للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ولأبي ذر قال: سألت (أبا سعيد) الخدري عن العزل (فقال: قال النبي : ليست نفس مخلوقة) مقدرة الخلق (إلا الله) ﷿ (خالقها) أي مبرزها من العدم إلى الوجود.

١٩ - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَىَّ﴾ [ص: ٧٥]

(باب قول الله تعالى: ﴿لما خلقت بيدي﴾ [ص: ٧٥]) يريد قوله تعالى لإبليس لما لم يسجد لآدم: ﴿ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي﴾ امتثالاً لأمري أي خلقته بنفسي من غير توسط كأب وأم والتثنية لما في خلقه من مزيد القدرة واختلاف الفعل، وقيل: المراد باليد القدرة، وتعقب بأنه لو كان اليد بمعنى القدرة لم يكن بين آدم وإبليس فرق لتشاركهما فيما خلق كل منهما به وهي قدرته في كلام المحققين من علماء البيان أن قولنا اليد مجاز عن القدرة إنما هو لنفي وهم التشبيه والتجسيم بسرعة، وإلا فهي تمثيلات وتصويرات للمعاني العقلية بإبرازها في الصور الحسية ولأنه عهد أنه من اعتنى بشيء باشره بيديه فيستفاد من ذلك أن العناية بخلق آدم أتم من العناية بخلق غيره وثبت لفظ باب لأبي ذر.

٧٤١٠ - حَدَّثَنِى مُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِىَّ قَالَ: «يَجْمَعُ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ، فَيَقُولُونَ: لَوِ اسْتَشْفَعْنَا إِلَى رَبِّنَا حَتَّى يُرِيحَنَا مِنْ مَكَانِنَا هَذَا، فَيَأْتُونَ آدَمَ فَيَقُولُونَ: يَا آدَمُ أَمَا تَرَى النَّاسَ خَلَقَكَ اللَّهُ بِيَدِهِ وَأَسْجَدَ لَكَ مَلَائِكَتَهُ، وَعَلَّمَكَ أَسْمَاءَ كُلِّ شَىْءٍ شَفِّعْ لَنَا إِلَى رَبِّنَا حَتَّى يُرِيحَنَا مِنْ مَكَانِنَا هَذَا فَيَقُولُ: لَسْتُ هُنَاكَ وَيَذْكُرُ لَهُمْ خَطِيئَتَهُ الَّتِى أَصَابَ، وَلَكِنِ ائْتُوا نُوحًا فَإِنَّهُ أَوَّلُ رَسُولٍ بَعَثَهُ اللَّهُ إِلَى أَهْلِ الأَرْضِ، فَيَأْتُونَ نُوحًا فَيَقُولُ: لَسْتُ هُنَاكُمْ وَيَذْكُرُ خَطِيئَتَهُ الَّتِى أَصَابَ، وَلَكِنِ ائْتُوا إِبْرَاهِيمَ خَلِيلَ الرَّحْمَنِ، فَيَأْتُونَ إِبْرَاهِيمَ فَيَقُولُ: لَسْتُ هُنَاكُمْ وَيَذْكُرُ لَهُمْ خَطَايَاهُ الَّتِى أَصَابَهَا، وَلَكِنِ ائْتُوا مُوسَى عَبْدًا أَتَاهُ اللَّهُ التَّوْرَاةَ وَكَلَّمَهُ تَكْلِيمًا، فَيَأْتُونَ مُوسَى فَيَقُولُ: لَسْتُ هُنَاكُمْ وَيَذْكُرُ لَهُمْ خَطِيئَتَهُ الَّتِى أَصَابَ، وَلَكِنِ

ائْتُوا عِيسَى عَبْدَ اللَّهِ وَرَسُولَهُ وَكَلِمَتَهُ وَرُوحَهُ فَيَأْتُونَ عِيسَى فَيَقُولُ: لَسْتُ هُنَاكُمْ، وَلَكِنِ ائْتُوا مُحَمَّدًا عَبْدًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ، فَيَأْتُونِى فَأَنْطَلِقُ فَأَسْتَأْذِنُ عَلَى رَبِّى فَيُؤْذَنُ لِى عَلَيْهِ فَإِذَا رَأَيْتُ رَبِّى وَقَعْتُ لَهُ سَاجِدًا، فَيَدَعُنِى مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَدَعَنِى ثُمَّ يُقَالُ لِى: ارْفَعْ مُحَمَّدُ وَقُلْ: يُسْمَعْ وَسَلْ تُعْطَهْ وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ، فَأَحْمَدُ رَبِّى بِمَحَامِدَ عَلَّمَنِيهَا، ثُمَّ أَشْفَعُ فَيَحُدُّ لِى حَدًّا، فَأُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ ثُمَّ أَرْجِعُ فَإِذَا رَأَيْتُ رَبِّى وَقَعْتُ سَاجِدًا فَيَدَعُنِى مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَدَعَنِى ثُمَّ يُقَالُ: ارْفَعْ مُحَمَّدُ وَقُلْ: يُسْمَعْ وَسَلْ تُعْطَهْ وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ فَأَحْمَدُ رَبِّى بِمَحَامِدَ عَلَّمَنِيهَا رَبِّى ثُمَّ أَشْفَعُ فَيَحُدُّ لِى حَدًّا فَأُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ ثُمَّ أَرْجِعُ فَإِذَا رَأَيْتُ رَبِّى وَقَعْتُ سَاجِدًا، فَيَدَعُنِى مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَدَعَنِى، ثُمَّ يُقَالُ ارْفَعْ مُحَمَّدُ قُلْ يُسْمَعْ وَسَلْ تُعْطَهْ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ فَأَحْمَدُ رَبِّى بِمَحَامِدَ عَلَّمَنِيهَا، ثُمَّ أَشْفَعُ فَيَحُدُّ لِى حَدًّا فَأُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ، ثُمَّ أَرْجِعُ فَأَقُولُ: يَا رَبِّ مَا بَقِىَ فِى النَّارِ إِلاَّ مَنْ حَبَسَهُ الْقُرْآنُ، وَوَجَبَ عَلَيْهِ الْخُلُودُ قَالَ النَّبِىُّ : يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ مَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَكَانَ فِى قَلْبِهِ مِنَ الْخَيْرِ، مَا يَزِنُ شَعِيرَةً ثُمَّ يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ مَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَكَانَ فِى قَلْبِهِ مِنَ الْخَيْرِ مَا يَزِنُ بُرَّةً، ثُمَّ يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ مَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَكَانَ فِى قَلْبِهِ مَا يَزِنُ مِنَ الْخَيْرِ ذَرَّةً».

وبه قال: (حدّثني) بالإفراد، ولأبي ذر: حدّثنا (معاذ بن فضالة) بفتح الفاء وتخفيف الضاد المعجمة أبو زيد البصري: (حدّثنا هشام) الدستوائي (عن قتادة) بن دعامة (عن أنس) (أن النبي قال):

(يجمع الله) ﷿ (المؤمنين) من الأمم الماضية والأمة المحمدية ولأبوي الوقت وذر يجمع المؤمنون بضم التحتية مبنيًّا للمفعول والمؤمنون مفعول ناب عن فاعله (يوم القيامة كذلك) بالكاف في أوله للجميع. قال البرماوي والعيني كالكرماني أي مثل الجمع الذي نحن عليه. وقال في فتح الباري: وأظن أن أول هذه الكلمة لام والإشارة إلى يوم القيامة أو لما يذكر بعد قال: وقد وقع عند مسلم من رواية معاذ بن هشام عن أبيه يجمع إليه المؤمنين يوم القيامة فيهتمون لذلك (فيقولون لو استشفعنا إلى ربنا) أحدًا فيشفع لنا (حتى يريحنا من مكاننا هذا) أي من الموقف لنحاسب ونخلص من حرّ الشمس والغم الذي لا طاقة لنا به (فيأتون آدم فيقولون يا آدم أما ترى الناس) فيما هم فيه من الكرب (خلقك الله بيده) وهذا موضع الترجمة (وأسجد لك ملائكته وعلّمك أسماء كل شيء) وضع شيء موضع أشياء أي المسميات لقوله تعالى: ﴿وعلم آدم الأسماء كلها﴾ [البقرة: ٣١] أي أسماء المسميات إرادة للتقصي واحدًا فواحدًا حتى يستغرق المسميات كلها (شفع) بفتح الشين المعجمة وكسر الفاء مشددة مجزوم على الطلب قال في الكواكب من التشفيع وهو قبول الشفاعة وهو لا يناسب المقام إلا أن يقال هو تفعيل للتكثير والمبالغة ولأبي الوقت وأبي ذر عن الكشميهني اشفع (لنا إلى ربنا حتى يريحنا من مكاننا هذا فيقول لست هناك) أي ليست لي هذه المرتبة بل لغيري (ويذكر لهم خطيئته التي أصابـ) ـها وهي أكله من الشجرة (ولكن ائتوا نوحًا

فإنه أول رسول بعثه الله) ﷿ بالإنذار (إلى أهل الأرض) الموجودين بعد هلاك الناس بالطوفان وليست أصل بعثته عامة فإنه من خصوصيات نبينا وكانت رسالة آدم لنبيه بمنزلة التربية والإرشاد (فيأتون نوحًا) فيسألونه (فيقول) لهم (لست هناكم) بالميم بعد الكاف ولأبي ذر عن المستملي والكشميهني هناك بإسقاطها (ويذكر خطيئته التي أصابـ) ـها وهي سؤاله نجاة ولده من الغرق (ولكن ائتوا إبراهيم خليل الرحمن فيأتون إبراهيم) فيسألونه (فيقول لست هناكم) وللمستملي والكشميهني هناك (ويذكر لهم خطاياه التي أصابها) وهي قوله: ﴿إني سقيم﴾ [الصافات: ٨٩] و ﴿بل فعله كبيرهم﴾ [الأنبياء: ٦٣] وإنها أختي. (ولكن ائتوا موسى عبدًا آتاه الله التوراة وكلمه تكليمًا فيأتون موسى) فيسألونه (فيقول لست هناكم ويذكر لهم خطيئته التي أصاب) ولأبي ذر أصابها وهي قتله النفس بغير حق (ولكن ائتوا عيسى عبد الله ورسوله) نفي لقول النصارى ابن الله (وكلمته) لأنه وجد بأمره تعالى من غير أب (وروحه) المنفوخة في مريم (فيأتون عيسى) فيسألونه (فيقول

<<  <  ج: ص:  >  >>