(فدخلت عليهما فقلت) لأبي بكر (يا أبت كيف تجدك) أي تجد نفسك (ويا بلال كيف تجدك؟ قالت: وكان أبو بكر) -رضي الله عنه- (إذا أخذته الحمى يقول: كل امرئ مصبح) بفتح الموحدة مقول له (في أهله) أنعم صباحًا (والموت أدنى) أقرب (من شراك نعله) بكسر الشين المعجمة وتخفيف الراء سير النعل على وجهها وزاد ابن إسحاق في روايته عن هشام وعمر بن عبد الله بن عروة جميعًا عن عروة عن عائشة عقب قول أبيها والله ما يدري أبي ما يقول قالت ثم دنوت إلى عامر بن فهيرة وذلك قبل أن يضرب علينا الحجاب فقلت: كيف تجدك يا عامر؟ فقال:
قد وجدت الموت قبل ذوقه ... كل امرئ مجاهد بطوقه
كالثور يحمي جسمه بروقه
(وكان بلال إذا أقلعت) أي زالت (عنه) الحمى (يقول: ألا) بالتخفيف (ليت شعري هل أبيتن ليلة بوادٍ) بوادي مكة (وحولي إذخر) بكسر الهمزة وسكون الذال وكسر الخاء المعجمتين آخره راء النبت الطيب الرائحة المعروف (وجليل) بالجيم وهو نبت ضعيف (وهل أردن يومًا مياه) بالهاء المفتوحة (مجنة) بكسر الميم وفتح الجيم وتشديد النون ولأبي ذر بفتح الميم وكسر الجيم موضع على أميال من مكة كان به سوق في الجاهلية (وهل تبدون) تظهرن (لي شامة) بشين معجمة وتخفيف الميم (وطفيل) بالطاء المهملة المفتوحة والفاء المكسورة جبلان بقرب مكة وصوب الخطابي أنهما عينان وفي صحاح الجوهري ما يقتضي أن الشعر المذكور ليس لبلال فإنه قال كان بلال يتمثل.
ومطابقة الحديث للترجمة في قول عائشة فدخلت عليهما لأن دخولها عليهما كان لعيادتهما وهما متوعكان. قال في الفتح: واعترض عليه بأن ذلك قبل الحجاب قطعًا، وزاد في بعض طرقه وذلك قبل الحجاب وأجيب بأن ذلك لا يضره فيما ترجم له في عيادة المرأة الرجل فإنه يجوز بشرط التستر والذي يجمع الأمرين ما قبل الحجاب وما بعده إلا من الفتنة (قالت عائشة) -رضي الله عنها- (فجئت إلى رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فأخبرته) بخبر أبي بكر وبلال وقولهما وزاد ابن إسحاق في روايته المذكورة أنها قالت: يا رسول الله إنهم ليهذون وما يعقلون من شدّة الحمى (فقال) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:
(اللهم حبب إلينا المدينة كحبنا مكة أو أشد) وقد أجيبت دعوته -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حتى كان يحرك دابته إذا رآها من حبها (اللهم وصححها وبارك لنا في مدّها وصاعها وانقل حماها فاجعلها بالجحفة) بالجيم المضمومة والحاء المهملة الساكنة بعدها فاء ميقات أهل الشام وكان اسمها مهيعة.
وهذا الحديث قد سبق في باب مقدم النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- المدينة.
٩ - باب عِيَادَةِ الصِّبْيَانِ
(باب عيادة الصبيان) مصدر مضاف لمفعوله أي عيادة الرجال الصبيان.
٥٦٥٥ - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ: أَخْبَرَنِى عَاصِمٌ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عُثْمَانَ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ - رضى الله عنهما - أَنَّ ابْنَةً لِلنَّبِىِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَرْسَلَتْ إِلَيْهِ وَهْوَ مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَسَعْدٍ وَأُبَىٍّ نَحْسِبُ أَنَّ ابْنَتِى قَدْ حُضِرَتْ فَاشْهَدْنَا فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا السَّلَامَ وَيَقُولُ: «إِنَّ لِلَّهِ مَا أَخَذَ وَمَا أَعْطَى وَكُلُّ شَىْءٍ عِنْدَهُ مُسَمًّى فَلْتَحْتَسِبْ وَلْتَصْبِرْ» فَأَرْسَلَتْ تُقْسِمُ عَلَيْهِ فَقَامَ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقُمْنَا فَرُفِعَ الصَّبِىُّ فِى حَجْرِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَنَفْسُهُ تَقَعْقَعُ فَفَاضَتْ عَيْنَا النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ لَهُ سَعْدٌ مَا هَذَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: «هَذِهِ رَحْمَةٌ وَضَعَهَا اللَّهُ فِى قُلُوبِ مَنْ شَاءَ مِنْ عِبَادِهِ وَلَا يَرْحَمُ اللَّهُ مِنْ عِبَادِهِ إِلَاّ الرُّحَمَاءَ».
وبه قال (حدّثنا حجاج بن منهال) الأنماطي البصري قال (حدّثنا شعبة) بن الحجاج (قال أخبرني) بالإفراد (عاصم) هو ابن سليمان (قال: سمعت أبا عثمان) عبد الرحمن بن مل النهدي بفتح النون (عن أسامة بن زيد -رضي الله عنهما- أن ابنة) وللكشميهني أن بنتًا (للنبي-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) هي زينب (أرسلت إليه وهو) أي، والحال أن أسامة (مع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وسعد) بسكون العين ابن عبادة (وأبيّ) بضم الهمزة وفتح الموحدة وتشديد التحتية ابن كعب (نحسب) أي نظن أن أُبيًّا كان معه وفي كتاب النذور ومع رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أسامة وسعد أو أبي على الشك (أن ابنتي) وفي نسخة أن بنتي (قد حضرت) بضم الحاء المهملة وكسر الضاد المعجمة أي حضرها الموت (فاشهدنا) بهمزة وصل وفتح الهاء أي أحضر إلينا (فأرسل إليها السلام وبقول) لها: (إن لله ما أخذ وما أعطى وكل شيء عنده مسمى) أي إلى أجل (فلتحتسب) أي فلتطلب الأجر من عند الله تعالى (ولتصبر فأرسلت تقسم عليه) أن يحضر (فقام النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وقمنا) معه (فرفع الصبي) بضم الراء مبنيًّا للمفعول (في حجر النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) بفتح الحاء المهملة وتكسر