غير ما ذكرته هنا فليراجع.
٤٧ - باب قَوْلِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَيْرُ دُورِ الأَنْصَارِ
(باب قول النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: خير دور الأنصار) أي بنو النجار فحذف الخبر.
٦٠٥٣ - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِى الزِّنَادِ، عَنْ أَبِى سَلَمَةَ، عَنْ أَبِى أُسَيْدٍ السَّاعِدِىِّ قَالَ: قَالَ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «خَيْرُ دُورِ الأَنْصَارِ بَنُو النَّجَّارِ».
وبه قال: (حدّثنا قبيصة) بن عقبة الكوفي قال: (حدّثنا سفيان) الثوري (عن أبي الزناد) عبد الله بن ذكوان (عن أبي سلمة) بن عبد الرحمن بن عوف (عن أبي أسيد) بضم الهمزة وفتح المهملة مالك بن ربيعة الأنصاري (الساعدي) -رضي الله عنه- أنه قال: (قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-):
(خير دور الأنصار) أي قبائل الأنصار كما قاله ابن قتيبة (بنو النجار) لمسارعتهم إلى الإسلام كما أثنى الله تعالى عليهم بقوله: {والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار} [التوبة: ١٠٠].
ومناسبة إيراد هذه الترجمة هنا ولم يذكر فيها شيء من الغيبة من جهة أن المفضل عليهم يكرهون ذلك فيستثنى ذلك من عموم قوله: ذكرك أخاك بما يكره إذ محل الزجر إذا لم يترتب عليه
حكم شرعي، فإن ترتب فلا يكون غيبة ولو كرهه المحدث عنه قاله في الفتح.
والحديث سبق في باب فضل دور الأنصار.
٤٨ - باب مَا يَجُوزُ مِنِ اغْتِيَابِ أَهْلِ الْفَسَادِ وَالرِّيَبِ
(باب ما يجوز من اغتياب أهل الفساد والريب) بكسر الراء وفتح التحتية بعدها موحدة جمع ريبة وهي التهمة.
٦٠٥٤ - حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ الْفَضْلِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، سَمِعْتُ ابْنَ الْمُنْكَدِرِ سَمِعَ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ أَنَّ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَخْبَرَتْهُ قَالَتِ: اسْتَأْذَنَ رَجُلٌ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: «ائْذَنُوا لَهُ بِئْسَ أَخُو الْعَشِيرَةِ، أَوِ ابْنُ الْعَشِيرَةِ» فَلَمَّا دَخَلَ أَلَانَ لَهُ الْكَلَامَ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ قُلْتَ: الَّذِى قُلْتَ، ثُمَّ أَلَنْتَ لَهُ الْكَلَامَ؟ قَالَ: «أَىْ عَائِشَةُ إِنَّ شَرَّ النَّاسِ مَنْ تَرَكَهُ النَّاسُ، أَوْ وَدَعَهُ النَّاسُ اتِّقَاءَ فُحْشِهِ».
وبه قال: (حدّثنا صدقة بن الفضل) المروزي الحافظ قال: (أخبرنا ابن عيينة) سفيان قال: (سمعت ابن المنكدر) محمد أو قال: إنه (سمع عروة بن الزبير) بن العوّام (أن عائشة -رضي الله عنها- أخبرته قالت: استأذن رجل) اسمه عيينة بن حصن الفزاري أو هو مخرمة بن نوفل (على رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) في الدخول عليه (فقال):
(ائذنوا له بئس أخو العشيرة أو ابن العشيرة) وفي رواية معمر: بئس أخو القوم وابن القوم (فلما دخل ألان له) لما جبل عليه صلوات الله وسلامه عليه (الكلام) استئلافًا وليقتدى به في المداراة، قالت عائشة: (قلت: يا رسول الله قلت الذي قلت) في الرجل من أنه بئس أخو العشيرة (ثم ألنت له الكلام. قال) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (أي عائشة إن شر الناس من تركه الناس أو) قال: (ودعه الناس اتقاء فحشه) بفتح الواو والدال المهملة المخففة بمعنى تركه فاللفظان مترادفان فإن قال الجوهري: وقولهم دع ذا أي اتركه وأصله ودع يدع وقد أميت ماضيه لا يقال ودعه على أصله. قال في المصابيح: والحديث يردّ عليه وقد قرئ خارج السبع ودعك بالتخفيف. وقوله: إن شر الناس استئناف كلام كالتعليل لتركه مواجهة عيينة بما ذكره، وقال الزركشي: قد ينازع في تسمية هذا غيبة بل هو نصيحة ليحذر السامع، وإنما لم يواجه المقول فيه بذلك لحسن خُلقه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، ولو واجهه بذلك لكان حسنًا لكن حصل القول بدون مواجهة انتهى. وأجيب: بأن المراد أن صورة الغيبة موجودة فيه وإن لم يتناول الغيبة المذمومة شرعًا.
والحديث مرّ عن قريب في باب لم يكن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فاحشًا.
٤٩ - باب النَّمِيمَةُ مِنَ الْكَبَائِرِ
هذا (باب) بالتنوين (النميمة من) الذنوب (الكبائر) وهي نقل مكروه بقصد الإفساد وضابطها كشف ما يكره من شيء بكل ما يفهم وهي أم الفتن، وقد قيل: إن التمام يفسد في ساعة ما لا يفسده الساحر في شهر وعلى سامعها إن جهل كونها نميمة أو نصحًا أن يتوقف حتمًا فإن تبين أنها نميمة فعليه أن لا يصدقه لفسقه بها ثم ينهاه عنها وينصحه ثم يبغضه في الله ما لم يتب ولا يظن بأخيه الغائب سوءًا ويحرم بحثه عنها وحكاية ما نقل إليه كي لا ينتشر التباغض ولم ينم على النمام فيصير نمامًا. قال النووي: وهذا إذا لم يكن في النقل مصلحة شرعية وإلاّ فهو مستحب أو واجب كمن اطّلع من شخص أنه يريد أن يؤذي شخصًا ظلمًا فحذره منه.
٦٠٥٥ - حَدَّثَنَا ابْنُ سَلَامٍ، أَخْبَرَنَا عَبِيدَةُ بْنُ حُمَيْدٍ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: خَرَجَ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ بَعْضِ حِيطَانِ الْمَدِينَةِ فَسَمِعَ صَوْتَ إِنْسَانَيْنِ يُعَذَّبَانِ فِى قُبُورِهِمَا فَقَالَ: «يُعَذَّبَانِ وَمَا يُعَذَّبَانِ فِى كَبِيرَةٍ، وَإِنَّهُ لَكَبِيرٌ كَانَ أَحَدُهُمَا لَا يَسْتَتِرُ مِنَ الْبَوْلِ، وَكَانَ الآخَرُ يَمْشِى بِالنَّمِيمَةِ» ثُمَّ دَعَا بِجَرِيدَةٍ فَكَسَرَهَا بِكِسْرَتَيْنِ أَوْ ثِنْتَيْنِ فَجَعَلَ كِسْرَةً فِى قَبْرِ هَذَا وَكِسْرَةً فِى قَبْرِ هَذَا فَقَالَ: «لَعَلَّهُ يُخَفَّفُ عَنْهُمَا مَا لَمْ يَيْبَسَا».
وبه قال: (حدّثنا) ولأبي ذر: حدثني بالإفراد (ابن سلام) محمد قال: (أخبرنا عبيدة بن حميد) بفتح العين وكسر الموحدة وحميد بالتصغير ابن صهيب (أبو عبد الرحمن) الكوفي (عن منصور) هو ابن المعتمر (عن مجاهد) هو ابن جبر (عن ابن عباس) -رضي الله عنهما- أنه (قال: خرج النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من بعض حيطان المدينة) أي بساتينها (فسمع صوت إنسانين يعذّبان في قبورهما) على حدّ قوله تعالى: {فقد صغت قلوبكما} [التحريم: ٤] (فقال) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:
(يعذّبان وما يعذّبان في كبيرة) بالتأنيث