عليه في الفرع (إلى) صلاة (الجمعة).
وذكر عمر بن شبة بسنده أن وقعة الجمل كانت في النصف من جمادى الآخرة سنة ست وثلاثين، وذكر أيضًا من رواية المدايني عن العلاء أبي محمد عن أبيه قال: جاء رجل إلى علي وهو بالزاوية فقال: علام تقاتل هؤلاء؟ قال عليّ: على الحق. قال: فإنهم يقولون إنهم على الحق. قال: أقاتلهم على الخروج عن الجماعة ونكث البيعة.
وعند الطبراني أن أول ما وقعت الحرب أن صبيان العسكرين تسابوا ثم تراموا ثم تبعهم العبيد ثم السفهاء فنشب الحرب وكانوا خندقوا على البصرة فقتل قوم وخرج آخرون وغلب أصحاب عليّ ونادى مناديه: لا تتبعوا مدبرًا ولا تجهزوا جريحًا ولا تدخلوا دار أحد ثم جمع الناس وبايعهم، واستعمل ابن عباس على البصرة ورجع إلى الكوفة.
وعند ابن أبي شيبة بسند جيد عن عبد الرحمن بن أبزى قال: انتهى عبد الله بن بديل بن ورقاء الخزاعي إلى عائشة يوم الجمل وهي في الهودج فقال: يا أم المؤمنين أتعلمين أني أتيتك عندما قتل عثمان فقلت: ما تأمريني فقلت الزم عليًّا فسكتت. فقال: اعقروا الجمل فعقروه فنزلت أنا وأخوها محمد فاحتملنا هودجها فوضعناه بين يدي علي فأمر بها فأدخلت بيتًا.
وعند ابن أبي شيبة والطبري من طريق عمر بن جاوان عن الأحنف فكان أول قتيل طلحة ورجع الزبير فقتل. وقال الزهري: ما شوهدت وقعة مثلها فني فيها الكماة من فرسان مضر فهرب الزبير فقتل بوادي السباع، وجاء طلحة سهم غرب فحملوه إلى البصرة ومات. وحكى سيف كان قتلى الجمل عشرة آلاف نصفهم من أصحاب عليّ ونصفهم من أصحاب عائشة. وقيل قتل من أصحاب عائشة ثمانية آلاف، وقيل ثلاثة عشر ألفًا ومن أصحاب عليّ ألف، وقيل من أهل البصرة عشرة آلاف ومن أهل الكوفة خمسة آلاف.
١٩ - باب إِذَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِقَوْمٍ عَذَابًا
هذا (باب) بالتنوين (إذا أنزل الله بقوم عذابًا) أي يذكر جواب إذا اكتفاء بما في الحديث.
٧١٠٨ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِىِّ أَخْبَرَنِى حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عُمَرَ ﵄ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إِذَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِقَوْمٍ عَذَابًا أَصَابَ الْعَذَابُ مَنْ كَانَ فِيهِمْ ثُمَّ بُعِثُوا عَلَى أَعْمَالِهِمْ».
وبه قال: (حدّثنا عبد الله بن عثمان) الملقب عبدان قال: (أخبرنا عبد الله) بن المبارك قال: (أخبرنا يونس) بن يزيد الأيلي (عن الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب أنه قال: (أخبرني) بالإفراد
(حمزة بن عبد الله بن عمر) بالحاء المهملة والزاي (أنه سمع) أباه (ابن عمر ﵄ يقول: قال رسول الله ﷺ):
(إذا أنزل الله بقوم عذابًا) أي عقوبة لهم على سيئ أعمالهم (أصاب العذاب من كان فيهم) ممن ليس هو على منهاجهم ومن من صيغ العموم، فالمعنى أن العذاب يصيب حتى الصالحين منهم وعند الإسماعيلي من طريق أبي النعمان عن ابن المبارك أصاب به من بين أظهرهم (ثم بعثوا) بضم الموحدة (على) حسب (أعمالهم) إن كانت صالحة فعقباهم صالحة وإلا فسيئة فذلك العذاب طهرة للصالح ونقمة على الفاسق. وعن عائشة مرفوعًا: إن الله تعالى إذا أنزل سطوته بأهل نقمته وفيهم الصالحون قبضوا معهم ثم بعثوا على نياتهم وأعمالهم صححه ابن حبان وأخرجه البيهقي في شعبه، فلا يلزم من الاشتراك في الموت الاشتراك في الثواب أو العقاب بل يجازى كل أحد بعمله على حسب نيته وهذا من الحكم العدل لأن أعمالهم الصالحة إنما يجازون بها في الآخرة وأما في الدنيا فمهما أصابهم من بلاء كان تكفيرًا لما قدموه من عمل سيئ كترك الأمر بالمعروف.
وفي السنن الأربعة من حديث أبي بكر الصديق ﵁ سمع رسول الله ﷺ قول: "إن الناس إذا رأوا المنكر فلم يغيروه أوشك أن يعمهم الله بعذاب". وكذا رواه ابن حبان وصححه فكان العذاب المرسل في الدنيا على الذين ظلموا يتناول من كان معهم ولم ينكر عليهم، فكان ذلك جزاء لهم على مداهنتهم ثم يوم القيامة يبعث كل منهم فيجازى بعمله فأما من أمر ونهى فلا يرسل الله عليهم العذاب بل يدفع الله بهم العذاب ويؤيده قوله تعالى: ﴿وما كنا مهلكي القرى إلا وأهلها ظالمون﴾ [القصص: ٥٩] ويدل على التعميم لمن لم ينه عن المنكر وإن كان لا يتعاطاه قوله فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذًا مثلهم ويستفاد منه مشروعية الهروب من الظلمة لأن الإقامة معهم