للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ولست بحلال التلاع مخافة … ولكن متى يسترفد القوم أرفد

لا يريد أنه قد يحل التلاع قليلاً لأن ذلك يدفعه آخر البيت الذي يدل على نفي الحل على كل حال أو هي للنسب أي ليس بذي فحش البتة وكذا باقيها كقول امرئ القيس:

وليس بذي رمح فيطعنني به … وليس بذي سيف وليس بنبال

أي بذي نبل فينتفي أصل الفحش كما يدل عليه رواية ولا فاحشًا (كان يقول لأحدنا عند المعتبة) بفتح الميم وسكون العين المهملة وفتح المثناة الفوقية وكسرها بعدها موحدة مصدر عتب عليه يعتب عتبًا ومعتبة ومعاتبة قال الخليل: العتاب مخاطبة الإدلال ومذاكرة الموجدة.

(ما له) استفهام (ترب جبينه) كلمة جرت على لسان العرب لا يريدون حقيقتها أو دعاء له بالطاعة أي يصلّي فيتترب جبينه أو عليه بأن يسقط على رأسة على الأرض من جهة جبينه وهذه الأخيرة أوجه.

٦٠٣٢ - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَوَاءٍ، حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ الْقَاسِمِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَجُلاً اسْتَأْذَنَ عَلَى النَّبِيِّ فَلَمَّا رَآهُ قَالَ: بِئْسَ أَخُو الْعَشِيرَةِ، وَبِئْسَ ابْنُ الْعَشِيرَةِ فَلَمَّا جَلَسَ تَطَلَّقَ النَّبِىُّ فِى وَجْهِهِ وَانْبَسَطَ إِلَيْهِ فَلَمَّا انْطَلَقَ الرَّجُلُ قَالَتْ لَهُ عَائِشَةُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ حِينَ رَأَيْتَ الرَّجُلَ قُلْتَ لَهُ كَذَا وَكَذَا ثُمَّ تَطَلَّقْتَ فِى وَجْهِهِ وَانْبَسَطْتَ إِلَيْهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ : «يَا عَائِشَةُ مَتَى عَهِدْتِنِى فَحَّاشًا؟ إِنَّ شَرَّ النَّاسِ عِنْدَ اللَّهِ مَنْزِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْ تَرَكَهُ النَّاسُ اتِّقَاءَ شَرِّهِ»

[الحديث ٦٠٣٢ - طرفاه في: ٦٠٥٤، ٦١٣١].

وبه قال: (حدّثنا عمرو بن عيسى) بفتح العين وسكون الميم أبو عثمان الضبعيّ البصري ثقة مستقيم الحديث وليس له في البخاري إلا هذا وآخر في الصلاة قال: (حدّثنا محمد بن سواء) بفتح المهملة وتخفيف الواو مهموز ممدود أبو الخطاب السدوسي المكفوف البصري ثقة له في البخاري هذا الحديث وآخر في المناقب قال: (حدّثنا روح بن القاسم) بفتح الراء وسكون الواو أبو غياث التميمي (عن محمد بن المنكدر) بن عبد الله التيمي المدني الحافظ (عن عروة) بن الزبير (عن عائشة) (أن رجلاً) قال عبد الغني بن سعيد في المبهمات هو مخرمة بن نوفل والد المسوّر، وقيل عيينة بن حصن الفزاري وكان يقال له الأحمق المطاع، وفي حواشي نسخة الدمياطي من البخاري بخطه الجزم بأنه مخرمة (استأذن على النبي فلما رآه قال):

(بئس أخو العشيرة) الجماعة أو القبيلة (وبئس ابن العشيرة) وكان يظهر الإسلام ويخفي الكفر فأراد أن يبين حاله وهذا من أعلام النبوّة لأنه ارتدّ بعده وجيء به أسيرًا إلى أبي بكر (فلما جلس تطلق) بفتح الفوقية والطاء المهملة واللام المشددة بعدها قاف أي انشرح وهشّ (النبي في وجهه وانبسط إليه) لما جبل عليه من حسن الخُلق ورجا بذلك تأليفه ليسلم قومه لأنه كان رئيسهم ولم يواجهه بذلك لتقتدي أمته به في اتقاء شر من هو بهذه الصفة ليسلم من شره (فلما انطلق الرجل قالت له عائشة: يا رسول الله حين رأيت الرجل قلت له كذا وكذا) تعني قوله بئس أخو العشيرة إلى آخره (ثم تطلقت في وجهه وانبسطت إليه فقال رسول الله : يا عائشة متى عهدتني فحاشًا) بالتشديد ولأبي ذر عن الكشميهني فاحشًا بالتخفيف بدل التشديد (إن شر الناس عند الله منزلة يوم القيامة من تركه الناس اتقاء شره) أي قبيح كلامه لأن المذكور كان من جفاة الأعراب، وفيه أن من اطّلع من حال شخص على شيء وخشي أن غيره يغتر بجميل ظاهره فيقع في محذور ما فعليه أن يطلعه على ما يحذر من ذلك قاصدًا نصيحته.

وقد استشكل فعله مع الرجل بعد ذلك القول. وأجيب: بأنه لم يمدحه ولا أثنى عليه في وجهه فلا مخالفة بينهما، وقد قال الخطابي : ليس قوله في أمته بالأمور التي يضيفها إليهم من المكروه غيبة، وإنما يكون ذلك من بعضهم في بعض اهـ.

وهذا ينبغي تقييده بما إذا لم يكن لغرض شرعي وإلاّ فلا يكون غيبة بل ينبغي ذكره على ما سبق. والحديث أخرجه البخاري أيضًا ومسلم وأبو داود في الأدب والترمذي في البرّ.

٣٩ - باب حُسْنِ الْخُلُقِ وَالسَّخَاءِ وَمَا يُكْرَهُ مِنَ الْبُخْلِ

وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كَانَ النَّبِىُّ أَجْوَدَ النَّاسِ، وَأَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِى رَمَضَانَ وَقَالَ أَبُو ذَرٍّ لَمَّا بَلَغَهُ مَبْعَثُ النَّبِيِّ قَالَ لأَخِيهِ: ارْكَبْ إِلَى هَذَا الْوَادِى فَاسْمَعْ مِنْ قَوْلِهِ، فَرَجَعَ فَقَالَ: رَأَيْتُهُ يَأْمُرُ بِمَكَارِمِ الأَخْلَاقِ.

(باب حسن الخلق) بضم الخاء المعجمة واللام وتسكن مع فتح المعجمة وهما بمعنى في الأصل لكن خصّ الذي بالفتح بالهيئات والصور المدركة بالبصر وخصّ الذي بالضم بالقوى والسجايا المدركة بالبصيرة. (والسخاء) وهو إعطاء ما ينبغي لمن ينبغي وبذل ما يقتنى بغير عوض وعطفه على

<<  <  ج: ص:  >  >>