للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الطهارة وشك في الحدث عمل بيقين الطهارة أو تيقن الحدث وشك في الطهارة عمل بيقين الحدث فلو تيقنهما وجهل السابق منهما كما لو تيقن بعد طلوع الشمس حدثًا وطهارة ولم يعلم السابق فأوجه، أصحها إسناد الوهم لما قبل الطلوع فإن كان قبله محدثًا فهو الآن متطهر لأنه تيقن أن الحدث السابق ارتفع بالطهارة اللاحقة وشك هل ارتفع أم لا؟ والأصل بقاؤه وإن كان قبله متطهرًا نظر. إن كان ممن يعتاد تجديد الوضوء فهو الآن محدث لأن الغالب أنه بنى وضوءه على الأوّل فيكون الحدث بعده، وإن لم يعتد فهو الآن متطهر لأن طهارته بعد الحدث وإن لم يتذكر ما قبلهما توضأ للتعارض، واختار في المجموع لزوم الوضوء بكل حال احتياطًا.

وذكر في شرح المهذب والوسيط أن الجمهور أطلقوا المسألة وأن المقيد لها المتولي والرافعيّ مع أنه نقله في أصل الروضة عن الأكثرين. قال في المهمات: وعليه الفتوى وقد أخذ بهذه القاعدة وهي العمل بالأصل جمهور العلماء خلافًا لمالك حيث روي عنه النقض مطلقًا أو خارج الصلاة دون داخلها. وروي هذا التفصيل عن الحسن البصري والأول مشهور مذهب مالك قاله القرطبي وهو رواية ابن القاسم عنه، وروى ابن نافع عنه لا وضوء عليه مطلقًا كقول الجمهور، وروى ابن وهب عنه أحبّ إليّ أن يتوضأ ورواية التفصيل لم تثبت عنه وإنما هي لأصحابه. وقال القرافيّ: ما ذهب إليه مالك أرجح لأنه احتاط للصلاة وهي مقصد وألغى الشك في السبب المبرئ وغيره احتياط

للطهارة وهي وسيلة وألغى الشك في الحدث الناقض لها والاحتياط للمقاصد أولى من الاحتياط للوسائل. وجوابه: أن ذلك من حيث النظر أقوى لكنه مغاير لمدلول الحديث لأنه أمر بعدم الانصراف إلا أن يتحقق، والله سبحانه أعلم بالصواب.

٥ - باب التَّخْفِيفِ فِي الْوُضُوءِ

هذا (باب) جواز (التخفيف في الوُضوء).

١٣٨ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو قَالَ: أَخْبَرَنِي كُرَيْبٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ نَامَ حَتَّى نَفَخَ، ثُمَّ صَلَّى -وَرُبَّمَا قَالَ اضْطَجَعَ حَتَّى نَفَخَ ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى. ثُمَّ حَدَّثَنَا بِهِ سُفْيَانُ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ عَنْ عَمْرٍو عَنْ كُرَيْبٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: بِتُّ عِنْدَ خَالَتِي مَيْمُونَةَ لَيْلَةً، فَقَامَ النَّبِيُّ مِنَ اللَّيْلِ، فَلَمَّا كَانَ فِي بَعْضِ اللَّيْلِ قَامَ النَّبِيُّ فَتَوَضَّأَ مِنْ شَنٍّ مُعَلَّقٍ وُضُوءًا خَفِيفًا - يُخَفِّفُهُ عَمْرٌو وَيُقَلِّلُهُ- وَقَامَ يُصَلِّي، فَتَوَضَّأْتُ نَحْوًا مِمَّا تَوَضَّأَ، ثُمَّ جِئْتُ فَقُمْتُ عَنْ يَسَارِهِ -وَرُبَّمَا قَالَ سُفْيَانُ عَنْ شِمَالِهِ- فَحَوَّلَنِي فَجَعَلَنِي عَنْ يَمِينِهِ. ثُمَّ صَلَّى مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ اضْطَجَعَ فَنَامَ حَتَّى نَفَخَ، ثُمَّ أَتَاهُ الْمُنَادِي فَآذَنَهُ بِالصَّلَاةِ، فَقَامَ مَعَهُ إِلَى الصَّلَاةِ فَصَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ. قُلْنَا لِعَمْرٍو: إِنَّ نَاسًا يَقُولُونَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ تَنَامُ عَيْنُهُ وَلَا يَنَامُ قَلْبُهُ. قَالَ عَمْرٌو: سَمِعْتُ عُبَيْدَ بْنَ عُمَيْرٍ يَقُولُ: رُؤْيَا الأَنْبِيَاءِ وَحْيٌ، ثُمَّ قَرَأَ: ﴿إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ) [الصافات: ١٠٢].

وبالسند إلى المؤلف قال: (حدّثنا) بالجمع وفي رواية الكشميهني حدّثني (علّي بن عبد الله) المديني (قال: حدّثنا سفيان) بن عيينة (عن عمرو) أي ابن دينار أنه (قال: أخبرني) بالإفراد (كريب) بضم الكاف وفتح الراء وسكون المثناة التحتية آخره موحدة ابن أبي مسلم القرشي مولى عبد الله بن عباس المكنّى بأبي رشدين بكسر الراء وسكون المعجمة وكسر المهملة وسكون المثناة التحتية آخره نون، المتوفى بالمدينة سنة ثمان وتسعين (عن ابن عباس) :

(أن النبي نام) مضطجعًا (حتى) أي إلى أن (نفخ ثم صلى) وفي رواية ابن عساكر بإسقاط ثم صلى (وربما قال) سفيان (اضطجع) (حتى) أي إلى أن (نفخ ثم قام فصلى) أي قالها بدون قوله نام وبزيادة قام قال علي بن المديني (ثم حدّثنا به سفيان) بن عيينة تحديثًا (مرة بعد مرة) أي كان يحدّثهم تارة مختصرًا وتارة مطوّلاً (عن عمرو) أي ابن دينار (عن كريب) مولى ابن عباس (عن ابن عباس) أنه (قال بتّ) بكسر الموحدة (عند خالتي) أم المؤمنين (ميمونة) بنت الحرث الهلالية (ليلة) بالنصب على الظرفية (فقام النبي ) مبتدئًا (من الليل) وفي رواية ابن السكن فنام من النوم، وصوّبها القاضي عياض لقوله: (فلما كان في) وفي رواية الحموي والمستملي من (بعض الليل قام النبي) وللأربعة رسول الله ( فتوضأ من شنّ) بفتح الشين المعجمة وتشديد النون أي من قربة خلقة (معلق) بالجر صفة لشنّ على تأويله بالجلد أو الوعاء وفي رواية معلقة بالتأنيث (وضوءًا خفيفًا) بالنصب على المصدرية في الأولى والصفة في الأخرى (يخففه عمرو) ابن دينار بالغسل الخفيف مع الإسباغ (ويقلله) بالاقتصار على المرة الواحدة، فالتخفيف من باب الكيف والتقليل من باب الكمّ وذلك أدنى ما تجوز به الصلاة (وقام) (يصلي)

وفي رواية فصلى (فتوضأت) وضوءًا خفيفًا (نحوًا مما توضأ) ، وفي رواية تأتي إن شاء الله تعالى فقمت فصنعت مثل ما صنع وهي تردّ على الكرماني حيث قال هنا لم يقل مثلاً لأن حقيقة مماثلته لا يقدر عليها أحد غيره انتهى. ولا يلزم من إطلاق المثلية المساواة من كل وجه.

(ثم جئت

<<  <  ج: ص:  >  >>