمى الله تعالى نفسه شيئًا. قال في المدارك: أي شيء مبتدأ وأكبر خبره وشهادة تمييز وأي كلمة يراد بها بعض ما تضاف إليه فإذا كانت استفهامًا كان جوابها مسمى باسم ما أضيفت إليه، وقوله قل الله جواب أي الله أكبر شهادة فالله مبتدأ والخبر محذوف فيكون دليلاً على أنه يجوز إطلاق اسم الشيء على الله تعالى وهذا لأن الشيء اسم للموجود ولا يطلق على المعدوم والله تعالى موجود فيكون شيئًا ولذا تقول الله تعالى شيء لا كالأشياء (وسمى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- القرآن شيئًا) في الحديث الذي بعده (وهو صفة من صفات الله) تعالى أي من صفات ذاته (وقال: {كل شيء هالك إلا وجهه} [القصص: ٨٨]) فيه أن الاستثناء متصل فإنه يقتضي اندراج المستثنى في المستثنى منه وهو الراجح فيدل على أن لفظ شيء يطلق عليه تعالى وقيل الاستثناء منقطع والتقدير لكن هو سبحانه لا يهلك.
٧٤١٧ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ أَبِى حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِرَجُلٍ: «أَمَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ شَىْءٌ»؟ قَالَ: نَعَمْ سُورَةُ كَذَا وَسُورَةُ كَذَا لِسُوَرٍ سَمَّاهَا.
وبه قال: (حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي قال: (أخبرنا مالك) الإمام (عن أبي حازم) سلمة بن دينار (عن سهل بن سعد) الساعدي -رضي الله عنه- أنه قال: (قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لرجل) لم يسم لما قال له في المرأة الواهبة نفسها له ولم يردها عليه الصلاة والسلام: يا رسول الله إن لم يكن لك بها حاجة فزوّجنيها؟ فقال: وهل عندك من شيء؟ قال: لا. قال: انظر ولو خاتمًا من حديد. فقال: ولا خاتمًا من حديد. فقال له:
(أمعك من القرآن شيء؟ قال: نعم سورة كذا وسورة كذا السور سماها) عيّن النسائي في روايته عن أبي هريرة البقرة والتي تليها، وعند الدارقطني البقرة وسور من المفصل وقد أجمع على أن لفظ شيء يقتضي إثبات موجود ولفظ لا شيء يقتضي نفي موجود، وأما قولهم فلن ليس بشيء فإنه على طريق المبالغة في الذم فوصف لذلك بصفة المعدوم.
وحديث الباب مختصر من حديث سبق في النكاح.
٢٢ - باب {وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ} [هود: ٧] {وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} [التوبة: ١٢٩]
قَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ: {اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ}: ارْتَفَعَ. {فَسَوَّاهُنَّ} [البقرة: ٢٩]: خَلَقَهُنَّ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ {اسْتَوَى} [الأعراف: ٥٤]: عَلَا عَلَى الْعَرْشِ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {الْمَجِيدُ} [البروج: ١٥]: الْكَرِيمُ. وَ {الْوَدُودُ} [البروج: ١٤]: الْحَبِيبُ. يُقَالُ: حَمِيدٌ مَجِيدٌ كَأَنَّهُ فَعِيلٌ مِنْ مَاجِدٍ مَحْمُودٌ مِنْ حَمِيدٍ.
(باب) قوله تعالى: ({وكان عرشه على الماء} [هود: ٧]) أي فوقه أي ما كان تحته خلق قبل خلق السماوات والأرض إلا الماء وفيه دليل على أن العرش والماء كانا مخلوقين قبل خلق السماوات والأرض، وروى الحافظ محمد بن عثمان بن أبي شيبة في كتاب صفة العرش عن بعض السلف أن العرش مخلوق من ياقوتة حمراء بُعد ما بين قطريه ألف سنة واتساعه خمسون ألف سنة إنه أبعد ما بين العرش إلى الأرض السابعة مسيرة خمسين ألف سنة وقيل مما ذكره في المدارك أن الله خلق ياقوتة خضراء فنظر إليها بالهيبة فصارت ماء ثم خلق ريحًا فأقر الماء على متنه ثم وضع عرشه على الماء وفي وقوف العرش على الماء أعظم اعتبار لأهل الأفكار ({وهو رب العرش العظيم} [التوبة: ١٢٩]) روى