للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أي حذو منكبيه (أيضًا) جواب لقوله: وإذا رفع رأسه (وقال: سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد، وكان لا يفعل ذلك) أي رفع يديه (في) ابتداء (السجود) ولا في الرفع منه.

وهذا مذهب الشافعي، وأحمد، وقال الحنفية لا يرفع إلا في تكبيرة الإحرام، وهو رواية ابن القاسم عن مالك. قال ابن دقيق العيد وهو المشهور عند أصحاب مالك، والمعمول به عند المتأخرين منهم. وأجابوا عن هذا الحديث بأنه منسوخ.

وقال أبو العباس القرطبي: مشهور مذهب مالك أن الرفع في المواطن الثلاثة هو آخر أقواله وأصحها، والحكمة في الرفع أن يراه الأصم فيعلم دخوله في الصلاة، كالأعمى يعلم بسماع التكبير، أو إشارة إلى رفع الحجاب بين العبد والمعبود، أو ليستقبل بجميع بدنه.

وقال الشافعي هو تعظيم لله واتباع لسُنّة رسول الله .

وفي هذا الحديث التحديث والعنعنة، وأخرجه النسائي في الصلاة.

٨٤ - باب رَفْعِ الْيَدَيْنِ إِذَا كَبَّرَ، وَإِذَا رَكَعَ، وَإِذَا رَفَعَ

(باب رفع اليدين إذا كبر، وإذا ركع) أي إذا أراد التكبير للافتتاح وإذا أراد الركوع (و) رفعهما (إذا رفع) رأسه من الركوع.

٧٣٦ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ: أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَخْبَرَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: "رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ إِذَا قَامَ فِي الصَّلَاةِ رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى يَكُونَا حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ، وَكَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ حِينَ يُكَبِّرُ لِلرُّكُوعِ، وَيَفْعَلُ ذَلِكَ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ وَيَقُولُ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، وَلَا يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي السُّجُودِ".

وبالسند قال: (حدّثنا محمد بن مقاتل) المروزي، جاور بمكة وتوفي سنة ست وعشرين ومائتين (قال: أخبرنا) ولأبي ذر: حدّثنا (عبد الله) بن المبارك (قال: أخبرنا يونس) بن يزيد الأيلي (عن الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب (قال: أخبرني) بالإفراد (سالم بن عبد الله) ولابن عساكر زيادة: ابن عمر (عن عبد الله بن عمر) بن الخطاب ، ولأبي ذر: عن أبيه أنه (قال: رأيت رسول الله) وللأصيلي: النبي ( إذا قام في الصلاة) أي شرع فيها (رفع يديه حتى يكونا) بمثناة تحتية، ولأبي ذر: تكونا بالفوقية، (حذو منكبيه) بالتثنية (وكان يفعل ذلك) أي يرفع يديه (حين يكبر للركوع) أي عند ابتداء الركوع، كإحرامه حذو منكبيه مع ابتداء التكبير (ويفعل ذلك) أيضًا (إذا رفع رأسه من الركوع) إذا أراد الرفع منه أيضًا (ويقول):

(سمع الله لمن حمده) (ولا يفعل ذلك) أي الرفع (في السجود) أي: لا في الهويّ إليه، ولا في الرفع منه.

وروى يحيى القطان، من مالك عن نافع، عن ابن عمر مرفوعًا، هذا الحديث وفيه: ولا يرفع بعد ذلك.

أخرجه الدارقطني في غرائب مالك بإسناد حسن، وظاهره يشمل النفي عمّا عدا هذه المواضع الثلاثة.

وقد روى رفع اليدين في الحديث خمسون من الصحابة، منهم العشرة.

ورواة هذا الحديث الستة ما بين مروزي ومدني وإيلي، وفيه التحديث بالجمع والإخبار بالجمع والإفراد، والعنعنة والقول، وأخرجه مسلم في الصلاة، وكذا النسائى.

زاد ابن عساكر هنا: قال محمد، أي البخاري، قال علي بن عبد الله المديني: حق على المسلمين أن يرفعوا أيديهم عند تكبيرة الإحرام وغيرها، مما ذكر لحديث الزهري عن سالم، عن أبيه عن عبد الله بن عمر بن الخطاب .

٧٣٧ - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ الْوَاسِطِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ خَالِدٍ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ: "أَنَّهُ رَأَى مَالِكَ بْنَ الْحُوَيْرِثِ إِذَا صَلَّى كَبَّرَ وَرَفَعَ يَدَيْهِ، وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ رَفَعَ يَدَيْهِ، وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ رَفَعَ يَدَيْهِ، وَحَدَّثَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَنَعَ هَكَذَا".

وبه قال: (حدّثنا إسحاق الواسطي) هو ابن شاهين (قال: حدّثنا خالد بن عبد الله) بن عبد الرحمن الطحان (عن خالد) الحذاء، ولأبي ذر عن الحموي والمستملي: حدّثنا خالد (عن أبي قلابة) بكسر القاف، عبد الله بن زيد الجرمي (أنه) أي أن أبا قلابة (رأى مالك بن الحويرث) بضم الحاء المهملة وفتح الواو آخره مثلثة، الليثي (إذا صلّى) أي شرع في الصلاة (كبر) للإحرام (ورفع يديه) حتى يكونا حذو منكبيه، ولمسلم: ثم رفع يديه (وإذا أراد أن يركع رفع يديه) مع التكبير (وإذا رفع رأسه من الركوع رفع يديه).

وهذا مذهب الشافعي وأحمد خلافًا لأبي حنيفة ومالك في أشهر الروايات عنه.

واستدلّ الحنفية برواية مجاهد: أنه صلّى خلف ابن عمر فلم يره يفعل ذلك، وأجيب بالطعن في إسناده، لأن أبا بكر بن عياش ساء حفظه بآخره وعلى تقدير صحته، فقد أثبت ذلك سالم ونافع وغيرهما. والمثبت مقدم على النافي، وأيضًا فإن ابن عمر لم يكن يراه واجبًا ففعله تارة، وتركه أخرى. وروي عن بعض الحنفية بطلان الصلاة.

وأما الرفع في تكبيرة الإحرام فعليه الإجماع، وإنما قال: أراد في الركوع لأنه فيه عند إرادته بخلاف رفعهما في رفع الرأس منه، فإنه عند نفس الرفع

<<  <  ج: ص:  >  >>