والإسلام نصب على المفعولية، ولأبي ذر عن الحموي والمستملي: من يدعي بالإسلام بضم الياء وسكون الدال وفتح العين وبالإسلام جار ومجرور.
(هذا من أهل النار) علم بالوحي أنه غير مؤمن أو أنه سيرتد ويستحل قتل نفسه وقد قيل إن اسمه قزمان الظفري وهو معدود في جملة المنافقين وعورض بأن قصة قزمان كانت في وقعة أُحُد كما سبق في حديث سهل بن سعد والأول مبني على أن القصة التي في حديث سهل متحدة مع قصة حديث أبي هريرة هذا وفيه نظر لما وقع بينهما من الاختلاف على ما لا يخفى، لكن صنيع البخاري حيث ساق الحديثين في غزوة خيبر يُشعِر باتحادهما عنده. وأما قول أبي هريرة شهدنا مع رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خيبر فمحمول على المجاز فالمراد جنسه من المسلمين لأن الثابت أنه إنما جاء بعد أن فتحت خيبر، ووقع عند الواقدي أنه قدم بعد فتح معظم خيبر فحضر فتح آخرها وفي الجهاد من طريق عنبسة بن سعيد عن أبي هريرة قال: أتيت رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهو بخيبر بعدما افتتحها فقلت يا رسول الله أسهم لي؟ (فلما حضر القتال) بالرفع فاعل حضر ويجوز النصب على المفعولية على التوسع وفي حضر ضمير يرجع إلى الرجل وهو فاعله (قاتل الرجل قتالاً شديدًا فأصابته جراحة) وفي رواية شعيب عن الزهري في غزوة خيبر قاتل الرجل أشد القتال حتى كثرت به الجراحة (فقيل) القائل هو أكتم بن أبي الجون إن قلنا باتحاد القصتين (يا رسول الله الذي قلت إنه) وللأربعة الذي قلت أي الذي قلت فيه إنه (من أهل النار) فاللام بمعنى في (فإنه قد قاتل اليوم قتالاً شديدًا وقد مات، فقال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-): (إلى النار)(قال) أبو هريرة أو غيره (فكاد) بالدال أي قارب (بعض الناس أن يرتاب) أي يشك في صدق الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وفيه جواز دخول أن على خبر كاد وهو جائز مع قلته، وسقطت في رواية شعيب، ولأبي ذر عن الكشميهني: فكأن بهمزة ونون مشددة بعض الناس أراد أن يرتاب (فبينما) بالميم (هم على ذلك إذ قيل إنه لم يمت ولكن) بتشديد النون (به جراحًا شديدًا فلما كان من الليل لم يصبر على الجراح فقتل نفسه) وفي رواية شعيب فوجد الرجل ألم الجراحة فأهوى بيده إلى كنانته فاستخرج منها أسهمًا فنحر بها نفسه (فأخبر النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بذلك) بضم الهمزة مبنيًّا للمفعول (فقال): (الله أكبر أشهد أني عبد الله ورسوله). (ثم أمر بلالاً) المؤذن (فنادى بالناس): ولأبي ذر:
في الناس (أنه لا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة)، فيه إشعار بسلب الإيمان عن الرجل المذكور (وإن الله) بكسر الهمزة وفتحها (ليؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر). يحتمل أن تكون اللام للعهد والمراد قزمان المذكور وأن تكون للجنس، وهذا لا يعارضه قوله عليه الصلاة والسلام المروي في مسلم "إنّا لا نستعين بمشرك" للأنه خاص بذلك الوقت، وحجة النسخ شهود صفوان بن أمية حنينًا معه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهو مشرك وقصته مشهورة في المغازي. قال ابن المير: موضع الترجمة من الفقه أن لا يتخيل في الإمام أو السلطان الفاجر إذا حمى حوزة الإسلام أنه مطرح النفع في الدين لفجوره فيجوز الخروج عليه وأن يخلع لأن الله قد يؤيد به دينه وفجوره على نفسه فيجب الصبر عليه والسمع والطاعة له في غير المعصية ومن هذا استجاز العلماء الدعاء للسلاطين بالتأييد والنصر وغير ذلك من الخير.
وهذا الحديث قد مرّ نحوه في باب لا يقول فلان شهيد من حديث سهل بن سعد الساعدي، ويأتيان إن شاء الله تعالى في غزوة خيبر من كتاب المغازي بعون الله وقوته.
وبه قال:(حدّثنا يعقوب بن إبراهيم) الدورقي قال: (حدّثنا ابن علية) بضم العين وفتح اللام وتشديد التحتية إسماعيل بن إبراهيم البصري وعليه أمه (عن أيوب) السختياني (عن حميد بن هلال) العدوي أبي نصر البصري (عن أنس بن مالك