مدة من الزمان طويلة نسيها الراوي فعبر عنها بقوله ذكر دهرًا أي زمانًا طويلاً نسيت تحديده ففي ذكر على هذا ضمير يرجع إلى الراوي أي ذكر الراوي دهرًا نسي الذي روى عنه تحديده، وقيل في ذكر ضمير القميص أي بقي هذا القميص حتى ذكر دهرًا مجازًا. وقال الكرماني وفي بعضها ذكرت بلفظ المعروف أي بقيت حتى ذكرت دهرًا طويلاً وفي بعضها حتى ذكرت بلفظ المجهول أي حتى صارت مذكورة عند الناس لخروجها عن العادة اهـ.
وقال في المصابيح: والضمير في بقيت عائد على الخميصة فذكّر وأنّث باعتبارين إذ المراد بالقميص هو الخميصة وأحسن من هذا أن يعود ضمير المؤنث على أم خالد وضمير المذكر على القميص.
وهذا الحديث أخرجه البخاري أيضًا في اللباس والأدب وأخرجه أبو داود في اللباس.
٣٠٧٢ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ "أَنَّ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ أَخَذَ تَمْرَةً مِنْ تَمْرِ الصَّدَقَةِ فَجَعَلَهَا فِي فِيهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ بِالْفَارِسِيَّةِ: كِخْ، كِخْ، أَمَا تَعْرِفُ أَنَّا لَا نَأْكُلُ الصَّدَقَةَ"؟
وبه قال: (حدثنا محمد بن بشار) بفتح الموحدة والشين المعجمة المشددة بندار العبدي البصري قال: (حدّثنا غندر) محمد بن جعفر قال: (حدّثنا شعبة) بن الحجاج (عن محمد بن زياد) بكسر الزاي وتخفيف التحتية أبي الحرث القرشي البصري لا الألهاني (عن أبي هريرة ﵁ أن الحسن بن علي) ﵄ (أخذ تمرة من تمر الصدّقة فجعلها في فيه، فقال له النبي ﷺ: بالفارسية): (كخ كخ، أما تعرف أنا لا نأكل الصدقة)، بفتح الكاف وكسرها وسكون الخاء المعجمة وكسرها منوّنة فيهما كلمة يزجر بها الصبيان عن المستقذرات يقال له: كخ أي اتركها وارم بها وهي كلمة أعجمية عرّبت، ولذا أدخلها المؤلّف عليّ هذا الباب قاله الداودي. وقال ابن المنير: وجه مناسبته أنه ﷺ خاطبه بما يفهمه مما لا يتكلم به الرجل مع الرجل فهو كمخاطبة الأعجمي بما يفهمه من لغته، ومقصود البخاري من إدراج هذا الباب في الجهاد أن الكلام بالفارسية يحتاج إليه المسلمون لأجل رسل العجم، وسقط قوله بالفارسية في بعض الأصول وضبب عليها في الفرع كأصله، وهذا الحديث قد سبق في الزكاة.
١٨٩ - باب الْغُلُولِ، وَقَوْلِ اللَّهِ ﷿: ﴿وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ﴾ [آل عمران: ١٦١]
(باب) حرمة (الغلول) بضم الغين المعجمة واللام مطلق الخيانة أو في الفيء خاصة قال في المشارق كل خيانة غلول لكنه صار في عرف الشرع الخيانة في المغنم وزاد في النهاية قيل القسمة اهـ.
فإن كان الغلول مطلق الخيانة فهو أعمّ من السرقة وإن كان من المغنم خاصة فبينه وبينها عموم وخصوص من وجه، ونقل النووي الإجماع على أنه من الكبائر. (وقول الله تعالى): بالجر عطفًا على السابق ولأبي ذر: ﷿ بدل قوله تعالى: (﴿ومن يغلل يأت بما غل﴾) [آل عمران: ١٦١] وعيد شديد وتهديد أكيد تأتي في التفسير إن شاء الله تعالى مباحثه.
٣٠٧٣ - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ أَبِي حَيَّانَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو زُرْعَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو هُرَيْرَةَ ﵁ قَالَ: قَامَ فِينَا النَّبِيُّ ﷺ فَذَكَرَ الْغُلُولَ فَعَظَّمَهُ وَعَظَّمَ أَمْرَهُ، قَالَ: لَا أُلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى رَقَبَتِهِ فَرَسٌ لَهُ حَمْحَمَةٌ، يَقُولُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَغِثْنِي، فَأَقُولُ: لَا أَمْلِكُ لَكَ شَيْئًا، قَدْ أَبْلَغْتُكَ. وَعَلَى رَقَبَتِهِ بَعِيرٌ لَهُ رُغَاءٌ يَقُولُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَغِثْنِي، فَأَقُولُ: لَا أَمْلِكُ لَكَ شَيْئًا، قَدْ أَبْلَغْتُكَ. وَعَلَى رَقَبَتِهِ صَامِتٌ فَيَقُولُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَغِثْنِي، فَأَقُولُ: لَا أَمْلِكُ لَكَ شَيْئًا، قَدْ أَبْلَغْتُكَ. أَوْ عَلَى رَقَبَتِهِ رِقَاعٌ تَخْفِقُ، فَيَقُولُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَغِثْنِي، فَأَقُولُ: لَا أَمْلِكُ لَكَ شَيْئًا قَدْ أَبْلَغْتُكَ". وَقَالَ أَيُّوبُ عَنْ أَبِي حَيَّانَ "فَرَسٌ لَهُ حَمْحَمَة".
وبه قال: (حدّثنا مسدد) هو ابن مسرهد قال: (حدّثنا يحيى) القطان (عن أبي حيان) بفتح الحاء المهملة وتشديد التحتية يحيى بن سعيد التيمي أنه (قال: حدّثني) بالإفراد (أبو زرعة) هرم بن عمرو بن جرير البجلي الكوفي (قال: حدّثني) بالإفراد أيضًا (أبو هريرة ﵁ قال: قام فينا النبي ﷺ فذكر الغلول) وهو الخيانة في المغنم كما مر (فعظمه وعظم أمره قال): ولأبي الوقت فقال:
(لا ألقين أحدكم) بفتح الهمزة والقاف من اللقاء ولأبي ذر عن الكشميهني: لا ألفين بفتح الهمزة والفاء وبضم الهمزة وكسر الفاء من الإلفاء وهو الوجدان وهو بلفظ النفي المؤكد بالنون والمراد به النهي وهو مثل قولهم: لا أرينك هاهنا وهو مما أقيم فيه المسبب مقام السبب والأصل لا تكن هاهنا فأراك، وتقديره في الحديث لا يغل أحدكم فألفية أي أجده (يوم القيامة على رقبته شاة لها ثناء) بمثلثة مضمومة فغين معجمة مخففة فألف ممدودة صوت الشاة، وقول ابن المنير: وما أظن أهل السياسة فهموا تجريس السارق وعملته على رقبته ونحو هذا إلا من هذا الحديث، تعقبه في المصابيح بانه لا يلزم من وقوع ذلك في الدار الآخرة جواز فعله في الدنيا لتباين الداريز وعدم استواء المنزلتين (على رقبته فرس له حمحمة) بفتح الحاءين المهملتين بينهما ميم ساكنة وبعد الأخيرة ميم أخرى مفتوحة صوت الفرس إذا