والشافعي وأحمد وسائر أصحاب الحديث.
وأجاب الشيخ كمال الدين عن حديثي الباب بما أخرجه ابن أبي شيبة قال: حدّثنا أبو معاوية عن الأعمش عن حبيب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس وابن عمر قالا: إذا آلى فلم يفيء حتى مضت أربعة أشهر فهي تطليقة بائنة قال: ورجال هذا السند كلهم أخرج لهم الشيخان فهم رجال الصحيح فينتهض معارضًا ولم يبق إلا قول من قال بأن أصح الحديث ما في الصحيحين ثم ما كان على شرطهما إلى آخر ما عرف. قال: وهذا تحكم محض لأنه إذا كان الفرض أن المروي
على نفس الشرط المعتبر عندهما فلم يفته إلا كونه لم يكتب في خصوص أوراق معينة ولا أثر لذلك وقول البخاري أصح الأسانيد مالك عن نافع عن ابن عمر لم يوافق عليه فقد قال غيره غيره، وقال المحققون: إن ذلك يتعذر الحكم به وإنما يمكن بالنسبة إلى صحاب وبلد فيقال أصحها عن ابن عمر: مالك عن نافع عنه، وعن أبي هريرة: الزهري عن سعيد بن المسيب عنه، وأصح أسانيد الشاميين الأوزاعي عن حسان بن عطية عن الصحابة ونحو ذلك وأحسن من هذا الوقوف عن اقتحام هذه فإن في خصوص الموارد ما قد يلزم الوقوف عن ذلك. نعم قد يكون الراوي المعين أكثر ملازمة لمعين من غيره فيصير أدرى بحديثه وأحفظ له منه على معنى أنه أكثر إحاطة بأفراد متونه وأعلم بعادته في تحديثه وعند تدليسه إن كان وبقصده عند إبهامه وإرساله ممن لم يلازمه تلك الملازمة أما في فرد معين فرض أن غيره ممن هو مثله في ملكة النفس والضبط أو أرفع سمعه منه فأتقنه وحافظ عليه كما حافظ على سائر محفوظاته، ويكون ذلك مقدمًا عليه في روايته بمعارضة فما هو إلا محض تحكم فإن بعد هذا الفرض لم تبق زيادة الآخر إلا بالملازمة وأثرها الذي يزيد به على الآخر إنما هو بالنسبة إلى مجموع متونه لا بالنسبة إلى خصوص متن انتهى.
وقد سبق ما احتجّ به الإمام الشافعي من ظاهر الآية مع قول أكثر الصحابة والترجيح يقع بالأكثر مع موافقة ظاهر القرآن وقد نقل ابن المنذر عن بعض الأئمة قال: لم نجد في شيء من الأدلة أن العزيمة على الطلاق تكون طلاقًا ولو جاز لكان العزم على الفيء يكون فيئًا ولا قائل به، وليس في شيء من اللغة أن اليمين التي لا ينوى بها الطلاق تقتضي طلاقًا والعطف بالفاء على الأربعة الأشهر يدل على أن التخيير بعد مضي المدة وحينئذٍ فلا يتجه وقوع الطلاق بمجرد مضي المدة والجواب السابق عن ذلك وإن كان بديعًا لكنه لا يخلو عن شيء من التعسف، ولئن سلمنا انتهاض حديث ابن أبي شيبة السابق لحديثي الباب فيبقى النظر في هل يستدل بذلك والآية أظهر في الدلالة لنا على ما لا يخفى.
٢٢ - باب حُكْمِ الْمَفْقُودِ فِي أَهْلِهِ وَمَالِهِ
وَقَالَ ابْنُ الْمُسَيَّبِ إِذَا فُقِدَ فِي الصَّفِّ عِنْدَ الْقِتَالِ تَرَبَّصُ امْرَأَتُهُ سَنَةً. وَاشْتَرَى ابْنُ مَسْعُودٍ جَارِيَةً وَالْتَمَسَ صَاحِبَهَا سَنَةً فَلَمْ يَجِدْهُ وَفُقِدَ، فَأَخَذَ يُعْطِي الدِّرْهَمَ وَالدِّرْهَمَيْنِ وَقَالَ: اللَّهُمَّ عَنْ فُلَانٍ فإن أبى فلان فَلي وَعَلَيَّ، وَقَالَ: هَكَذَا فَافْعَلُوا بِاللُّقَطَةِ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ نَحْوَهُ. وَقَالَ الزُّهْرِيُّ فِي الأَسِيرِ يُعْلَمُ مَكَانُهُ: لَا تَتَزَوَّجُ امْرَأَتُهُ وَلَا يُقْسَمُ مَالُهُ، فَإِذَا انْقَطَعَ خَبَرُهُ فَسُنَّتُهُ سُنَّةُ الْمَفْقُودِ.
(باب حكم المفقود في أهله وماله. وقال ابن المسيب): سعيد مما وصله عبد الرزاق (إذا فقد) الرجل (في الصف عند القتال) في سبيل الله (تربص) بفتح الفوقية وضم الصاد المهملة أصله
تتربص فحذفت إحدى التاءين يعني تنتظر (امرأته سنة) إلى هذا ذهب مالك لكنه فرق بين ما إذا وقع القتال بدار الحرب أو دار الإسلام.
(واشترى ابن مسعود) عبد الله فيما وصله سفيان بن عيينة في جامعه وسعيد بن منصور (جارية) بسبعمائة درهم (والتمس) بالواو أي طلب ولأبي ذر وابن عساكر فالتمس (صاحبها سنة) ليدفع له ثمنها إذ غاب عنه (فلم يجده) وللكشميهني فلم يوجد (وفقد) بضم الفاء وكسر القاف فخرج بها إلى المساكن (فأخذ يعطي) هم من ثمنها (الدرهم والدرهمين وقال: اللهم) تقبله (عن فلان) صاحبها (فإن أبى) بالموحدة امتنع كذا للكشميهني ولغيره فإن أتى بالفوقية بدل الموحدة أي فإن جاء (فلان فلي) الثواب (وعلي) أن أقضيه ثمنها (وقال) أي ابن مسعود: (هكذا فافعلوا) ولأبي ذر افعلوا إسقاط الفاء (باللقطة) بعد تعريفها.
(وقال ابن عباس) فيما وصله سعيد بن منصور (نحوه) أي نحو قول ابن مسعود وهذا المذكور من قوله واشترى إلى آخره ثابت في رواية المستملي والكشميهني.
(وقال الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب مما وصله ابن أبي شيبة (في