أنه لا يؤمّر في القبيلة إلا رجل منهم لنفورهم عن حكم غيرهم وكانت المرآة أسلمية.
وهذا الحديث أخرجه أيضًا في النذور والمحاربين والصلح والأحكام والشروط والاعتصام وخبر الواحد والشهادات، وأخرجه مسلم وأبو داود والترمذي وابن ماجة في الحدود والنسائي في القضاء والرجم والشروط.
٢٣١٦ - حَدَّثَنَا ابْنُ سَلَامٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ عَنْ أَيُّوبَ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ: "جِيءَ بِالنُّعَيْمَانِ -أَوِ ابْنِ النُّعَيْمَانِ- شَارِبًا، فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَنْ كَانَ فِي الْبَيْتِ أَنْ يَضْرِبُوا، قَالَ فَكُنْتُ أَنَا فِيمَنْ ضَرَبَهُ، فَضَرَبْنَاهُ بِالنِّعَالِ وَالْجَرِيدِ". [الحديث ٢٣١٦ - طرفاه في: ٦٧٧٤، ٦٧٧٥].
وبه قال: (حدّثنا ابن سلام) بالتخفيف، ولأبي ذر: سلام بالتشديد البيكندي قال: (أخبرنا عبد الوهاب الثقفي عن أيوب) السختياني (عن ابن أبي مليكة) عبد الله بن عبيد الله (عن عقبة بن الحرث) بن عامر القرشي النوفلي المكي له صحبة أسلم يوم الفتح، وله في البخاري ثلاثة أحاديث أنه (قال: جيء بالنعيمان) بضم النون مصغرًا ولغير أبي ذر النعمان بالتكبير (أو ابن النعيمان) بالتصغير أيضًا والشّك من الراوي، ووقع عند الإسماعيلي الشك في تصغيره وتكبيره. وللإسماعيلي
أيضًا في رواية: جئت بالنعيمان بغير شك فيستفاد منه تسمية الذي حضر به وهو عقبة والنعيمان بن عمرو بن رفاعة بن الحرث بن سواد بن مالك بن غنم بن مالك بن النجار الأنصاري ممن شهد بدرًا وكان مزاحًا حال كونه (شاربًا) مسكرًا أي متّصفًا بالشرب لأنه حين جيء به لم يكن شاربًا حقيقة بل كان سكران، ويدل له ما في الحدود بلفظ: هو سكران.
(فأمر رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من كان في البيت أن يضربوا) بحذف الضمير المنصوب وفي نسخة يضربوه بإثباته (قال) عقبة بن الحرث: (فكنت أنا فيمن ضربه فضربناه بالنعال والجريد).
وموضع الترجمة منه قوله فيه فأمر من كان في البيت أن يضربوه فإن الإمام لما لم يتولّ إقامة الحدّ بنفسه وولاّه غيره كان ذلك بمنزلة توكيله لهم في إقامته، ولا يصح عند الشافعية التوكيل في إثبات الحدود لبنائها على الدرء. نعم قد يقع إثباتها بالوكالة تبعًا بأن يقذف شخص آخر فيطالبه بحد القذف فله أن يدرأه عن نفسه بإثبات زناه بالوكالة، فإذا ثبت أقيم عليه الحد ويستفاد من الحديث كما قال الخطابي: إن حدّ الخمر لا يستأنى به الإفاقة كحد الحامل لتضع حملها.
١٤ - باب الْوَكَالَةِ فِي الْبُدْنِ وَتَعَاهُدِهَا
(باب) حكم (الوكالة في) أمر (البدن) التي تهدى (و) حكم (تعاهدها).
٢٣١٧ - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ: "قَالَتْ عَائِشَةُ -رضي الله عنها- أَنَا فَتَلْتُ قَلَائِدَ هَدْيِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِيَدَىَّ، ثُمَّ قَلَّدَهَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِيَدَيْهِ، ثُمَّ بَعَثَ بِهَا مَعَ أَبِي، فَلَمْ يَحْرُمْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- شَىْءٌ أَحَلَّهُ اللَّهُ لَهُ حَتَّى نُحِرَ الْهَدْيُ".
وبه قال: (حدّثنا إسماعيل بن عبد الله) الأويسي المدني ابن أخت الإمام مالك (قال: حدّثني) بالإفراد (مالك) هو ابن أنس إمام دار الهجرة (عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم) بفتح الحاء المهملة وسكون الزاي (عن) خالته (عمرة بنت عبد الرحمن) الأنصارية (أنها أخبرته قالت عائشة) -رضي الله عنها-: (أنا فتلت قلائد هدي رسول الله-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بيدي) بتشديد الياء على التثنية. وهذا الحديث ساقه هنا مختصرًا، وفي باب من قلد القلائد بيده من كتاب الحج أطول من هذا ولفظه: عن عمرة بنت عبد الرحمن أنها أخبرته أن زياد بن أبي سفيان كتب إلى عائشة -رضي الله عنها- أن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- قال: من أهدى هديًا حرم عليه ما يحرم على الحاج حتى ينحر هديه. قالت عمرة فقالت عائشة -رضي الله عنها-: ليس كما قال ابن عباس أنا فتلت قلائد هدي رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بيديّ.
(ثم قلدها رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بيديه) بالتثنية (ثم بعث) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (بها) أي بالهدي وأنّث الضمير باعتبار البدنة لأن هديه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الذي بعث به كان بدنة (مع أبي) أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- سنة تسع عام
حج أبو بكر -رضي الله عنه- بالناس (فلم يحرم على رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- شيء أحلّه الله له حتى نحر الهدي) بضم النون مبنيًا للمجهول والهدي رفع نائب عن الفاعل أي حتى نحره أبو بكر -رضي الله عنه-، والحديث ظاهر فيما ترجم له من الوكالة في البدن وأما تعاهدها فيحتمل أن يكون من مباشرة النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إياها بنفسه حتى قلدها بيده.
١٥ - باب إِذَا قَالَ الرَّجُلُ لِوَكِيلِهِ: ضَعْهُ حَيْثُ أَرَاكَ اللَّهُ وَقَالَ الْوَكِيلُ: قَدْ سَمِعْتُ مَا قُلْتَ
هذا (باب) بالتنوين يذكر فيه (إذا قال الرجل لوكيله) الذي وكّله (ضعه) أي الشيء الموكل فيه (حيث أراك الله وقال الوكيل قد سمعت ما قلت) أي فوضعه حيث أراد جاز.
٢٣١٨ - حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ يَحْيَى قَالَ قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ -رضي الله عنه- يَقُولُ: "كَانَ أَبُو طَلْحَةَ أَكْثَرَ الأَنْصَارِ بِالْمَدِينَةِ مَالاً، وَكَانَ أَحَبَّ أَمْوَالِهِ إِلَيْهِ بِيْرُ حَاءَ وَكَانَتْ مُسْتَقْبِلَةَ الْمَسْجِدَ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَدْخُلُهَا وَيَشْرَبُ مِنْ مَاءٍ فِيهَا طَيِّبٍ. فَلَمَّا نَزَلَتْ: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} قَامَ أَبُو طَلْحَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ فِي كِتَابِهِ: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} وَإِنَّ أَحَبَّ أَمْوَالِي إِلَىَّ بِيْرُ حَاءَ، وَإِنَّهَا صَدَقَةٌ لِلَّهِ أَرْجُو بِرَّهَا وَذُخْرَهَا عِنْدَ اللَّهِ، فَضَعْهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ حَيْثُ شِئْتَ. فَقَالَ: بَخٍ، ذَلِكَ مَالٌ رَائِحٌ، ذَلِكَ مَالٌ رَائِحٌ. . قَدْ سَمِعْتُ مَا قُلْتَ فِيهَا، وَأَرَى أَنْ تَجْعَلَهَا فِي الأَقْرَبِينَ. قَالَ: أَفْعَلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَقَسَمَهَا أَبُو طَلْحَةَ فِي أَقَارِبِهِ وَبَنِي عَمِّهِ".
تَابَعَهُ إِسْمَاعِيلُ عَنْ مَالِكٍ. وَقَالَ رَوْحٌ عَنْ مَالِكٍ "رَابِحٌ".
وبه قال: (حدّثني) بالإفراد (يحيى بن