أنك أن تخلف وفي كلام الباجي وتفسيره ما يقتضي أن لمن بمعنى أن الشرطية لأنه فسرها بأنك أن ينسأ في أجلك أو أن تخلف بمكة وإنما أراد أن يخرج الكلام على الخبر بالتأويل لأن لن لنفي المستقبل محققًا والمراد هنا احتماله وتوقعه (فتعمل عملاً) صالحًا (تبتغي) تطلب (به وجه الله) عز وجل (إلا ازددت به) بالعمل الصالح ولأبي ذر بها (درجة ورفعة ولعلك تخلف) بأن يطول عمرك (حتى ينتفع بك أقوام) من المسلمين بما يفتحه الله عز وجل على يديك من بلاد الشرك ويأخذه المسلمون من الغنائم (ويضرّ بك آخرون) من المشركين الهالكين على يديك وجنودك وكذا كان فإنه شفي من مرضه ولم يقم بمكة وعاش بعد نيفا وأربعين سنة وولي العراق وفتحها الله عز وجل على يديه فأسلم على يديه خلق كثير فنفعهم الله عز وجل به وقتل وأسر من الكفار كثيرًا فاستضروا به وذلك من جملة أعلام نبوّته -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (اللهم أمض) بهمزة قطع أي تمم (لأصحابي هجرتهم ولا تردهم على أعقابهم) بترك هجرتهم ورجوعهم عن استقامتهم قال الزهري عن إبراهيم بن سعد: (لكن البائس) بالموحدة والهمزة بعدها سين مهملة ولم يهمزه في اليونينية بل بخفض الياء فقط الذي عليه أثر البؤس وهو شدّة الفقر والحاجة (سعد بن خولة) بفتح الخاء المعجمة وسكون الواو (يرثي) بفتح التحتية وسكون الراء وكسر المثلثة أي يتحزن ويتوجه (له رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إن توفي) أي لأجل وفاته ولأبي ذر: أن يتوفى (بمكة) التي هاجر منها وقوله: لكن البائس إلخ ليس بمرفوع بل مدرج من قول الزهري كما أفادته رواية أبي داود الطيالسي لهذا الحديث.
(وقال أحمد بن يونس): المذكور أعلاه فيما وصله المؤلّف في حجة الوداع كما بيناه قريبًا (وموسى) بن إسماعيل المنقري شيخ المؤلّف أيضًا فيما وصله في الدعوات (عن إبراهيم) بن سعد (أن تذر ورثتك) وهذا التعليق ثابت هنا في أكثر الأصول، ولغير أبي ذر بعد قوله يتكففون الناس لكن تعليق أحمد بن يونس فقط كما مرّ.
وأخرج الحديث المؤلّف في الجنائز.
٥٠ - باب كَيْفَ آخَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَيْنَ أَصْحَابِهِ؟
وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ: "آخَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَيْنِي وَبَيْنَ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ لَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ".
وَقَالَ أَبُو جُحَيْفَةَ: "آخَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَيْنَ سَلْمَانَ وَأَبِي الدَّرْدَاءِ".
هذا (باب) بالتنوين (كيف آخى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بين أصحابه) المهاجرين والأنصار.
(وقال عبد الرحمن بن عوف) -رضي الله عنه- مما وصله أوّل البيوع (آخى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بيني
وبين سعد بن الربيع) الأنصاري -رضي الله عنه- (لا قدمنا المدينة) من مكة مهاجرين. (وقال أبو جحيفة) بجيم مضمومة فحاء مهملة مفتوحة فتحتية ساكنة ففاء مفتوحة وهب بن عبد الله السوائي من صغار الصحابة -رضي الله عنه- (آخى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بين سلمان) الفارسي -رضي الله عنه- (و) بين (أبي الدرداء) وهذا وصله في باب من أقسم على أخيه ليفطر في التطوّع من كتاب الصيام.
٣٩٣٧ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ -رضي الله عنه- قَالَ: «قَدِمَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ فَآخَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ الأَنْصَارِيِّ، فَعَرَضَ عَلَيْهِ أَنْ يُنَاصِفَهُ أَهْلَهُ وَمَالَهُ، فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: بَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِي أَهْلِكَ وَمَالِكَ، دُلَّنِي عَلَى السُّوقِ. فَرَبِحَ شَيْئًا مِنْ أَقِطٍ وَسَمْنٍ، فَرَآهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَعْدَ أَيَّامٍ وَعَلَيْهِ وَضَرٌ مِنْ صُفْرَةٍ، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: مَهْيَمْ يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ؟ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً مِنَ الأَنْصَارِ، قَالَ: فَمَا سُقْتَ فِيهَا؟ فَقَالَ: وَزْنَ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ. فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ».
وبه قال: (حدّثنا محمد بن يوسف) البيكندي قال: (حدّثنا سفيان) بن عيينة (عن حميد) الطويل (عن أنس -رضي الله عنه-) أنه (قال: قدم عبد الرحمن بن عوف) -رضي الله عنه- زاد أبو ذر المدينة (فآخى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بينه وبين سعد بن الربيع الأنصاري) -رضي الله عنه- زاد في البيع وكان سعد ذا غنى (فعرض عليه أن يناصفه أهله وماله) وكان له زوجتان عمرة بنت حرام والأخرى لم تسم (فقال) له (عبد الرحمن: بارك الله لك في أهلك ومالك دلني) بضم الدال المهملة وتشديد اللام المفتوحة (على السوق) فدله عليه وذهب إليه (فربح) بفتح الراء وكسر الموحدة (شيئًا من إقط) لبن جامد معروف (وسمن) فأتى به (فرآه النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بعد أيام وعليه وضر) بفتح الواو والضاد المعجمة لطخ (من صفرة) من طيب أو خلوق يسير (فقال) له (النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-):
(مهيم) بفتح الميم الأولى وسكون الهاء وفتح التحتية وسكون الميم بعدها أي ما شأنك (يا عبد الرحمن قال: يا رسول الله تزوجت امرأة من الأنصار) بنت أبي الحيسر أنس بن رافع الأويسي ولم تسم (قال): (فما سقت فيها) أي فما أعطيت في مهرها (فقال): أعطيت (وزن نواة) بفتح النون من غير همز أي خمسة دراهم (من ذهب فقال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ