يفجأني ولم يخوّفني (إلا رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ضحى) أي وقت الضحى ففيه ما ترجم له أن دخوله عليه الصلاة والسلام عليها كان نهارًا من غير مركب ولا نيران.
٦٢ - باب الأَنْمَاطِ وَنَحْوِهَا لِلنِّسَاءِ
(باب) جواز اتخاذ (الأنماط) بفتح الهمزة وسكون النون ضرب من البسط له خمل (ونحوها) من الحلل والأستار والفرش (للنساء).
٥١٦١ - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ -رضي الله عنهما- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «هَلِ اتَّخَذْتُمْ أَنْمَاطًا»؟ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَأَنَّى لَنَا أَنْمَاطٌ. قَالَ: «إِنَّهَا سَتَكُونُ».
وبه قال: (حدّثنا قتيبة بن سعيد) أبو رجاء الثقفي قال: (حدّثنا سفيان) الثوري قال: (حدّثنا محمد بن المنكدر) التيمي المدني (عن جابر بن عبد الله) الأنصاري (-رضي الله عنهما-) أنه (قال: قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-): أي لجابر لما تزوج.
(هل اتخذتم أنماطًا) قال جابر: (قلت يا رسول الله وأنى) بفتح النون المشددة أي ومن أين (لنا أنماط)؟ كذا شطب على اللام ألف في الفرع كأصله (قال) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (إنها ستكون) زاد في علامات النبوة لكم الأنماط قال النووي رحمه الله: فيه جواز اتخاذ الأنماط إذا لم تكن من حرير وتعقب بأنه لا يلزم من الأخبار بأنها ستكون الإباحة. وأجيب: بأن أخباره عليه الصلاة والسلام أنها ستكون ولم ينه فكأنه أقرّه نعم في حديث عائشة عند مسلم أنها أخذت نمطًا فسترته على الباب فجذبه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حتى هتكه وقال: "إن الله لم يأمرنا أن نكسو الحجارة والطين" قالت: فقطعت منه وسادتين فلم يعب ذلك. قال في الفتح: فيؤخذ منه أن الأنماط لا يكره اتخاذها لذاتها بل لما يصنع بها، وقد اختلف في ستر البيوت والجدار والذي جزم به جمهور الشافعية الكراهة، بل صرّح الشيخ أبو نصر المقدسي منهم بالتحريم لحديث عائشة هذا، وقال غيره: ليس في السياق ما يدل على التحريم وإنما فيه نفي الأمر بذلك ونفي الأمر يستلزم نفي ثبوت النهي. نعم يمكن أن يحتج بفعله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في هتكه، وفي حديث ابن عباس عند أبي داود وغيره والنهي صريحًا،
ولفظه ولا تستروا الجدار بالثياب لكن في إسناده ضعف وله شاهد مرسل عن علي بن الحسين.
وحديث الباب سبق في علامات النبوة.
٦٣ - باب النِّسْوَةِ اللَاّتِي يَهْدِينَ الْمَرْأَةَ إِلَى زَوْجِهَا
(باب النسوة اللاتي) بالجمع (يهدين) بضم الياء (المرأة إلى زوجها) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي: التي بالإفراد والأولى أولى وزاد أبو ذر ودعائهن بالبركة ولأبي ذر لهذه الزيادة في الحديث.
٥١٦٢ - حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَابِقٍ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا زَفَّتِ امْرَأَةً إِلَى رَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ، فَقَالَ نَبِيُّ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «يَا عَائِشَةُ، مَا كَانَ مَعَكُمْ لَهْوٌ، فَإِنَّ الأَنْصَارَ يُعْجِبُهُمُ اللَّهْوُ».
وبه قال: (حدّثنا الفضل بن يعقوب) البغدادي قال: (حدّثنا محمد بن سابق) أبو جعفر التميمي البغدادي أحد مشايخ المؤلّف روى عنه بالواسطة قال: (حدّثنا إسرائيل) بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي (عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة) -رضي الله عنها- (أنها زفّت) بالزاي المفتوحة والفاء المشدّدة المفتوحة أيضًا (امرأة) كانت يتيمة في حجرها كما في الأوسط للطبراني وعند ابن ماجة قرابة لها، وعند أبي الشيخ بنت أختها أو ذات قرابة منها، وفي أُسد الغابة ما يدل على أن اسمها الفارعة بنت أسعد بن زرارة (إلى رجل من الأنصار) في أُسد الغابة أن اسمه نبيط بن جابر الأنصاري (فقال نبي الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-):
(يا عائشة ما كان معكم لهو) وفي رواية شريك فقال: فهل بعثتم معها جارية تضرب بالدف وتغني؟ قلت: تقول ماذا؟ قال: تقول:
أتيناكم أتيناكم ... فحيانا وحياكم
ولولا الذهب الأحمـ ... ـر ما حلت بواديكم
ولولا الحنطة السمرا ... ء ما سمنت عذاريكم
(فإن الأنصار يعجبهم اللهو) وفي حديث ابن عباس عند ابن ماجة قوم فيهم غزل، وفي حديث عبد الله بن الزبير عند أحمد وصححه ابن حبان والحاكم: أعلنوا النكاح. زاد الترمذي وابن ماجة من حديث عائشة: واضربوا عليه بالدف، وسنده ضعيف، ولأحمد والترمذي والنسائي من حديث محمد بن حاطب: فصل ما بين الحلال والحرام الضرب بالدف.
٦٤ - باب الْهَدِيَّةِ لِلْعَرُوسِ
(باب) إهداء (الهدية للعروس) صبيحة البناء.
٥١٦٣ - وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ: عَنْ أَبِي عُثْمَانَ وَاسْمُهُ الْجَعْدُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: مَرَّ بِنَا فِي مَسْجِدِ بَنِي رِفَاعَةَ، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا مَرَّ بِجَنَبَاتِ أُمِّ سُلَيْمٍ دَخَلَ عَلَيْهَا فَسَلَّمَ عَلَيْهَا. ثُمَّ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَرُوسًا بِزَيْنَبَ، فَقَالَتْ لِي أُمُّ سُلَيْمٍ: لَوْ اهْدَيْنَا لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- هَدِيَّةً، فَقُلْتُ لَهَا: افْعَلِي. فَعَمَدَتْ إِلَى تَمْرٍ وَسَمْنٍ وَأَقِطٍ فَاتَّخَذَتْ حَيْسَةً فِي بُرْمَةٍ فَأَرْسَلَتْ بِهَا مَعِي إِلَيْهِ، فَانْطَلَقْتُ بِهَا إِلَيْهِ فَقَالَ لِي: «ضَعْهَا». ثُمَّ أَمَرَنِي فَقَالَ: «ادْعُ لِي رِجَالًا» سَمَّاهُمْ، وَادْعُ لِي مَنْ لَقِيتَ. قَالَ: فَفَعَلْتُ الَّذِي أَمَرَنِي فَرَجَعْتُ فَإِذَا الْبَيْتُ غَاصٌّ بِأَهْلِهِ، فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى تِلْكَ الْحَيْسَةِ وَتَكَلَّمَ بِهَا مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ جَعَلَ يَدْعُو عَشَرَةً عَشَرَةً يَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَقُولُ لَهُمُ: «اذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ، وَلْيَأْكُلْ كُلُّ رَجُلٍ مِمَّا يَلِيهِ» قَالَ: حَتَّى تَصَدَّعُوا كُلُّهُمْ عَنْهَا. فَخَرَجَ مِنْهُمْ مَنْ خَرَجَ، وَبَقِيَ نَفَرٌ يَتَحَدَّثُونَ، قَالَ: وَجَعَلْتُ أَغْتَمُّ ثُمَّ خَرَجَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَحْوَ الْحُجُرَاتِ، وَخَرَجْتُ فِي إِثْرِهِ فَقُلْتُ: إِنَّهُمْ قَدْ ذَهَبُوا فَرَجَعَ فَدَخَلَ الْبَيْتَ وَأَرْخَى السِّتْرَ، وَإِنِّي لَفِي الْحُجْرَةِ وَهْوَ يَقُولُ: «{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَاّ أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ} [الأحزاب: ٥٣] قَالَ أَبُو عُثْمَانَ: قَالَ أَنَسٌ إِنَّهُ خَدَمَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَشْرَ سِنِينَ.
(وقال إبراهيم) بن طهمان الهروي: (عن أبي عثمان واسمه الجعد) بفتح الجيم وسكون العين المهملة ابن دينار اليشكري البصري (عن أنس بن مالك قال) أبو عثمان الجعد: (مرّ بنا) أنس بالبصرة (في مسجد بني رفاعة) بكسر الراء وتخفيف الفاء وبالعين المهملة ابن الحارث (فسمعته يقول: كان النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-