للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مدينة صغيرة ذات نخل ومياه بينها وبين الكوفة مرحلتان أو خمسة عشر فرسخًا (فمروا عليهما) أي: على سهل وقيس، وللحموي والمستملي: عليهم، أي: عليهما ومن كان حينئذٍ معهما، (بجنازة فقاما) أي: سهل وقيس (فقيل لهما إنها) أي الجنازة (من أهل الأرض -أي: من أهل الذمة-) تفسير لأهل الأرض، أي: من أهل الجزية المقرين بأرضهم، لأن المسلمين لما فتحوا البلاد أقروهم على عمل الأرض وحمل الخراج (فقالا: إن النبي، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، مرت به جنازة، فقام. فقيل له: إنها جنازة يهودي، فقال):

(أليست نفسًا) ماتت؟ فالقيام لها لأجل صعوبة الموت، وتذكرة لا لذات الميت.

١٣١٣ - وَقَالَ أَبُو حَمْزَةَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ عَمْرٍو عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى قَالَ: "كُنْتُ مَعَ قَيْسٍ وَسَهْلٍ -رضي الله عنهما- فَقَالَا: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-".

وَقَالَ زَكَرِيَّاءُ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى "كَانَ أَبُو مَسْعُودٍ وَقَيْسٌ يَقُومَانِ لِلْجِنَازَةِ".

(وقال أبو حمزة) بالحاء المهملة والزاي، محمد بن ميمونة السكري، مما وصله أبو نعيم في مستخرجه (عن الأعمش) سليمان بن مهران (عن عمرو) بفتح العين، ابن مرة المذكور (عن ابن أبي ليلى) عبد الرحمن المذكور (قال):

(كنت مع قيس) هو: ابن سعد (وسهل) هو: ابن حنيف، ولأبي ذر، مع سهل وقيس (رضي الله عنهما، فقالا: كنا مع النبي، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-،) ومراد المؤلّف بهذا التعليق بيان سماع عبد الرحمن بن أبي ليلى لهذا الحديث من قيس وسهل.

(وقال زكرياء) بن أبي زائدة: مما وصله سعيد بن منصور، عن سفيان بن عيينة، عن زكريا (عن الشعبي) عامر بن شراحيل الأنصاري (عن ابن أبي ليلى) عبد الرحمن.

(كان أبو مسعود) عقبة بن عمرو الأنصاري (وقيس) هو: ابن سعد المذكور (يقومان للجنازة) قال الحافظ ابن حجر: ويجمع بين ما وقع فيه من الاختلاف بأن عبد الرحمن بن أبي ليلى ذكر قيسًا وسهلاً مفردين، لكونهما رفعا له الحديث، وذكره مرة أخرى عن قيس وأبي مسعود، لكون أبي مسعود لم يرفعه. والله أعلم.

٥١ - باب حَمْلِ الرِّجَالِ الْجِنَازَةَ دُونَ النِّسَاءِ

(باب حمل الرجال الجنازة دون) حمل (النساء) إياها لضعفهن عن مشاهدة الموتى غالبًا، فكيف بالحمل مع ما يتوقع من صراخهن عند حمله، ووضعه، وغير ذلك من وجوه المفاسد.

١٣١٤ - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ -رضي الله عنه- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «إِذَا وُضِعَتِ الْجِنَازَةُ وَاحْتَمَلَهَا الرِّجَالُ عَلَى أَعْنَاقِهِمْ فَإِنْ كَانَتْ صَالِحَةً قَالَتْ: قَدِّمُونِي. وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ صَالِحَةٍ قَالَتْ يَا وَيْلَهَا، أَيْنَ يَذْهَبُونَ بِهَا؟ يَسْمَعُ صَوْتَهَا كُلُّ شَىْءٍ إِلَاّ الإِنْسَانَ، وَلَوْ سَمِعَهُ صَعِقَ». [الحديث ١٣١٤ - طرفاه في: ١٣١٦، ١٣٨٠].

وبالسند قال: (حدّثنا عبد العزيز بن عبد الله) بن يحيى القرشي العامري المدني الأعرج، قال (حدّثنا الليث) بن سعد (عن سعيد المقبري عن أبيه) كيسان (أنه سمع أبا سعيد) سعد بن مالك الأنصاري (الخدري، رضي الله عنه، أن رسول الله، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال):

(إذا وضعت الجنازة) أي: الميت على النعش (واحتملها الرجال على أعناقهم) هذا موضع الترجمة لكنه استشكل لكونه إخبارًا، فكيف يكون حجة في منع النساء.

وأجيب: بأن كلام الشارع مهما أمكن يحمل على التشريع لا مجرد الإخبار عن الواقع.

وفي حديث أنس، عند أبي يعلى، قال: خرجنا مع رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في جنازة، فرأى نسوة فقال: أتحملنه؟ قلن: لا، قال: أتدفنه؟ قلن: لا، قال: فارجعهن مأزورات غير مأجورات. ولعل المؤلّف أشار إليه بالترجمة ولم يخرجه لكونه على غير شرطه وحينئذٍ، فالحمل خاص بالرجال. وإن كان الميت امرأة لضعف النساء غالبًا، وقد ينكشف منهن شيء لو حملن، كما مر. فيكره لهن الحمل لذلك، فإن لم يوجد غيرهن تعين عليهن.

(فإن كانت) أي: الجنازة (صالحة قالت) قولاً حقيقيًّا: (قدّموني) لثواب العمل الصالح الذي عملته، وللكشميهني: قدّموني، مرة ثانية (وإن كانت غير صالحة قالت: يا ويلها) أي: يا حزني

أحضر هذا أوانك، وكان القياس أن يكون: يا ويلي، لكنه أضيف إلى الغائب حملاً على المعنى، كأنه لما أبصر نفسه غير صالحة نفر عنها وجعلها كأنها غيره، أو كره أن يضيف الويل إلى نفسه، قاله في شرح المشكاة. (أين تذهبون بها) قالته لأنها تعلم لم تقدّم خيرًا، أو أنها تقدم على ما يسوءها، فتكره القدوم عليه (يسمع صوتها) المنكر بذلك الويل (كل شيء إلا الإنسان، ولو سمعه صعق) أي: مات. وللحموي والمستملي: لصعق.

قال ابن بطال: وإنما يتكلم روح الجنازة لأن الجسد لا يتكلم بعد خروج الروح منه، إلا أن يردّها الله إليه، وهذا بناء منه على أن الكلام شرطه الحياة، وليس كذلك، إذا كان الكلام الحروف والأصوات، فيجوز أن يخلق في الميت، ويكون الكلام النفسي قائمًا بالروح، وإنما تسمع الأصوات

<<  <  ج: ص:  >  >>