للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الكشميهني فلم يقولا أي العمران (شيئًا قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: هي النخلة) والحكمة في تمثيل الإسلام بالشجرة أن الشجرة لا تكون شجرة إلا بثلاثة أشياء عرق راسخ وأصل قائم وفرع عال، كذلك الإيمان لا يتم إلا بثلاثة أشياء تصديق بالقلب وقول باللسان وعمل بالأبدان (فلما قمنا قلت لعمر يا أبتاه) بسكون الهاء مصححًا عليها في الفرع وأصله وفي غيرهما بضمها (والله لقد كان وقع في نفسي أنها النخلة فقال) أي عمر (ما منعك أن تكلم) بحذف إحدى التاءين (قال) أي ابن عمر قلت: (لم أركم تكلمون) بحذف إحدى التاءين أيضًا (فكرهت أن أتكلم أو أقول شيئًا. قال عمر: لأن تكون قلتها أحب إليّ من كذا وكذا) أي من حمر النعم كما في الرواية الأخرى، وقد وضح أن المراد بالشجرة في الآية النخلة لا شجرة الجوز الهندي.

نعم أخرج ابن مردويه من حديث ابن عباس بإسناد ضعيف في الآية قال: هي شجرة جوز الهند لا تتعطل من ثمرة تحمل كل شهر اهـ.

ونفع النخلة موجود في جميع أجزائها مستمر في جميع أحوالها فمن حين تطلع إلى حين تيبس تؤكل أنواعًا ثم ينتفع بجميع أجزائها حتى النوى في علف الإبل والليف في الحبال وغير ذلك مما لا يخفى.

وقد سبق هذا الحديث في كتاب العلم.

٢ - باب {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ} [إبراهيم: ٢٧]

هذا (باب) بالتنوين في قوله تعالى: ({يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت}) [إبراهيم: ٢٧] كلمة التوحيد لا إله إلا الله لأنها رسخت في القلب بالدليل أي يديمهم الله عليها كما اطمأنت إليها نفوسهم في الدنيا والجمهور على أنها نزلت في سؤال المكلفين في القبر فيلقن الله المؤمن كلمة الحق عند السؤال فلا يزل وسقط باب لغير أبي ذر.

٤٦٩٩ - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَلْقَمَةُ بْنُ مَرْثَدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ سَعْدَ بْنَ عُبَيْدَةَ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «الْمُسْلِمُ إِذَا سُئِلَ فِي الْقَبْرِ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَاّ اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ» فَذَلِكَ قَوْلُهُ: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ}.

وبه قال: (حدّثنا أبو الوليد) هشام بن عبد الملك الطيالسي قال: (حدّثنا شعبة) بن الحجاج

(قال: أخبرني) بالإفراد (علقمة بن مرثد) بفتح الميم والمثلثة بينهما راء ساكنة الحضرمي أبو الحارث الكوفي (قال: سمعت سعد بن عبيدة) بسكون عين سعد وضمها في عبيدة مصغرًا غير مضاف (عن البراء بن عازب رضي الله تعالى عنه أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال):

(المسلم إذا سئل في القبر) أي بعد إعادة روحه إلى جسده عن ربه ودينه ونبيه (يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فذلك قوله) عز وجل: ({يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت}) الذي ثبت بالحجة عندهم ({في الحياة الدنيا}) قبل الموت كما ثبت في الذين فتنهم أصحاب الأخدود والذين نشروا بالمناشير ({وفي الآخرة}) في القبر بعد إعادة روحه في جسده وسؤال الملكين له، وإنما حصل لهم الثبات في القبر بسبب مواظبتهم في الدنيا على هذا القول، ولا يخفى أن كل شيء كانت المواظبة عليه أكثر كان رسوخه في القلب أتم ثبتنا الله بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة بمنه وكرمه وقيل في الحياة الدنيا في القبر عند السؤال وفي الآخرة عند البعث إذا سئلوا عن معتقدهم في الموقف فلا يتلعثمون ولا تدهشهم أهوال القيامة.

وهذا الحديث قد سبق في باب ما جاء في عذاب القبر من الجنائز.

٣ - باب {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا} [إبراهيم: ٢٨]

أَلَمْ تَعْلَمْ كَقَوْلِهِ: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ} {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا} {الْبَوَارُ}: الْهَلَاكُ بَارَ يَبُورُ بَوْرًا. {قَوْمًا بُورًا}: هَالِكِينَ

هذا (باب) بالتنوين وهو ساقط لغير أبي ذر في قوله: ({ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرًا}) [إبراهيم: ٢٨] قال أبو عبيدة: (ألم تعلم) ولأبي ذر: ألم تر (كقوله) تعالى: ({ألم تر كيف} {ألم تر إلى الذين خرجوا}) إذ الرؤية بالأبصار غير حاصلة إما لتعذرها أو لتعسرها عادة وفي الآية حذف مضاف أي غيروا شكر نعمة الله كفرًا بأن وضعوه مكانه وقول صاحب الأنوار كالكشاف أو بدلوا نفس النعمة كفرًا فإنهم لما كفروها سلبت منهم فصاروا تاركين لها محصلين الكفر بدلها تعقب بأنه ليس بقوي لأنه يقتضي حدوث الكفر حينئذٍ وهم قد كانوا كفارًا من قبل وهذا ظاهر لا خفاء فيه.

({البوار}) في قوله تعالى: {وأحلوا قومهم دار البوار} [إبراهيم: ٢٨] هو (الهلاك) قال:

فلم أر مثلهم أبطال حرب ... غداة الروع إذ خيف البوار

وأصله من الكساد كما قيل:

كسد حتى فسد، ولما كان الكساد يؤدي إلى الفساد والهلاك أطلق

<<  <  ج: ص:  >  >>