فسألته عن) قوله تعالى: ({فدية من صيام} فقال: حملت إلى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- والقمل يتناثر على وجهي) جملة حالية (فقال) عليه الصلاة والسلام:
(ما كنت أرى) بضم الهمزة أظن (أن الجهد) بفتح الجيم (قد بلغ بك هذا) الذي رأيت (أما تجد شاة قلت: لا) أجدها (قال: صم ثلاثة أيام) بيان لقوله تعالى: {أو صيام} (أو أطعم) بكسر العين (ستة مساكين) بيان لقوله تعالى: {أو صدقة} (لكل مسكين نصف صاع من طعام) بنصب نصف على المفعولية أو رفع مبتدأ مؤخر (وأحلق رأسك) قال ابن عجرة (فنزلت) أي الآية (فيّ) بكسر الفاء وتشديد التحتية (خاصة وهي لكم عامة) بالنصب ولأبي ذر عامة بالرفع.
وهذا الحديث سبق في باب الإطعام من الحج.
٣٣ - باب {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ} [البقرة: ١٩٦]
({فمن تمتع}) ولأبي ذر باب بالتنوين فمن تمتع ({بالعمرة إلى الحج}) [البقرة: ١٩٦] شامل لمن أحرم بهما أو أحرم بالعمرة أوّلًا فلما فرغ من العمرة أحرم بالحج وهذا هو التمتع الخاص وهو المعروف في كلام الفقهاء والتمتع العام يشمل القسمين.
٤٥١٨ - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ عِمْرَانَ أَبِي بَكْرٍ، حَدَّثَنَا أَبُو رَجَاءٍ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ -رضي الله عنهما- قَالَ: أُنْزِلَتْ آيَةُ الْمُتْعَةِ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَفَعَلْنَاهَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَلَمْ يُنْزَلْ قُرْآنٌ يُحَرِّمُهُ وَلَمْ يَنْهَ عَنْهَا حَتَّى مَاتَ قَالَ: رَجُلٌ بِرَأْيِهِ مَا شَاءَ. قَالَ مُحَمَّدٌ: يُقَالُ إِنَّهُ عُمَرُ.
وبه قال: (حدّثنا مسدد) هو ابن مسرهد قال: (حدّثنا يحيى) بن سعيد القطان (عن عمران) بن مسلم (أبي بكر) البصري قال: (حدّثنا أبو رجاء) بالجيم ممدودًا عمران بن ملحان العطاردي البصري (عن عمران بن حصين) بضم الحاء المهملة (رضي الله عنه) أنه (قال: أنزلت آية المتعة في كناب الله ففعلناها) أي المتعة (مع رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ولم ينزل) بضم أوله وفتح ثالثه (قرآن يحرمه) أي التمتع (ولم ينه) بفتح أوّله ولأبي ذر ولم ينه بضمه، ولأبي ذر عن الحموي والمستملي: فلم ينه الفاء بدل الواو (عنها) أي المتعة فذكر الضمير باعتبار التمتع وأنثه باعتبار المتعة (حتى
مات) النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (قال رجل): قيل هو عثمان لأنه كان يمنع التمتع (برأيه ما شاء) زاد في نسخة. قال محمد أي البخاري (يقال أنه) أي الرجل (عمر) لأنه كان ينهى عنها ويقول: إن نأخذ بكتاب الله فإنه يأمرنا بالتمام يعني قوله: {وأتموا الحج والعمرة لله} [البقرة: ١٩٦] وفي نفس الأمر لم يكن عمر رضي الله تعالى عنه ينهى عنها محرّمًا لها إنما كان ينهى عنها ليكثر قصد الناس البيت حاجين ومعتمرين. قاله الحافظ عماد الدين بن كثير في تفسيره.
وهذا الحديث أخرجه مسلم في الحج والنسائي في التفسير.
٣٤ - باب {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ} [البقرة: ١٩٨]
(ليس عليكم جناح) ولأبي ذر باب ({ليس عليكم جناح أن تبتغوا}) في أن تطلبوا ({فضلًا من ربكم}) [البقرة: ١٩٨] أي ربحًا في تجارتكم.
٤٥١٩ - حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرٍو، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- قَالَ: كَانَتْ عُكَاظٌ، وَمَجَنَّةُ، وَذُو الْمَجَازِ أَسْوَاقًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَتَأَثَّمُوا أَنْ يَتَّجِرُوا فِي الْمَوَاسِمِ فَنَزَلَتْ: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ} فِي مَوَاسِمِ الْحَجِّ.
وبه قال: (حدّثني) بالإفراد (محمد) هو ابن سلام البيكندي (قال: أخبرني) بالإفراد أيضًا ولأبي ذر أخبرنا (ابن عيينة) سفيان (عن عمرو) هو ابن دينار (عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما) أنه (قال: كانت عكاظ) بضم العين المهملة وتخفيف الكاف وبالظاء المعجمة (ومجنة) بفتح الميم والجيم (وذو المجاز) بفتح الميم والجيم وبعد الألف زاي (أسواقًا في الجاهلية) بنصب أسواقًا خبر كان وكانت معايشهم منها ولأبي ذر عن الكشميهني أسواق الجاهلية بحذف الجار وإضافة أسواق للاحقه (فتأثموا) أي تحرج المسلمون (أن يتجروا) بتشديد الفوقية بعد التحتية وبالجيم المكسورة بعدها راء مضمومة من التجارة (في المواسم فنزلت {ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلًا} من ربكم) قال ابن عباس: أي (في مواسم الحج).
وهذا الحديث سبق في باب التجارة أيام المواسم من كتاب الحج.
٣٥ - باب {ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ} [البقرة: ١٩٩]
(باب) ({ثم أفيضوا}) ارجعوا ({من حيث أفاض الناس}) [البقرة: ١٩٩] من عرفة لا من المزدلفة.
٤٥٢٠ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَازِمٍ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضي الله تعالى عنها - قَالَتْ: كَانَتْ قُرَيْشٌ وَمَنْ دَانَ دِينَهَا يَقِفُونَ بِالْمُزْدَلِفَةِ وَكَانُوا يُسَمَّوْنَ الْحُمْسَ، وَكَانَ سَائِرُ الْعَرَبِ يَقِفُونَ بِعَرَفَاتٍ، فَلَمَّا جَاءَ الإِسْلَامُ أَمَرَ اللَّهُ نَبِيَّهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ يَأْتِيَ عَرَفَاتٍ
ثُمَّ يَقِفَ بِهَا ثُمَّ يُفِيضَ مِنْهَا فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ} [البقرة: ١٩٩].
وبه قال: (حدّثنا علي بن عبد الله) المديني قال: (حدّثنا محمد بن خازم) بالخاء والزاي المعجمتين أبو معاوية الضرير قال: (حدّثنا هشام عن أبيه) عروة بن الزبير (عن عائشة رضي الله تعالى عنها) أنها قالت: (كانت قريش ومن دان دينها) وهو بنو عامر بن صعصعة وثقيف وخزاعة فيما قاله الخطاب (يقفون بالمزدلفة) ولا يخرجون من المحرم إذا وقفوا ويقولون: نحن أهل الله فلا نخرج من حرم الله (وكانوا يسمون الحمس) بضم الحاء المهملة وبعد الميم الساكنة سين مهملة جمع أحمس وهو الشديد الصلب وسموا بذلك لتصلبهم فيما كانوا عليه (وكان سائر العرب) أي باقيهم