للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إنه كان منافقًا فروى أبو نعيم وابن مردويه من طريق الضحاك عن ابن عباس أنه نزل فيهم، ومنهم من يقول ائذن لي ولا تفتني فيحتمل أن الجد خال جابر من جهة مجازية وأن يكون هو الذي لامه على بيع الجمل لما اتهم به من النفاق بخلاف ثعلبة وعمرو، وقد ذكر أبو عمر في آخر ترجمة جد بن قيس أنه تاب وحسنت توبته (فأخبرته) أي خالي (بإعياء الجمل وبالذي كان من النبي ووكزه) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي وركزه (إياه فلما قدم النبي إليه بالجمل فأعطاني ثمن الجمل) وزادني (و) أعطاني (الجمل وسهمي) من الغنيمة بإسكان الهاء اسم مضاف إلى الياء مع نصبه عطفًا على المنصوب السابق وفي البرماوي كالكرماني ويروى وسهمني (مع القوم) بفتح الهاء والميم فعل اتصلت به نون الوقاية وضبطه في المصابيح كالتنقيح بتشديد الهاء، وهذا كما قال ابن الجزري من أحسن التكرم لأن من باع شيئًا فهو في الغالب محتاج لثمنه فإذا تعوّض الثمن بقي في قلبه من البيع أسف على فراقه فإذا ردّ عليه المبيع مع ثمنه ذهب أسفه وثبت فرجه وقضيت حاجته فكيف مع ما انضم إليه من الزيادة في الثمن.

١٩ - باب مَا يُنْهَى عَنْ إِضَاعَةِ الْمَالِ

وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ﴾ وَ ﴿إِنَّ اللهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ﴾، وَقَالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿أَصَلَوَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ﴾. وَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمْ﴾ وَالْحَجْرِ فِي ذَلِكَ وَمَا يُنْهَى عَنِ الْخِدَاعِ.

(باب ما ينهى) أي النهي (عن إضاعة المال) صرفه في غير وجهه أو في غير طاعة الله (وقول الله تعالى) في سورة البقرة (﴿والله لا يحب الفساد﴾) [البقرة: ٢٠٥] وعند النسفيّ مما ذكره في فتح الباري ﴿إن الله لا يحب الفساد﴾ ولعله سهو من الناسخ وإلاّ فالأول هو لفظ التنزيل (و) قوله تعالى في سورة يونس: (﴿إن الله لا يصلح عمل المفسدين﴾) [يونس: ٨١] لا يجعله ينفعهم وقال ابن حجر ولابن شبويه والنسفيّ: وإن الله لا يحب بدل لا يصلح وهذا سهو والأول هو التلاوة (وقال في قوله تعالى) في سورة هود (﴿أصلاتك تأمرك أن نترك﴾ أي بترك (﴿ما يعبد آباؤنا﴾) من الأصنام (﴿أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء﴾ [هود: ٨٧] من البخس والظلم ونقص المكيال والميزان وقد يتبادر إلى الأذهان عطف أن نفعل على أن نترك لأنه يرى أن والفعل مرتين وبينهما حرف العطف وذلك باطل لأنه لم يأمرهم أن يفعلوا في أموالهم ما يشاؤون وإنما هو عطف على ما فهو معمول للترك أي بترك

أن نفعل كذا في المغني لابن هشام، وتفسير البيضاوي وغيرهما. وقال زيد بن أسلم: كان مما ينهاهم شعيب عنه وعذبوا لأجله قطع الدنانير والدراهم وكانوا يقرضون من أطراف الصحاح لتفضل لهم القراضة. (وقال تعالى) في سورة النساء (﴿ولا تؤتوا السفهاء﴾) النساء والصبيان (﴿أموالكم﴾) [النساء: ٥] يقول لا تعمدوا إلى أموالكم التي خوّلكم الله وجعلها لكم معيشة فتعطونها إلى أزواجكم وبنيكم فيكونوا هم الذين يقومون عليكم ثم تنظروا إلى ما في أيديهم ولكن أمسكوا أموالكم وأنفقوا أنتم عليهم في كسوتهم ورزقهم.

وعن أبي أمامة مما رواه ابن أبي حاتم بسنده قال: قال رسول الله : "إن النساء السفهاء إلا التي أطاعت قيمها" وعنده أيضًا عن أبي هريرة ﴿ولا تؤتوا السفهاء أموالكم﴾ قال: الخدم وهم شياطين الإنس.

وعند ابن جرير عن أبي موسى: ثلاثة يدعون الله فلا يستجيب لهم: رجل كانت له امرأة سيئة الخلق فلم يطلقها، ورجل أعطى ماله سفيهًا وقد قال: ﴿ولا تؤتوا السفهاء أموالكم﴾، ورجل كان له دين على رجل فلم يشهد عليه.

وقال الطبري: الصواب عندنا أنها عامة في حق كل سفيه (والحجر في ذلك) بالجر عطفًا على إضاعة المال أي: والحجر في السفه.

والحجر في اللغة المنع وفي الشرع المنع من التصرفات المالية والأصل فيه ﴿وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح﴾ [النساء: ٦] الآية. وقوله تعالى: ﴿فإن كان الذي عليه الحق سفيهًا أو ضعيفًا﴾ [البقرة: ٢٨٢] الآية. وقال ابن كثير في تفسيره: ويؤخذ الحجر على السفهاء من هذه الآية يعني قوله تعالى: ﴿ولا تؤتوا السفهاء أموالكم﴾.

والحجر نوعان: نوع شرع لمصلحة الغير كالحجر على المفلس للغرماء والراهن للمرتهن في المرهون والمريض للورثة فى ثلثي ماله والعبد لسيده والمكاتب لسيده ولله تعالى والمرتد للمسلمين.

ونوع شرع لمصلحة المحجور عليه وهو ثلاثة:

<<  <  ج: ص:  >  >>