وقال مقاتل مع المصلين في الجماعة أي نراك حين تقوم وحدك للصلاة ونراك إذا صليت مع الجماعة. وقال مجاهد: نرى تقلب بصرك في المصلين فإنه كان يبصر من خلفه كما يبصر من أمامه، وعن ابن عباس تقلبك في أصلاب الأنبياء من نبي إلى نبيّ حتى أخرجتك في هذه الأمة.
(قال ابن عباس: ({لعلكم تخلدون}) في قوله: {وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون} [الشعراء: ١٢٩] أي (كأنكم) تخلدون في الدنيا وليس ذلك بحاصل لكم بل زائل عنكم كما زال عمن قبلكم. قال الواحدي: كل ما وقع في القرآن لعل فإنها للتعليل إلا هذه فإنها للتشبيه ويؤيده ما في حرف أبي كأنكم تخلدون، وعورض ما ذكره من الحصر بقوله: {لعلك باخع نفسك} [الشعراء: ٣] لكن لم يعلم من نص على أن لعل تكون للتعليل. (الريع) في قوله: {أتبنون بكل ريع} [الشعراء: ١٢٨] هو (الأيفاع) بفتح الهمزة وسكون التحتية وبعد الفاء ألف فعين مهملة أي المرتفع (من الأرض) قال ذو الرمة:
طراف الخوافي مشرف فوق ريعة ... بذي ليلة في ريشه يترقرق
(وجمعه) أي الريع (ريعة) بكسر الراء وفتح التحتية والعين المهملة كقردة (وأرياع) هو (واحد الريعة) بكسر الراء وفتح التحتية كالأول، ولأبي ذر والأصيلي واحده وفي نسخة واحدها ريعة بسكون التحتية وضبطه الحافظ ابن حجر بالسكون والأول بالفتح، وتبعه العيني وقال البرماوي كالكرماني وأما الأرياع فمفرده ريعة بالكسر والسكون.
({مصانع}) قال أبو عبيدة (كل بناء فهو مصنعة) وقال سفيان ما يتخذ فيه الماء، وقال مجاهد: قصور مشيدة وقيل هي الحصون.
({فرهين}) بالهاء قال أبو عبيدة أي (مرحين) ولأبي ذر فرحين بالحاء بدل الهاء في الأول وبالهاء أوجه. (فارهين بمعناه) أي بمعنى فرهين من قولهم: فسّره زيد فهو فاره (ويقال فارهين) أي (حاذقين) وفارهين حال من الناحتين.
({تعثوا}) في قوله: ({ولا تعثوا في الأرض مفسدين} [الشعراء: ١٨٣] (هو أشد الفساد) وسقط لفظ هو لغير الأصيلي (وعاث يعيث عيثًا) يريد أن اللفظين بمعنى واحد لا أن تعثوا مشتق من عاث لأن يعثو معتل اللام ناقص وعاث معتل العين أجوف وثبت الواو في وعاث لأبي ذر.
({الجبلة}) في قوله: {والجبلة الأولين} [الشعراء: ١٨٤] هي (الخلق) بفتح الخاء المعجمة وسكون اللام (جبل) بضم الجيم وكسر الموحدة أي (خلق) وزنه ومعناه (ومنه) ومن هذا الباب قوله في سورة يس (جبلًا) بضم الجيم والموحدة (وجبلًا) بكسرهما (وجبلًا) بضم الجيم وسكون الموحدة مع التخفيف في الثلاث لغات (يعني) بها (الخلق قاله ابن عباس) وسقط قوله قاله ابن عباس لغير أبي ذر وبالضمتين قرأ ابن كثير والإخوان وبالضم والسكون أبو عمرو وابن عامر وقرأ نافع وعاصم بكسرهما مع تشديد اللام ولأبي ذر هنا ليكة بلام مفتوحة الأيكة وهي الغيضة وقد سبق تفسيرها بالشجر.
١ - باب: {وَلَا تُخْزِنِى يَوْمَ يُبْعَثُونَ} [الشعراء: ٨٧]
وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ المَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، قَالَ: "إِنَّ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ رَأَى أَبَاهُ يَوْمَ القِيَامَةِ عَلَيْهِ الغَبَرَةَ وَالقَتَرَةُ". الغَبَرَةُ هِيَ القَتَرَةُ
هذا (باب) بالتنوين في قوله جل وعلا: ({ولا تخزين يوم يبعثون}) [الشعراء: ٨٧] أي العباد أو الضالون.
فإن قلت: لما قال أولًا واجعلني من ورثة جنة النعيم كان كافيًا عن قوله: ولا تخزني وأيضًا
فقد قال تعالى: {إن الخزي اليوم والسوء على الكافرين} [النحل: ٢٧] فما كان يصيب الكفار فقط كيف يخافه المعصوم؟ أجيب: بأن حسنات الأبرار سيئات المقربين فكذا درجات خزي المقربين وخزي كل واحد بما يليق به.
(وقال إبراهيم بن طهمان) بفتح الطاء المهملة سكون الهاء الهروي فيما وصله النسائي (عن ابن أبي ذئب) محمد بن عبد الرحمن (عن سعيد بن أبي سعيد) بكسر العين فيهما (المقبري) بفتح الميم وضم الموحدة (عن أبيه) أبي سعيد كيسان (عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أنه (قال):
(إن إبراهيم) الخليل (عليه الصلاة والسلام رأى) بصيغة الماضي ولأبي ذر يرى (أباه) آزر وقيل اسمه تارح فقيل هما علمان له كإسرائيل ويعقوب وقيل العلم تارخ وآزر معناه الشيخ أو المعوج (يوم القيامة) حال كونه (عليه الغبرة والقترة) بفتح المعجمة والموحدة والقاف والفوقية (الغبرة: