(النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إلا بسويق) وهو ما يجرش من الشعير والحنطة وغيرهما للزاد (فلكنا) بضم اللام وسكون الكاف أي مضغنا السويق وأدرناه في الفم (فأكلنا وشربنا) من الماء أي من رائق السويق (ثم قام النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) إلى صلاة المغرب (فمضمض) قبل الدخول في الصلاة (ومضمضنا) كذلك (وصلينا) نحن والنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ولم نتوضأ.
وموضع الترجمة في قوله: فدعا النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بالأطعمة ومن قوله إلا بالسويق وتقدم الحديث في باب من مضمض من السويق من كتاب الطهارة.
٢٩٨٢ - حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مَرْحُومٍ حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ عَنْ سَلَمَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: "خَفَّتْ أَزْوَادُ النَّاسِ وَأَمْلَقُوا، فَأَتَوُا النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي نَحْرِ إِبِلِهِمْ، فَأَذِنَ لَهُمْ، فَلَقِيَهُمْ عُمَرُ فَأَخْبَرُوهُ، فَقَالَ: مَا بَقَاؤُكُمْ بَعْدَ إِبِلِكُمْ؟ فَدَخَلَ عُمَرُ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ, مَا بَقَاؤُهُمْ بَعْدَ إِبِلِهِمْ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: نَادِ فِي النَّاسِ يَأْتُونَ بِفَضْلِ أَزْوَادِهِمْ، فَدَعَا وَبَرَّكَ
عَلَيْهِم، ثُمَّ دَعَاهُمْ بِأَوْعِيَتِهِمْ فَاحْتَثَى النَّاسُ حَتَّى فَرَغُوا، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَاّ اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ".
وبه قال: (حدّثنا بشر بن مرحوم) بكسر الموحدة وسكون الشين المعجمة ومرحوم بالحاء المهملة جده واسم أبيه عبيس بالعين والسين المهملتين العطار البصري مولى آل معاوية قال: (حدّثنا حاتم بن إسماعيل) بالحاء المهملة وكسر المثناة الفوقية ابن إسماعيل الكوفي (عن يزيد بن أبي عبيد) مولى سلمة بن الأكوع (عن سلمة) بن الأكوع (-رضي الله عنه- قال: خفت) أي قلت (أزواد الناس وأملقوا) أي افتقروا وفنيت أزوادهم كذا قرره الزركشي وابن حجر والبرماوي والعيني بورده في المصابيح بأن قبله خفت أزواد الناس ثم الواقع أنها لم تفن بالكلية بدليل أنهم جمعوا أفضل أزوادهم فبرك عليه الصلاة والسلام عليها (فأتوا النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) فاستأذنوه (في نحر إبلهم فأذن لهم) عليه الصلاة والسلام في نحرها (فلقيهم عمر) بن الخطاب -رضي الله عنه- (فأخبروه) بذلك (فقال: ما بقاؤكم بعد) نحر (إبلكم فدخل عمر) -رضي الله عنه- (على النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال: يا رسول الله ما بقاؤهم بعد) نحر (إبلهم)؟ أي بقاؤهم يسير لغلبة الهلاك على الرجال، وقول ابن حجر والدماميني تبعًا للزركشي وهذا أخذه عمر -رضي الله عنه- من نهي النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عن أكل لحوم الحمر الأهلية يوم خيبر استبقاء لظهورها ليحمل عليها المسلمين ويحمل أزوادهم، تعقبه صاحب اللامع بأن الراجح تحريم الحمر لعينها (قال): ولأبي ذر فقال (رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-):
(ناد في الناس يأتون بفضل أزوادهم) قال ابن حجر: أي هم يأتون ولذلك رفعه وتعقبه العيني فقال: كونه حالاً أوجه على ما لا يخفى (فدعا) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (وبرك) بتشديد الراء أي دعا بالبركة (عليه) أي على الطعام ولأبي ذر عن المستملي عليهم على الأزواد (ثم دعاهم بأوعيتهم فاحتثى الناس) بالحاء المهملة والمثلثة أي أخذوا بالحثيات لكثرته أي حفنوا يأيديهم من ذلك (حتى فرغوا) من حاجتهم (ثم قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-): (أشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله). إشارة إلى أن ظهور المعجزة يؤيد الرسالة.
ومطابقته للترجمة في قوله: خفت أزواد الناس.
١٢٤ - باب حَمْلِ الزَّادِ عَلَى الرِّقَابِ
(باب حمل الزاد على الرقاب) عند تعذر حمله على الدواب.
٢٩٨٣ - حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ الْفَضْلِ أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ عَنْ هِشَامٍ عَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ عَنْ جَابِرٍ بن عبد الله -رضي الله عنه- قَالَ: "خَرَجْنَا وَنَحْنُ ثَلَاثُمِائَةٍ نَحْمِلُ زَادَنَا عَلَى رِقَابِنَا، فَفَنِيَ زَادُنَا، حَتَّى كَانَ الرَّجُلُ مِنَّا يَأْكُلُ فِي كُلِّ يَوْمٍ تَمْرَةً. قَالَ رَجُلٌ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، وَأَيْنَ كَانَتِ التَّمْرَةُ تَقَعُ مِنَ الرَّجُلِ؟
قَالَ: لَقَدْ وَجَدْنَا فَقْدَهَا حِينَ فَقَدْنَاهَا، حَتَّى أَتَيْنَا الْبَحْرَ، فَإِذَا حُوتٌ قَدْ قَذَفَهُ الْبَحْرُ، فَأَكَلْنَا مِنْهُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ يَوْمًا مَا أَحْبَبْنَا".
وبه قال: (حدّثنا صدقة بن الفضل) المروزي قال: (أخبرنا عبدة) بسكون الموحدة بعد العين المفتوحة ابن سليمان (عن هشام) هو ابن عروة (عن وهب بن كيسان عن جابر -رضي الله عنه-) ولأبي ذر عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- (قال: خرجنا) أي في رجب سنة ثمان من الهجرة في بعث قبل الساحل وكان أميره أبا عبيدة بن الجراح (ونحن ثلاثمائة نحمل زادنا على رقابنا ففني زادنا) هذا موضع الترجمة، والظاهر أنه كان لهم زاد بطريق العموم وزاد بطريق الخصوص فلما فني الذي بطريق العموم اقتضى رأي أبي عبيدة أن يجمع الذي بطريق الخصوص للمواساة بينهم في ذلك وجوّز العيني أن يكون معنى فني أشرف على الفناء (حتى كان الرجل منا يأكل تمرة) وللكشميهني في كل يوم تمرة (قال رجل): هو أبو الزبير كما في مسلم وسيأتي إن شاء الله تعالى في المغازي ما يدل على أنه وهب بن كيسان (يا أبا عبد الله) هي كنية جابر (وأين كانت التمرة تقع) أي من جهة الغذاء أو القوت (من الرجل؟ قال: لقد وجدنا فقدها) أي حزنًا على فقدها أو وجدناه مؤثرًا (حين فقدناها) بفتح القاف، وفي رواية أبي الزبير فقلت: كيف كنتم تصنعون بها؟ فقال: كنا نمصها كما يمص