فتضع صفية رجلها على ركبته حتى تركب فسرنا حتى إذا أشرفنا على المدينة نظر إلى) جبل (أُحُد فقال): (هذا جبل يحبنا) حقيقة أو مجازًا على حذف مضاف أي أهل أُحُد (ونحبه ثم نظر إلى المدينة فقال): (اللهم إني أحرم ما بين لابتيها) أي حرّيتها (بمثل ما حرّم إبراهيم مكة). إلا في وجوب الجزاء (اللهم بارك لهم في مدّهم وصاعهم) يريد أن يبارك الله لهم في الطعام الذي يُكال بالصيعان والأمداد.
٧٥ - باب رُكُوبِ الْبَحْرِ
أي للجهاد وغيره للرجال والنساء، وكره مالك ركوبه للنساء في الحج خوفًا من عدم التستر من الرجال ومنع عمر -رضي الله عنه- ركوبه مطلقًا فلم يركبه أحد طول حياته ولا يحتج بذلك لأن
السُّنَّة أباحته للرجال والنساء في الجهاد كما في حديث الباب وغيره ولو كان يكره لنهى عنه عليه الصلاة والسلام الذين قالوا له: إنّا لنركب البحر الحديث. لكن في حديث زهير بن عبد الله مرفوعًا من ركب البحر عند ارتجاجه فقد برئت منه الذمة ومفهومه الجواز عند عدم الارتجاج وهو المشهور، وقد قال مطر الورّاق ما ذكره الله إلا بحق قال تعالى: {هو الذي يسيركم في البر والبحر} فإن غلب الهلاك في ركوبه حرم وإن استويا ففي التحريم وجهان صحح النووي في الروضة التحريم.
٢٨٩٤ و ٢٨٩٥ - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ يَحْيَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رضي الله عنه- قَالَ: "حَدَّثَتْنِي أُمُّ حَرَامٍ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ يَوْمًا فِي بَيْتِهَا، فَاسْتَيْقَظَ وَهْوَ يَضْحَكُ، قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا يُضْحِكُكَ؟ قَالَ: عَجِبْتُ مِنْ قَوْمٍ مِنْ أُمَّتِي يَرْكَبُونَ الْبَحْرَ كَالْمُلُوكِ عَلَى الأَسِرَّةِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ، فَقَالَ: أَنْتِ مِنْهُمْ. ثُمَّ نَامَ فَاسْتَيْقَظَ وَهْوَ يَضْحَكُ. فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا. قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ، فَيَقُولُ: أَنْتِ مِنَ الأَوَّلِينَ. فَتَزَوَّجَ بِهَا عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ فَخَرَجَ بِهَا إِلَى الْغَزْوِ، فَلَمَّا رَجَعَتْ قُرِّبَتْ دَابَّةٌ لِتَرْكَبَهَا، فَوَقَعَتْ فَانْدَقَّتْ عُنُقُهَا".
وبه قال: (حدّثنا أبو النعمان) محمد بن الفضل عارم البصري السدوسي قال: (حدّثنا حماد بن زيد) أي ابن درهم (عن يحيى) بن سعيد الأنصاري (عن محمد بن يحيى بن حبان) بفتح الحاء المهملة وتشديد الموحدة ابن منقذ الأنصاري المدني (عن أنس بن مالك -رضي الله عنه-) أنه (قال: حدّثني أم حرام) بنت ملحان خالة أنس (أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال) أي نام في الظهيرة (يومًا في بيتها فاستيقظ وهو يضحك) من الفرح (قالت) ولأبي ذر: قلت بدل قالت (يا رسول الله ما يضحكك؟ قال):
(عجبت من قوم من أمتي) وسقط للمستملي قوله من قوم (يركبون البحر كالملوك على الأسرّة)، في الدنيا لسعة حالهم واستقامة أمرهم أو في الجنة (فقلت: يا رسول الله ادع الله أن يجعلني منهم، فقال): (أنت منهم) ولأبي ذر عن الكشميهني: منهم (ثم نام فاستيقظ وهو يضحك. فقال مثل ذلك) القول الأول (مرتين أو ثلاثًا. قلت: يا رسول الله ادع الله أن يجعلني منهم، فيقول): مجيبًا لها (أنت من الأولين) الذين يركبون البحر (فتزوج بها عبادة بن الصامت) أي بعد ذلك وظاهر قوله في رواية إسحاق في أوّل الجهاد وكانت أم حرام تحت عبادة بن الصامت، فدخل عليها رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إنها كانت زوجته قبل وهو محمول على أن قوله وكانت تحت عبادة جملة معترضة قصد بها وصفها بذلك غير مقيد بحال كما سبق في باب: غزو المرأة. (فخرج بها إلى الغزو)، زاد في أوّل الجهاد عن إسحاق فركبت البحر في زمان معاوية بن أبي سفيان أي لما غزا قبرس في البحر سنة ثمان وعشرين (فلما رجعت قرّبت دابة لتركبها، فوقعت فاندقت عنقها). أي فماتت.
وهذا الحديث قد سبق مرات.
٧٦ - باب مَنِ اسْتَعَانَ بِالضُّعَفَاءِ وَالصَّالِحِينَ فِي الْحَرْبِ
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَخْبَرَنِي أَبُو سُفْيَانَ قَالَ: "قَالَ لِي قَيْصَرُ: سَأَلْتُكَ أَشْرَافُ النَّاسِ اتَّبَعُوهُ أَمْ ضُعَفَاؤُهُمْ؟ فَزَعَمْتَ ضُعَفَاؤُهُمْ، وَهُمْ أَتْبَاعُ الرُّسُلِ".
(باب من استعان بالضعفاء والصالحين في الحرب) أي ببركتهم ودعائهم (وقال ابن عباس) فيما سبق موصولاً أوّل البخاري في باب: بدء الوحي (أخبرني) بالإفراد (أبو سفيان) صخر بن حرب أنه (قال: قال لي قيصر): هو لقب هرقل (سألتك أشراف الناس اتبعوه أم ضعفاؤهم)؟ بمدّ همزة أشراف (فزعمت ضعفاؤهم)، بالنصب، وفي بدء الوحي فذكرت أن ضعفاءهم اتبعوه (وهم أتباع الرسل). أي في الغالب.
٢٨٩٦ - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ عَنْ طَلْحَةَ عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: "رَأَى سَعْدٌ -رضي الله عنه- أَنَّ لَهُ فَضْلاً عَلَى مَنْ دُونَهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: هَلْ تُنْصَرُونَ إِلَاّ بِضُعَفَائِكُمْ".
وبه قال: (حدّثنا سليمان بن حرب) الأسدي الواشحي قال: (حدثنا محمد بن طلحة عن) أبيه (طلحة) بن مصرف اليامي (عن مصعب بن سعد) بسكون العين أنه (قال: رأى) أي ظن (سعد -رضي الله عنه-) هو ابن أبي وقاص ووالد مصعب ومصعب لم يدرك زمان هذا القول وحينئذ فيكون مرسلاً لكنه محمول على أنه سمعه من أبيه، ويؤيده أن في رواية الإسماعيلي عن مصعب عن أبيه أنه رأى (أن له فضلاً) من جهة الشجاعة والغنى (على من دونه)، زاد النسائي من أصحاب رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (فقال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-):
(هل تنصرون وترزقون