(بعدما) مات و (أدخل قبره فأمر) عليه الصلاة والسلام (به فأخرج) من قبره (ووضع) بضم الواو الثانية وكسر المعجمة (على ركبتيه) الشريفتين ولأبي ذر عن الحموي والمستملي على ركبته بالإفراد (ونفث عليه من ريقه وألبسه قميصه والله أعلم) بالواو ولأبي ذر بالفاء بدله أي الله أعلم بسبب إلباسه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إياه قميصه، وفي الحج وكان عبد الله المذكور كسا
العباس قميصًا فيرون أنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ألبس عبد الله قميصه مكافأة لما صنع أي مع عمه فجازاه من جنس فعله.
٥٧٩٦ - حَدَّثَنَا صَدَقَةُ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، قَالَ: أَخْبَرَنِى نَافِعٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: لَمَّا تُوُفِّىَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَىٍّ جَاءَ ابْنُهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَعْطِنِى قَمِيصَكَ أُكَفِّنْهُ فِيهِ وَصَلِّ عَلَيْهِ وَاسْتَغْفِرْ لَهُ، فَأَعْطَاهُ قَمِيصَهُ وَقَالَ لَهُ: «إِذَا فَرَغْتَ فَآذِنَّا» فَلَمَّا فَرَغَ آذَنَهُ فَجَاءَ لِيُصَلِّىَ عَلَيْهِ فَجَذَبَهُ عُمَرُ فَقَالَ: أَلَيْسَ قَدْ نَهَاكَ اللَّهُ أَنْ تُصَلِّىَ عَلَى الْمُنَافِقِينَ؟ فَقَالَ: {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ} فَنَزَلَتْ: {وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ} فَتَرَكَ الصَّلَاةَ عَلَيْهِمْ.
وبه قال: (حدّثنا صدقة) بن الفضل قال: (أخبرنا يحيى بن سعيد) القطان (عن عبيد الله) بضم العين ابن عمر العمري أنه (قال: أخبرني) بالإفراد (نافع) مولى ابن عمر (عن عبد الله بن عمر) -رضي الله عنهما- أنه (قال: لما توفي عبد الله بن أبي) ابن سلول المنافق (جاء ابنه) عبد الله وكان من فضلاء الصحابة ومخلصيهم -رضي الله عنه- (إلى رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال: يا رسول الله أعطني قميصك أكفنه) بالجزم على الجواب أي أكفن أبي (فيه وصل عليه) صلاتك على الميت (واستغفر له فأعطاه) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (قميصه وقال له: إذ فرغت) وزاد أبو ذر عن المستملي (منه) أي من جهازه (فآذنا) بمدّ الهمزة وكسر المعجمة وتشديد النون أعلمنا (فلما فرغ) عبد الله من جهازه (آذنه به) وسقط به لغير أبي ذر (فجاء) صلوات الله وسلامه عليه (ليصلّي عليه فجذبه عمر) بن الخطاب- رضي الله عنه ليكفه عن الصلاة عليه (فقال): يا رسول الله (أليس قد نهاك الله أن تصلي على المنافقين؟ فقال) جل وعلا: ({استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم}) [التوبة: ٨٠] فهم -رضي الله عنه- النهي من التسوية بين الاستغفار وعدمه في النفع والصلاة على الميت المشرك استغفار له وهو منهي عنه فتكون الصلاة عليه منهيًا عنها وفي سورة التوبة فقال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "إنما خيرني الله تعالى فقال: {استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة} وسأزيد على السبعين" فقال: إنه منافق فصلّى عليه رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وإنما فعل ذلك إجراء له على ظاهر حكم الإسلام واستئلافًا لقومه مع أنه لم يقع نهي صريح، وروي أنه أسلم ألف من الخزرج لما رأوه يطلب التبرك بثوب النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رواه الطبري.
(فنزلت: ({ولا تصل على أحد منهم}) من المنافقين صلاة الجنازة ({مات}) صفة لأحد ({أبدًا}) ظرف لتصل وكان -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إذا دفن الميت وقف على قبره ودعا له فقيل: ({ولا تقم على قبره}) [التوبة: ٨٤] (فترك) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (الصلاة عليهم) على المنافقين وثبت ولا تقم على قبره لأبي ذر.
وسبق الحديث بسورة التوبة ومطابقته لما ترجم له هنا في قوله أعطني قميصك.
٩ - باب جَيْبِ الْقَمِيصِ مِنْ عِنْدِ الصَّدْرِ وَغَيْرِهِ
(باب جيب القميص) الذي يقرّر (من عند الصدر) ليخرج منه الرأس (وغيره) بالجر عطفًا على القميص.
٥٧٩٧ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ نَافِعٍ عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ: ضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَثَلَ الْبَخِيلِ وَالْمُتَصَدِّقِ كَمَثَلِ رَجُلَيْنِ عَلَيْهِمَا جُبَّتَانِ مِنْ حَدِيدٍ قَدِ اضْطُرَّتْ أَيْدِيهِمَا إِلَى ثُدِيِّهِمَا وَتَرَاقِيهِمَا فَجَعَلَ الْمُتَصَدِّقُ كُلَّمَا تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ انْبَسَطَتْ عَنْهُ حَتَّى تَغْشَى أَنَامِلَهُ وَتَعْفُوَ أَثَرَهُ وَجَعَلَ الْبَخِيلُ كُلَّمَا هَمَّ بِصَدَقَةٍ قَلَصَتْ وَأَخَذَتْ كُلُّ حَلْقَةٍ بِمَكَانِهَا، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: فَأَنَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ بِإِصْبَعِهِ هَكَذَا فِى جَيْبِهِ فَلَوْ رَأَيْتَهُ يُوَسِّعُهَا وَلَا تَتَوَسَّعُ. تَابَعَهُ ابْنُ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ، وَأَبُو الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ فِى الْجُبَّتَيْنِ. وَقَالَ حَنْظَلَةُ: سَمِعْتُ طَاوُسًا سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: جُبَّتَانِ. وَقَالَ جَعْفَرٌ عَنِ الأَعْرَجِ جُبَّتَانِ.
وبه قال: (حدّثنا) بالجمع ولأبي ذر: بالإفراد (عبد الله بن محمد) المسندي قال: (حدّثنا أبو عامر) عبد الملك العقدي قال (حدّثنا إبراهيم بن نافع) المخزومي (عن الحسن) بن مسلم بن يناق المكي (عن طاوس) اليماني ابن كيسان أبي عبد الرحمن الحميري مولاهم الفارسي قيل اسمه ذكوان ولقبه طاوس (عن أبي هريرة) -رضي الله عنه- أنه (قال: ضرب رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مثل البخيل) الذي هو ضد الكريم (و) مثل (المتصدق) الذي يعطي الفقير من ماله في ذات الله (كمثل رجلين عليهما جبتان) بضم الجيم وتشديد الموحدة تثنية جبة اللباس المعروف (من حديد قد اضطرت أيديهما) بفتح الطاء ونصب التحتية الثانية من أيديهما عند أبي ذر على المفعولية ولغيره بضم الطاء وسكون التحتية مرفوع نائب عن الفاعل (إلى ثديهما) بضم المثلثة وكسر المهملة وتشديد التحتية جمع ثدي (وتراقيهما) بالقاف جمع ترقوة وهو العظم الذي بين ثغرة النحر والعاتق (فجعل) أي طفق (المتصدق