قال جرير: (فانطلقت) أي قبل وفاته ﵊ بشهرين (في خمسين ومائة من) رجال (أحمس) بفتح الهمزة وسكون الحاء المهملة وبعد الميم المفتوحة سين مهملة قبيلة جرير (-وكانوا أصحاب خيل- فأخبرت النبي ﷺ إني لا أثبت على الخيل فضرب) ﵊ (في صدري) بيده الشريفة لأن فيه القلب (حتى رأيت أثر أصابعه في صدري فقال): (اللهم ثبّته)، فلم يسقط بعد ذلك عن فرس (واجعله هاديًا) إشارة إلى قوة التكميل وإلى قوة الكمال بقوله (مهديًّا) بفتح الميم وهو من باب التقديم والتأخير لأنه لا يكون هاديًا لغيره إلا لغيره إلا بعد أن يهتدي هو فيكون مهديًّا (فانطلق) جرير (إليها) أي إلى ذي الخلصة (فكسرها وحرقها) بتشديد الراء (فأرسل إلى النبي ﷺ) حصين بن ربيعة ويكنى أبا أرطأة الأحمسي (يبشره) من الأحوال المقدّرة وهذا موضع الترجمة (فقال رسول جرير): حصين (يا رسول الله) ولأبي ذر لرسول الله يا رسول الله (والذي بعثك بالحق ما جئتك حتى تركتها كأنها جمل أجرب) شبّهها حين ذهب سقفها وكسوتها فصارت سوداء من الإحراق بالجمل الذي زال شعره ونقص جلده من الجرب وصار إلى الهزال (فبارك) ﵊ (على خيل أحمس و) على (رجالها) أي دعا بالبركة لها (خمس مرات. قال) ولأبي ذر وقال (مسدد) هو ابن مسرهد في روايته لهذا الحديث عن يحيى القطان بالإسناد المذكور آنفًا بدل قوله في رواية محمد بن المثنى بيتًا فيه خثعم (بيت في خثعم). وصوّب هذه الرواية محققو الحفاظ ويؤيد ذلك ما رواه أحمد في مسنده عن يحيى بلفظ بيتًا لخثعم.
وحديث الباب قد مرّ في باب حرق الدور والنخيل من كتاب الجهاد قريبًا.
١٩٣ - باب مَا يُعْطَى الْبَشِيرُ وَأَعْطَى كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ ثَوْبَيْنِ حِينَ بُشِّرَ بِالتَّوْبَةِ
(باب ما يعطى للبشير وأعطى كعب بن مالك) السلمي المدني أحد الثلاثة الذين تيب عليهم وأحد السبعين الذين شهدوا العقبة (ثوبين حين بشر بالتوبة) أي حين بشره سلمة بن الأكوع كذا في فتح الباري، وتبعه العيني أن المبشر سلمة بن الأكوع وفي المقدمة في المغازي إن الذي بشر كعبًا بتوبته وسعى إليه حمزة بن عمرو الأسلمي، وكذا هو في المصابيح لا ابن الأكوع أي بشره بقبول توبته لأجل تخلّفه عن غزوة تبوك وسيأتي ذلك إن شاء الله تعالى في حديثه الطويل في غزوة تبوك من المغازي بعون الله.
١٩٤ - باب لَا هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ
هذا (باب) بالتنوين (لا هجرة بعد الفتح) أي فتح مكة.
٣٠٧٧ - حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄ قَالَ: "قَالَ النَّبِيُّ ﷺ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ: لَا هِجْرَةَ، وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ. وَإِذَا اسْتُنْفِرْتُمْ فَانْفِرُوا".
وبه قال: (حدّثنا آدم بن أبي إياس) بكسر الهمزة وتخفيف التحتية قال: (حدّثنا شيبان) بن عبد الرحمن النحوي (عن منصور) هو ابن المعتمر (عن مجاهد) هو ابن جبر (عن طاوس) اليماني (عن ابن عباس ﵄) أنه (قال: قال النبي ﷺ يوم فتح مكة):
(لا هجرة)، من مكة (ولكن جهاد ونية). أي الهجرة بسبب الجهاد في سبيل الله والهجرة بسبب النية الخالصة لله ﷿ كطلب العلم والفرار من الفتن باقيان مدى الدهر (وإذا استنفرتم) بضم الفوقية وكسر الفاء (فانفروا): بكسر الفاء الثانية أي إذا طلب منكم الخروج إلى الغزو فاخرجوا.
وهذا الحديث قد مرّ في أول كتاب الجهاد.
٣٠٧٨ و ٣٠٧٩ - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ عَنْ خَالِدٍ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ عَنْ مُجَاشِعِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: "جَاءَ مُجَاشِعٌ بِأَخِيهِ مُجَالِدِ بْنِ مَسْعُودٍ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فَقَالَ: هَذَا مُجَالِدٌ يُبَايِعُكَ عَلَى الْهِجْرَةِ. فَقَالَ: لَا هِجْرَةَ بَعْدَ فَتْحِ مَكَّةَ، وَلَكِنْ أُبَايِعُهُ عَلَى الإِسْلَامِ".
وبه قال: (حدّثنا إبراهيم بن موسى) بن يزيد الفراء الرازي المعروف بالصغير قال: (أخبرنا يزيد بن زريع) بضم الزاي مصغرًا (عن خالد) الحذاء (عن أبي عثمان) عبد الرحمن) بن مل (النهدي) بفتح النون (عن مجاشع بن مسعود) بضم الميم بعد الجيم ألف فشين معجمة مكسورة فعين مهملة السلمي أنه (قال: جاء مجاشع باخيه مجالد بن مسعود) بميم مضمومة فجيم مخففة آخره دال مهملة (إلى النبي ﷺ) بعد الفتح (فقال: هذا مجالد يبايعك على الهجرة فقال) ﵊:
(لا هجرة بعد فتح مكة، ولكن أبايعه على الإسلام). زاد في باب البيعة في الحرب أن لا يفروا من طريق عاصم عن أبي عثمان والجهاد أي إذا احتيج إليه.
٣٠٨٠ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ عَمْرٌو وَابْنُ جُرَيْجٍ: سَمِعْتُ عَطَاءً يَقُولُ: ذَهَبْتُ مَعَ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ إِلَى عَائِشَةَ ﵂ وَهْيَ مُجَاوِرَةٌ بِثَبِيرٍ، فَقَالَتْ لَنَا: انْقَطَعَتِ الْهِجْرَةُ مُنْذُ فَتَحَ اللَّهُ عَلَى نَبِيِّهِ ﷺ مَكَّةَ".
[الحديث ٣٠٨٠ - طرفاه في: ٣٩٠٠، ٤٣١٢].
وبه قال: (حدّثنا علي بن عبد الله) المديني قال: (حدّثنا سفيان) بن عيينة (قال عمرو) هو ابن دينار (وابن جريج) عبد الملك