أن تأتي بها مفردة حينئذٍ فتكون عمرتها من التنعيم تطوّعًا لا عن فرض، لكنه أراد تطييب نفسها بذلك. ومن قال: كانت مفردة قال مكان عمرتك التي فسخت الحج إليها ولم تتمكني من الإتيان بها للحيض. وقال السهيلي: الوجه النصب على الظرف لأن العمرة ليست بمكان لعمرة أخرى لكن إن جعلت مكان بمعنى عوض أو بل مجازًا أي هذه بدل عمرتك جاز الرفع حينئذٍ.
(قالت): عائشة ﵂ (فطاف الذين كانوا أهلّوا بالعمرة بالبيت و) سعوا أو طافوا (بين الصفا والمروة) لأجل العمرة (ثم حلوا)، منها بالحلق أو التقصير (ثم طافوا طوافًا واحدًا) للحج، ولأبي ذر عن الكشميهني: طوافًا آخر (بعد أن رجعوا من منى، وأما الذين جمعوا الحج والعمرة فإنما طافوا طوافًا واحدًا) لأن القارن يكفيه طواف واحد وسعي واحد لأن أفعال العمرة تندرج في أفعال الحج وهو مذهب الشافعي ومالك وأحمد والجمهور خلافًا للحنفية حيث قالوا: لا بدّ للقارن من طوافين وسعيين لأن القران هو الجمع بين العبادتين فلا يتحقق إلا بالإتيان بأفعال كل منهما والطواف والسعي مقصودان فيهما فلا يتداخلان إذ لا تداخل في العبادات وهو محكي عن أبي بكر وعمر وعلي بن أبي طالب وابن مسعود والحسن بن علي، ولا يصح عن واحد منهم.
واستبدل بعضهم له بحديث ابن عمر عند الدارقطني بلفظ: إنه جمع بين حجة وعمرة معًا وطاف لهما طوافين وسعى لهما سعيين وقال: هكذا رأيت رسول الله ﷺ صنع وبحديث علي عند الدارقطني أيضًا، وبحديث ابن مسعود وحديث عمران بن حصين أيضًا، وكلها مطعون فيها لما في رواتها من الضعف المانع للاحتجاج بها والله أعلم.
وهذا الحديث أخرجه المؤلّف أيضًا في الحج والمغازي، وأخرجه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي في الحج وكذا ابن ماجة والله أعلم.
٣٢ - باب مَنْ أَهَلَّ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ ﷺ كَإِهْلَالِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَهُ ابْنُ عُمَرَ ﵄ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ-
(باب من أهل) أي أهلّ على الإبهام من غير تعيين (في زمن النبي ﷺ كإهلال النبي ﷺ) فأقره النبي ﷺ عليه وتقييده في الترجمة بزمنه ﵊ إشارة إلى أنه لا يجوز بعد ذلك.
لنا: أن الأصل عدم الخصوصية فيجوز أن يحرم كإحرام زيد فإن لم يكن زيد محرمًا انعقد إحرامه مطلقًا ولغت الإضافة لزيد، وإن كان زيد محرمًا انعقد إحرامه كإحرامه إن كان حجًّا فحج وإن كان عمرة فعمرة وإن كان مطلقًا فمطلق ويتخير كما يتخير زيد ولا يلزمه الصرف إلى ما يصرف إليه زيد، فإذا تعذر معرفة إحرامه بموته أو جنونه أو غيبته نوى القران وعمل أعمال النسكين ليتحقق الخروج عما شرع فيه، وهذا مذهب الشافعية وهو الصحيح عند أشهب نقله سند وصاحب الذخيرة وهو مذهب الحنابلة، وحكي عن مالك المنع وهو قول الكوفيين لعدم الجزم حين الدخول في العبادة (قاله) أي ما ذكر في الترجمة (ابن عمر) بن الخطاب (﵄ عن النبي ﷺ) فيما أخرجه المؤلّف ﵀ في باب: بعث علي ﵁ إلى اليمن من باب المغازي.
١٥٥٧ - حَدَّثَنَا الْمَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ عَطَاءٌ قَالَ جَابِرٌ ﵁ "أَمَرَ النَّبِيُّ ﷺ عَلِيًّا ﵁ أَنْ يُقِيمَ عَلَى إِحْرَامِهِ، وَذَكَرَ قَوْلَ سُرَاقَةَ".
[الحديث ١٥٥٧ - أطرافه في: ١٥٦٨، ١٥٧٠، ١٦٥١، ١٧٨٥، ٢٥٠٦، ٤٣٥٢، ٧٢٣٠، ٧٣٦٧].
وبالسند قال: (حدّثنا المكي بن إبراهيم) بشر بن فرقد الحنظلي التميمي البلخي (عن ابن جريج) عبد الملك بن عبد العزيز (قال عطاء) هو ابن أبي رباح، (قال جابر) هو ابن عبد الله الأنصاري (﵁).
(أمر النبي ﷺ عليا ﵁) هو ابن أبي طالب حين قدم مكة من اليمن ومعه هدي (أن يقيم على إحرامه) الذي كان أحرم به كإحرام النبي ﷺ ولا يحل لأنه معه الهدي.
(وذكر) أي جابر في حديثه فهو من مقول عطاء أو المكي بن إبراهيم فيكون من مقول البخاري (قول سراقة) بضم السين المهملة وفتح القاف ابن مالك بن جعشم بضم الجيم والشين المعجمة بينهما مهملة ساكنة المذكور في باب: عمرة التنعيم من حديث حبيب المعلم عن عطاء حدثني جابر أن رسول الله ﷺ أهلّ هو وأصحابه بالحج وليس مع أحد منهم هدي غير النبي ﷺ وطلحة، وكان علي ﵁ قدم من اليمن ومعه هدي الحديث وفيه: أن سراقة لقي رسول الله ﷺ بالعقبة وهو يرميها فقال: ألكم هذه خاصة يا رسول الله